إصلاح القطاع خلّف الكثير من الأعداء لي
شبكة "الفايبر أوبتك" ستحلّ مشكلة الانترنت في كل لبنان
هناك حمل كبير ألقِي على عاتق مدير عام هيئة أوجيرو
يُعدّ قطاع الاتصالات في لبنان مورداً أساسياً للخزينة، فهو من أهمّ القطاعات المؤثرة في تطوّر المجتمعات والدول، ويُعتبر النبض الحيّ للاقتصاد والنمو والتطوّر. إلاّ أنّ مواكبة هذا التطوّر العملاق تُلقي مسؤوليات جسيمة على عاتق وزارة الاتصالات وعلى رأسها الوزير جمال الجرّاح الذي أبدى الحماسة والاندفاع لإنقاذ هذا القطاع بما يعيده إلى موقعه المتقدّم في العالم العربي لمواكبة كل جديد في عالم الاتصالات وتقنية المعلومات. الوزير الجرّاح تحدّث في هذه المقابلة عن ثورته ضدّ الفساد الذي كان مستشرياً في العهد السابق، وأطلعنا على أبرز المشاريع التي ستبصر النور خلال عام 2018.
شُبّهت أعمال وزارة الاتصالات بـ "الثورة الناعمة" لتحويل لبنان إلى دولة رقمية في خدمة المواطن والاقتصاد، كيف تمّ تحقيق هذا الأمر؟
هناك إجماع شبه تام بأن قطاع الاتصالات من القطاعات المهمّة جداً في تنمية الاقتصاد الوطني، ونحن اليوم في عصر اعتماد الناس بشكل جذري على الاتصالات، التواصل والبيانات وكذلك الأمر بالنسبة للمجتمع، الشركات، الاقتصاد، الدوائر والحكومات، فبدون اتصالات جيدة لن يكون هناك نمو اقتصادي جيد، حيث يمكن لهذا القطاع المساهمة بـ %2 نمو في السنة إذا تمّ تطويره. مع الأسف، استلمنا الوزارة وبإمكاني القول إنها كانت مهملة لسنوات والشبكات سيئة رغم الأموال الطائلة التي صُرِفت لصيانتها، ربما كان هناك قرار لإبقاء هذه الوزارة بحالة متدهورة، والسبب برأيي الرغبة في خدمة الانترنت غير الشرعي. جميعنا نعلم أن ضعف الانترنت دفع بعض الشركات لمغادرة لبنان، علماً أنه كان بالإمكان تزويد الشركات الموزعة للانترنت بقدرات أكبر وموجودة في الوزارة لكنها للأسف كانت مخفية ويتمّ نكرانها، كذلك كان هناك قرار بعدم استلام شبكة "الفايبر أوبتك" حيث بقيت 3 سنوات مجمّدة. منذ الأسبوع الأول لتولينا مهام الوزارة تمّ استلام الشبكة بعد التأكّد من الحاجة الماسة لها، واليوم ننتقل إلى مرحلةG4. كما اكتشفنا لاحقاً أن هناك 100 ألف طلب لخط هاتف ثابت، لم تكن الدولة قادرة على تلبيته لأن كافة السنترالات ممتلئة، وبالرغم من الإيرادات الضخمة للدولة، لم تخضع هذه السنترالات لأي عملية صيانة منذ تركيبها في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 1994 حتى 2017. الإدارة لديها 3 دفاتر شروط جاهزة لإطلاق مناقصة لتوسعة السنترالات وتحديثها، ومؤخراً قمنا بتلزيم 100 خط إضافي وفق أحدث تكنولوجيا وعمدنا إلى تغيير جميع السنترالات على تقنيةIMS بتكلفة 12 مليون دولار، علماً أن كل خط يعود على الوزارة بـ 50 دولاراً شهرياً أي ما يقارب 60 مليون دولار بالسنة للـ 100 خط.
ما هي أيضاً الإنجازات التي قمت بها منذ استلامك مهام وزارة الاتصالات؟
نعمل بالتعاون مع هيئة أوجيرو على الصيانة المكثفة للشبكات، كما قمنا بتلزيم المرحلة السابعة من الشبكات لتصل إلى مناطق عمرانية جديدة داخل المدن والبلدات. كذلك قمنا بتلزيم نظام جديد للفوترة بـ 20 مليون دولار ونعمل على إدارته وسيستغرق هذا الأمر 9 أشهر تقريباً حتى تصبح الفواتير مفصّلة ودقيقة وبشكل أوتوماتيكي، فمنذ عام 1994 لم يتمّ تحديثه وكان يشوبه الكثير من الأخطاء، إضافة لما ذكرته سابقاً.
قمت بتحجيم السرقات، الفساد والهدر، ألهذا السبب تشنّ ضدّك الحروب؟
الجو العام فوضوي فهناك إذاعات تبثّ دون ترخيص وتستعمل موجات تابعة للدولة إلاّ أننا قمنا بعملية تنظيم لهذا الأمر. بشكل عام، إصلاح القطاع خلّف الكثير من الأعداء من أصحاب القوة المالية والعلاقات الإعلامية، إلاّ أنه لن يوقف عزيمتي وسأتابع عملي بضمير حيّ، فما أقوم به ضمن قطاع الاتصالات أكبر ردّ على جميع المخالفين والفاسدين، ولا يمكن لأحد اليوم التحدّث عن ليرة فساد واحدة ضمن الوزارة. هدف هذا الهجوم الابتزاز، وأنا أشدّد سيأتي وقت سأسمّي به الأشخاص الذين قاموا بابتزازي. جميع محاولات الإعاقة تمّ تجاوزها وحصلنا على اعتماد 300 مليون دولار على 4 سنوات لشبكة "الفايبر أوبتك" وهي خلاص لبنان بموضوع الانترنت والاتصالات، وخاصة أنهم يتحدّثون عن حكومة الكترونية. بمجرد البدء بمشروع "الفايبر أوبتك" ستحلّ مشكلة الانترنت في كل لبنان.
أخبرنا عن أهمية الصندوق الاستثماري لدعم الشركات الناشئة والمتوسطة؟
ظهرت الفكرة نتيجة وجود جيل جديد من الطلاب خريجي الاتصالات وهم من أروع ما يكون، والدليل حصول الفريقين اللبنانيين على المرتبة الأولى في المباريات العالمية التي أقيمت في الصين وضمّت 105 دول. لذا، قرّرنا الوقوف إلى جانبهم ودعمهم. فهذا الصندوق سيدعم مادياً أي شركة ناشئة ويدرب كادرها وكذلك سنعمل على تسويق منتجات الشركة وبيعها.
أين أصبح المشروع المخصّص لطلاب الجامعات عبر تقديم كلفة منخفضة للانترنت؟
قمنا بإنشاءStudent Package بـ 15 دولاراً يحصلون من خلالها علىG5 مع 120SMS و120 دقيقة اتصال. هذه الخدمة وصلت لحوالي 200 ألف طالب تقريباً.
هل تمّ تخفيض أسعار الانترنت؟
قمنا بتخفيض الأسعار %300. فبعد الضريبة ارتفع الاستهلاك ولكن انخفضت الأسعار، فمثلاً: سعر خط انترنت الدولة كان يباع بـ240 دولاراً، أما اليوم فيباع بـ100 دولار. وانخفاض الأسعار أثّر قليلاً على دخل الدولة ولكن سهّل أمور الناس.
ما هو تأثير انخفاض الأسعار على تطوّر عمل الشبكات؟
تخفيض الأسعار يستتبع زيادة الاستهلاك وبالتالي زيادة الضغط على الشبكة، لذا نقوم بثلاثة أمور معاً وهي: صيانة الشبكات الحالية، توسيعها والعمل على مشروع "الفايبر أوبتك".
أين تتجه العقود مع شركتي الخليوي في لبنان، وهل ستبقى محصورة في التشغيل والإدارة دون التطوير؟
رفعتُ لمجلس الوزراء منذ أكثر من 6 أشهر مشروع عقد جديد مع الشركات، والتغيير الذي يتضمّنه المشروع الجديد مع بعض التحسينات يكمن في أن تكون المصاريف التشغيلية على حساب المشغل والاستثمارية على حساب الدولة. في الوقت الحاضر، نحن نحاول أن تكون جميع المصاريف التشغيلية على حساب الجهة التي ستدير الشركة بالتالي ستكون التكاليف منخفضة.
هل تمّ تنظيم سوق الخليوي وضبط المخالفات فيه؟
قمنا بضبط جزئي فيه، إلاّ أنّ العاملين في هذا السوق يتصرّفون بطريقة غير مسؤولة، فمثلاً تبيع الوزارة 400 ألف خط سنوياً، ويقبض الموزعون "عمولة" على كل رقم، وفي نهاية العام لا يبقى على الشبكة سوى 40 ألف خط، لذا قمنا بفصل خطوط الهاتف عن خطوط تعبئة الرصيد، وهذا ما دفعنا لإنشاء خط بـ3 دولارات و30 سنتاً.
هل تخضع الأرقام المميزة لإجراءات جديدة؟
نعمل لإيقاف تجارة الخطوط، ففي البداية كان هناك مزاد يُباع بأكمله بـ 200 ألف دولار على سبيل المثال ليقوم بعدها ببيع الأرقام بمليون دولار. اليوم، أصبح لكل خط سعر محدّد ولائحة الأسعار واضحة على طلبات الشراء فعندما يقوم العميل بتعبئة الطلب يكون السعر مسجّلاً، وهذه الأرقام لا يمكن بيعها قبل سنة من شرائها.
ما هو رأيك بعمل هيئة أوجيرو اليوم؟ وهل أنت راضِ عن أداء المدير الجديد؟
تمتلك هيئة أوجيرو ميراثاً ضخماً على مدى 10 سنوات وخلال هذه المدة أصبح هناك ترهّل فيها، والإدارة السابقة والفاسدة خلقت داخل هيئة أوجيرو جواً غير سليم، ولكن اليوم تقوم الإدارة الجديدة ممثلة بمديرها عماد كريدية بالعمل على الخروج من هذا الجو الفاسد وتحفيز الموظفين للعمل والقيام بإصلاحات إدارية وتقنية، يذكر أن جميع المشاريع سالفة الذكر نقوم بها بالتعاون مع الهيئة. كما أن هناك حملاً كبيراً ألقِي على عاتق المدير العام ونحن نعلم بأن الأمور لن تُحلّ بين ليلة وضحاها لكنني دائماً أكون قاسياً لاختصار الوقت ولمصلحة الجميع. اليوم، باتت المشاكل أقل ممّا كانت عليه سابقاً وكذلك نسبة الشكاوى، وذلك دليل على أن هيئة أوجيرو تقوم بعملها على أكمل وجه.
لماذا لا يتمّ فضح السرقات والهدر الحاصل في الوزارة؟
هذه الملفات موجودة في ديوان المحاسبة ويتمّ الحديث عنها، فمثلاً هناك شاحنات ثمنها 800 ألف دولار ومركونة تحت أشعة الشمس في مستودع الدكوانة، وما ذكرته عبارة عن عيّنة بسيطة عمّا كان يحصل سابقاً. هناك عقد بين قبرص ولبنان بـ 40 مليون دولار تمّ شراءGB60 من "مرسيليا" الى قبرص وGB50 من قبرص إلى لبنان، اليوم جمال الجرّاح حوّل الـ 60 إلى 600 والـ 50 إلى 500 بدون أي تكلفة إضافية، وهذا دليل بأن حق الدولة كان مهدوراً.
متى ستصبح تكلفة الانترنت في لبنان معقولة؟
يجب أولاً العمل على البنى التحتية فهناك إنفاقات مرتفعة جداً ناجمة عن صيانة الشبكات وإنشاء أخرى جديدة. الوزارة لديها إنفاق حوالي 200 مليون دولار على شبكة 3G، لذا علينا وضع 940 برجاً إضافياً في لبنان، بما يؤمّن تغطية شاملة لكافة المناطق اللبنانية.
لديك خلفية مهنية جيدة في مجال الاقتصاد والمصارف، كيف وظّفتها في عملك اليوم؟
عندما دخلت أبواب الوزارة لم يكن لدي المعرفة الكافية عن الاتصالات، لكن للأمانة يوجد ضمن الوزارة فريق عمل كفوء ولديه الخبرة الجيدة إلاّ أنهم كانوا ممنوعين من العمل، ففي السابق كانت الإدارة محصورة في شخص واحد اسمه عبد المنعم يوسف، أما اليوم فقد أصبح الجميع يشاركون في صنع القرار.
ماذا تردّ على ما قيل بخصوص موضوع الفساد في الوزارة؟
سمعت ما تمّ تداوله في الإعلام عن ملفات الفساد، وأعتقد أنهم يتحدّثون عن الانترنت غير الشرعي، أمّا إذا كانوا يتحدثون عن غير ذلك فبإمكانهم التفسير والتوضيح لنا مع تقديم البراهين والإثباتات. وأنا لن أهدر وقتي في الاستماع إلى هذه الأقاويل التي تلهيني عن إتمام مهامي.
ما مدى دعم رئيس مجلس الوزراء في تطوير قطاع الاتصالات؟
لا يمكن لأحد أن يوقفنا عن مشروع تطوير القطاع وتحسين الشبكات والسنترالات فلدينا الضوء الأخضر والإرادة لإتمام ما بدأه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومع الرئيس سعد الحريري سنصل إلى أقصى درجة ممكنة وهذا التزام مني أمامه.
تعليقات الزوار