مرحلة حرجة يمرّ فيها الاقتصاد اللبناني، إذ تشتكي المصانع من المضاربات في السوق، بسبب الاستيراد العشوائي. صحيح أن لبنان لم يدخل بعد مرحلة الموت السريري اقتصادياً، لكن الخشية من أن يتجاوز الخط الأحمر فيصبح الوضع بحاجة إلى يد إلهية كي تنقذ الأسواق اللبنانية من الغرق في بحر المنتجات الأجنبية. كلّ هذه الأمور تحدّثنا عنها مع وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن في هذا اللقاء.
كيف أثر النزوح السوري في الاقتصاد اللبناني؟
لابدّ من معالجة ملف النزوح السوري في لبنان بشكل علمي ومدروس، من دون عنصرية، بل من خلال إدراك أن هذا النزوح أثر بشكل كبير في السوريين واللبنانيين معاً، وأثر اقتصادياً واجتماعياً في اللبنانيين، وبالتالي فإن هذا الملف يحتاج إلى معالجة، ويتطلب منّا مطالبة الدول المانحة بأن تتحمل مسؤوليتها وألا تكتفي بالمديح للبنان، على أنه دولة حضارية استقبلت النازحين السوريين بأعداد كبيرة تفوق طاقة البلد، فكيف نحوّل هذا المديح إلى إمكانات اقتصادية على مستوى البنى التحتية من طرق، ماء، كهرباء، صرف صحي، تعليم ومدارس وسوى ذلك، أو على المستوى الاقتصادي، حيث إن هذا النزوح قد تسبب بمنافسة بين اليد العاملة السورية واللبنانية، وبالتالي فإنه أدى إلى اضطراب على مستوى الوضع الاقتصادي العام.
ما هو المشروع الذي تقومون به بالتنسيق مع وزارة الصحة لدعم الصناعة المحلية للأدوية ؟
قام كلّ من وزارتي الصحة والصناعة بحملة لدعم صناعة الدواء اللبنانية. وتقوم الفكرة على مبدأ بسيط. فالسوق المحلي يستهلك أدوية بما يقدّر بـ مليار و300 مليون دولار، منها أدوية بمليار و200 مليون يتمّ استيرادها، في وقت لا يبقى للصناعة المحلية غير 100 مليون دولار فقط. تستند الحملة إلى مبدأ رفع حصة الدواء اللبناني في السوق المحلي، في الوقت الذي ينبغي التخفيف من عملية الاستيراد، تعزيزاً للميزان التجاري. فنحن نستورد من 80 دولة بينما لا نستطيع أن نصدّر إلاّ إلى خمس دول.
كيف ستقومون بتطوير السياسة الدوائية بما يخفّض الاستيراد؟
الموضوع بكلّ بساطة يرتبط بتخفيض كمية الدواء المستورد وعبر التشديد على تسجيل الأدوية المستوردة، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تحفيز استهلاك الدواء المحلي، إلى جانب اتباع سياسة المعاملة بالمثل. فالدول، التي لا تقوم بتسجيل الدواء اللبناني لديها، عليها أن تتلقى معاملة مماثلة.
كيف ستساعدون أصحاب المصانع للاستمرار في ظلّ هذه الأوضاع الاقتصادية؟
سنبحث عن أسواق جديدة، وسنعمل على التخفيف من الاستيراد، في الوقت الذي نحفّز المواطنين على استهلاك الدواء المحلي.
هل هناك اتفاقيات جديدة مع بلدان أخرى في ما يتعلق بموضوع الدواء؟
للأسف، لا يوجد شيء جديد.
ما هي الأفكار التي تمّت مناقشتها مع الحكومة لنهوض لبنان اقتصادياً؟
من أهمّ النقاط التي يجب التركيز عليها هي زيادة حجم الاقتصاد، تحفيز النموّ، زيادة الاستهلاك من الإنتاج المحلي، تخفيض الواردات وزيادة الصادرات. هذه الأمور كلها تساعد على نهوض لبنان اقتصادياً.
هل من نفقات مخصّصة لدعم الصناعات الجديدة؟
أنا شخصياً أرى أنه من الأفضل تأمين دعم الحماية من الاستيراد، وبذلك نتمكّن من حماية المصانع الصغيرة والكبيرة، وهذا ما نقوم به.
كيف سيتمّ تفعيل هذه الخطة؟
لقد بدأنا بحماية الدواء، الألمنيوم، الحديد والزيت. لكن التحديات الاقتصادية كبيرة جداً، واليوم لدينا قرارات بحماية الحجارة وقوارير الغاز.
ما هي الصناعات التي تعاني من المشاكل في لبنان؟
هناك الكثير، والأسباب متنوّعة، فمنها ارتفاع أسعار العملات في دول الجوار، الأزمات الاقتصادية محلياً وعالمياً، ما تشهده المنطقة من حروب والتجار الذين يستوردون. فنتيجة انهيار الأسعار والعملات في الدول المحيطة بلبنان، يكون هناك انخفاض في تكلفة الإنتاج، في الوقت الذي يعاني لبنان من تكلفة صناعية مرتفعة، كما من الاستيراد الذي أغرق السوق. نحن اليوم نتابع حملة الحماية، وشملنا الألبان، الأجبان، الدواجن، الحجارة والمجوهرات.
هل من صناعات تخشون زوالها؟
حالياً، لا يوجد تخوّف كهذا. فالصناعيون صامدون، ومع ذلك الاحتمال وارد، إذا استمرّت الأمور على ما هي عليه.
برأيكم، هل يعاني القطاع الصناعي اللبناني من التنوّع العشوائي؟
لا يوجد تنوّع عشوائي، بل القطاع الصناعي يعاني من الإغراق الأجنبي الذي قد يؤدّي إلى الغرق.
ما هو رأيكم بخطوة إنجاز قانون الانتخابات؟
إقرار القانون بحد ذاته إنجاز. صحيح أننا كنّا نطمح الى أن يكون لبنان دائرة واحدة أو 6 دوائر لكن إدخال النسبية في القانون هو إنجاز حتى لو كان على 15 دائرة، ما يعني أن تنافس اثنين أو ثلاثة في أي دائرة من الدوائر، وفق العدد النسبي لعدد المقترعين يمكن أن يحصلوا على مقاعد وفق الحاصل الانتخابي لعدد المقترعين. والنظام الأكثري نسبة %45 من عدد المقترعين لا تخول الحصول على أي مقعد، وهذا ليس بعدل. القانون الجديد يؤسس لمرحلة سياسية جديدة فيها تطوير، وإن لم يكن بالمقدار الذي نطمح إليه.الحجة التي كانت في السابق، بأن الأولوية هي لإقرار قانون الانتخاب، قد انتهت مع إقفال هذا الملف والتمديد الذي أقر لمدة 11 شهراً لمجلس النواب، وعلى الحكومة اللبنانية أن تبادر، من الآن وحتى الموعد الذي ستجري فيه الانتخابات النيابية عام 2018، إلى التصدّي بشكل حازم للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في لبنان، لا سيما وأن نسبة البطالة قد ارتفعت اليوم بشكل كبير، خصوصاً بين الشباب، وهناك أوضاع اقتصادية صعبة تضرب كل القطاعات، سواء الصناعة، التجارة، السياحة أو الزراعة، كما أن هناك تراجعاً في مداخيل الناس وازدياداً في حاجاتهم. البلد يعاني أزمة حقيقية.
ما هي الخطوات الواجب القيام بها بعد إقرار قانون الانتخابات؟
المطلوب من الحكومة، ونحن جزء منها، التوجه لمعالجة قضايا الناس الملحّة، من الوضع الاقتصادي إلى البطالة، الكهرباء، المياه، وضع الطرقات، معالجة النفايات الصلبة، مشكلة الصرف الصحي والمياه المبتذلة.
تعليقات الزوار