هو مجرّد إشعاع خفيّ يخترق الفؤاد من فوهة الإعجاب والإنجذاب، متوغلاً حتى الصميم فينمو كما الطحالب على رصيف بحيرة هادئة، تسبح فيها مشاعرنا وأحاسيسنا ليصبح بفضل عنصر اللهفة والإشتياق حبّاً.
هذا الإحساس السامي هو بيضة الميزان في حياتنا وإشارة المرور الخضراء في سلوكياتنا، هو احتياجات ضرورية لتغذية الروح والجسد والعقل ومحور تطلعاتنا المستقبلية. تولد من مفاعيله سمات المحبة والإيمان، فالله محبة كما جاء في الكتب السماوية وتتفرّع من جذوره أغصان مورقة بالنجاح والتآخي، بالعشق واللوعة، باللقاء والفراق....
الحب ليس شعاراً أو مقالاً نكتبه أو نقرأه، بل هو حالة من التخبّط النفسي ما بين القلب ونبضاته والعقل وأحكامه، هو حركة دؤوبة من الموج فيه مدّ وجزر هدوء وعاصفة. ثبت علمياً بأنّ منسوب العاطفة عند الأنثى أقلّ بكثير ممّا عند الرجل العاشق، خصوصاً وأنها تستطيع بفضل ذكائها ضبط ميزانية الحب وفق مصالحها ومنافعها، أمّا الأنثى المعدومة العافية فتتعرّى من نعمة الذكاء وتكشف أوراقها على الملأ. تحتاج إلى دروس خصوصية في الحب، لأن هذه المشاعر هي ضوابط أساسية في سلوكياتنا وملجأ لخلاصنا من ضغوطات الحياة ومشاكلها.
"أحبك" كلمة ليست في قاموس الصرف المالي في هذا الزمن، خصوصاً وأنّ خريطة الحياة الإجتماعية تغيّرت عن الماضي الجميل بعفويته، صدقه، رومانسيته وأشياء أخرى.
هي كلمة ربط في العلاقة الطبيعية بين رجل وإمرأة يتشاركان على مواجهة مصاعب الحياة، مع توابل إجتماعية ووجاهية، فالحب الذي قرأنا عنه أو عايشه أجدادنا بات مجرد مادة مؤرشفة تغذي روحنا، تبهج نفوسنا، لكنها لا تفيدنا حتى في الوقت الضائع، نحن اليوم أبناء العواطف الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي، نستطيع بكبسة زر أن ندون خواطرنا على الشاشة، بلا خجل، عكس زمن العواطف الشتائية المنطوية على نفسها، المخطوطة على أوراق لرسائل معطرة،معقوصة على ورد أحمر. نحن اليوم نعيش زمن الاستهلاك بكل مرافئه، ميادينه و حتى سفنه...
لو ... وهذه أمنية يتوقف الزمن لحظة، تهتز موازين الإتجاهات ويستعيد الحب مجده الضائع، تنبت عواطفنا ربيعاً "أخضر" كموج في ضلوعه السنابل الخضراء وتشرق شمسه الدافئة على القلوب... لكان
الزمان أجمل، خالياً من مخاوف الإرهاب، من سهام القلق وهواجس الإنتظارات الموحشة، لكان الزمان قبلة تفاؤل على خد الإنسانية. قيل :"بالحب تبنى النفوس وتسمو" وهل هنالك أجمل من نبض قلب يحب...؟!
تعليقات الزوار