تندرج شركة "أي بي تي" ضمن لائحة الشركات النفطية الرائدة في مجال النفط، فلديها انتشار واسع يشمل مختلف المناطق اللبنانية، وتسعى إلى تحقيق مشاريعها تبعاً لاستراتيجية الشركة التي تتمحور حول اعتماد حلول تكنولوجية جديدة، فضلاً عن التزامها معايير السلامة البيئية والجودة في منشآتها كافة، والفضل يعود إلى د. طوني عيسى،الذي تخصّص في الحقوق في جامعة القديس يوسف ـ بيروت عام 1990، ونال دبلوم دراسات عليا في القانون الخاص من الجامعة اللبنانية عام 1995، وحاز دكتوراه دولة في القانون الخاص من الجامعة اللبنانية عام 2000، بالإضافة إلى ماجستير تنفيذي في إدارة الأعمال والطاقة من جامعةHEC باريس عام 2014. إلى ذلك، هو محامٍ في الاستئناف في نقابة بيروت، حيث كان رئيس لجنة الطاقة والمياه فيه عام 2011،ونائب رئيس مجلس الإدارة في مجموعة "أي بي تي غروب"، ورئيس كل من مركز "أي بي تي" للطاقة ومؤسسة ميشال عيسى للتنمية المحلية. هذه الخلفية الغنية خوّلته الارتقاء بالشركة إلى أعلى المستويات، فكان لا بُدّ من أن نسأله رأيه في بعض الأمور التي لها علاقة بالنفط ووضع المنشآت النفطية في طرابلس والزهراني، وعن مشروعه الجديد لبناء مصنع تجريبي مخصّص لإنتاج الديزل البيولوجي من زيت القلي المُستعمل.
هل ساعدتك مهنة المحاماة في عملك بمجال النفط؟
بالتأكيد، لأنّ اختصاص الحقوق هو بحدّ ذاته مفيد للعمل في أيّ مجال، خصوصاً في مجال الأعمال. من الحقوق والمحاماة نستمدّ المنطق، الحسّ السليم، حسن التخطيط والتنظيم. ولعلّ أهمّ ما ساعدني وكانت له نتائج إيجابية كبيرة هو اتكالي على الحسّ القانوني لديّ في اتخاذ القرارات ذات الطابع التجاري لتجنّب الإشكالات والخلافات ومحاولة عدم الوقوع فيها من الأساس.
أخبرنا عن مهمّات الشركة، وما هي الخدمات التي تقدّمها؟
"أي بي تي" شركة نفطية لبنانية، أسّسها والدي ميشال عيسى منذ نحو 30 عاماً في عمشيت.تستورد وتخزّن وتنقل وتبيع المواد النفطية لمئات المحطات في كل لبنان، كما تملك وتدير مباشرة ما يناهز الأربعين محطة، وتحوز حصة وازنة في السوق المحلي من البنزين والمازوت والغاز والزيوت وغيرها.
ما الذي يميّز شركة "أي بي تي" من باقي الشركات؟
ما يميّزنا من باقي الشركات هي استراتيجيتنا التجارية في التمايز، والتي تهدف إلى التوسّع والتطوّر وتحسين نوعية ومستوى السلع والخدمات التي تقدّمها إلى زبائنها بأعلى المعايير المحلية والعالمية، ثم بحثنا المستمرّ عن تأمين احتياجاتهم، آخذين في الحسبان المصلحة العامة في عمل شركتنا التجاري لتحقيق التوازن بين الإنسان والبيئة والربح، وذلك انطلاقاً من إيماننا بدور مؤسسات القطاع الخاص في تنمية المجتمع والمحافظة على البيئة. من هنا، كان تأسيس مركز "أي بي تي" للطاقة في عام 2012، في سابقة هي الأولى من نوعها في لبنان، وهو مركز علمي وبحثي متخصّص يعمل في مجال الأبحاث والدراسات حول قطاعات الطاقة والنفط والغاز، في الوقت الذي يحقّق المسؤولية الاجتماعية لشركة "أي بي تي" عبر القيام بأنشطة وبرامج مختلفة لتنمية المعرفة والتوعية والإرشاد حول كفاءة الطاقة وترشيد استخداماتها، كما يعمل حول تخفيف التلوّث البيئي الناتج من استخدام مصادر الطاقة، بما في ذلك تشجيع حلول الطاقة النظيفة والبديلة والمتجدّدة.
أطلقتم مؤخراً مشروعاً جديداً حول "بناء مصنع تجريبي لإنتاج الديزل البيولوجي من زيت القلي المستعمل". أخبرنا عن أهمية هذا المشروع، وهل سيُضاف إلى مصادر الطاقة المعتمدة في لبنان؟
بالفعل، وقّع مركز "أي بي تي" للطاقة مذكّرة تفاهم مع جامعة الروح القدس في الكسليك حول "بناء مصنع تجريبي لإنتاج الديزل البيولوجي من زيت القلي المستعمل"، وذلك بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإنشاء المصنع في الجامعة لإنتاج الديزل البيولوجي من خلال جمع زيت القلي المستعمل وإعادة تدويره، على أن يصار إلى تقاسم الإنتاج بين الجامعة ومركز "أي بي تي" للطاقة، إذ يُمزج الديزل البيولوجي مع الديزل الأخضر بنسبة حوالى 10 إلى 15% بهدف استعماله في مولدات الكهرباء في الجامعة، في حين تخصّص شركة "أي بي تي" النفطية بعض محطاتها من أجل بيع هذه المادة مباشرة.يُقدّم هذا المشروع إطاراً نموذجياً ومتقدّماً حول نسج العلاقات التكاملية والتشاركية بين القطاع الأكاديمي والعلمي والبحثي، وبين القطاع الخاص وسوق العمل. هذه الشراكة تتعدّى حدود التعاون العلمي والبحثي، لأنها لا تكتفي بهذا القدر، بل تنطلق من البحث العلمي، وتأخذه مباشرة نحو مشروع عملي وتنفيذي منتج ومفيد في كل الاتجاهات والنواحي العلمية والعملية والتثقيفية.سترافق المشروع حملات توعية واسعة وحوافز عدة لتشجيع المشاركة. وستُتّبع معايير الجودة في المراحل كافة، كما سيقوم المنظّمون بالعمل مع الجهات الوزارية والرسمية المختصة للتوصّل إلى إقرار اعتماد مادة الديزل البيولوجي رسمياً في لبنان، كواحدة من مصادر الطاقة النظيفة والبديلة والمتجددة، وتشجيع استخداماتها وتعميمها في كل القطاعات كمصدر بديل للطاقة أقل تلويثاً من المازوت النفطي.
هل ما زلتم تتابعون توصيات الحملة الوطنية التي قمتم بها للحدّ من آثار النقل البري على البيئة؟
مشروع الديزل البيولوجي هو واحد من توصيات الحملة الوطنية التي أطلقناها في عام 2012 بهدف خفض تلوث الهواء، عبر ترشيد استخدام الطاقة في قطاع النقل البري، بدعم من وزارة البيئة، الأسكوا، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقد التزمنا العمل على تنفيذ كل التوصيات التي صدرت عن هذه الحملة. وهذا ما نقوم به مع شركاء لنا كثر في القطاعين العام والخاص ومع المنظّمات الدولية. على صعيد تحسين نوعية الوقود، أطلقنا "كوانتم" Quantum، وهو بنزين 98 و95 أوكتان بتركيبة عصرية صديقة للبيئة، تمزج ما بين الوقود العالي الجودة ومادة إضافية عالية الكفاءة، طوّرتها شركة توتال المتخصصة في هذا المجال. وقد نشرنا العديد من الدراسات العلمية التي تظهر بالأرقام معدلات التلوث المتأتي من قطاع النقل وسبل الحدّ منه. كذلك أطلقنا مشروع جوائز الوعي حول الطاقة لتشجيع ومكافأة المشاريع المنفذة في لبنان على صعيد حفظ الطاقة واستدامتها، كما بدأنا تباعاً بتحويل محطات "أي بي تي" إلى محطات خضراء وصديقة للبيئة، استناداًإلى دراسة قدّمتها لنا بهذا الخصوص مؤسسة التمويل الدولية IFC. ونستعد لتجهيز عدد من المحطات بمراكز لشحن بطاريات السيارات العاملة على الكهرباء، وغيرها من المشاريع والبرامج قيد التحضير، والتي تصبّ في هذا الاتجاه.
هل حصلتم على شهادة "الأيزو"؟
حازت "أي بي تي" على شهادة الأيزو 9001: 2008 في عام 2013 بفضل التزامها الدقيق بتطبيق أعلى المعايير الدولية في نظام إدارة الجودة. وهذا التصنيف العالمي في الجودة الذي حصلنا عليه إنجاز يؤكّد متانة وتكامل النظام الإداري الداخلي في الشركة، ويحفز التطلعات نحو تحقيق المزيد من الإنجازات. فهذه الشهادة هي ضمانة لزبائننا، وخير دليل على التطور الحاصل في شركتنا من ناحية إدارة التحديات الداخلية والتزامنا بمعايير الجودة المحلية والعالمية، وإظهار حرصنا الدائم على التحسين والتطوير المستمر في مستويات وآليات تقديم منتجاتنا وخدماتنا للمتعاملين معنا كافة. وتقوم "أي بي تي" هذه السنةبإجراء التغييرات والتحديثات المتعلقة بالإصدار الجديد لأيزو 9001: 2015.
كيف يتمّ فحص المشتقات النفطية المستوردة للتأكّد من مطابقتها للمواصفات اللبنانية؟
إن استيراد المواد النفطية يتمّ تحت إشراف المديرية العامة للنفط والمديرية العامة للجمارك. وهاتان الإدارتان تواكبان عملية الاستيراد بمراحلها كافة، فلا يؤذن لأية باخرة محمّلة بالمواد النفطية بالتفريغ قبل أخذ عيّنات من البضاعة وفحصها في مختبرين رسميين تابعين لإدارة منشآت النفط في لبنان. بعد صدور نتائج الفحص المخبري ومطابقتها مع المواصفات القياسية الرسمية المعتمدة في لبنان، يُسمح للباخرة بتفريغ حمولتها في خزانات الشركات النفطية المستوردة.
كيف تصنّف المنشآت؟ وهل هي بحاجة إلى التأهيل أو التجهيز؟
في لبنان نوعان من المنشآت النفطية. هنالك أولاً منشآت مصفاتي طرابلس والزهراني، ثم المنشآت الخاصة العائدة إلى الشركات المستوردة للنفط. بالنسبة إلى الأولى، فإنّ المصفاتين متوقفتان عن العمل منذ فترة الحرب الأهلية، وتديرهما لجنة تحت إشراف وزارة الطاقة، حيث تستعمل بعض الخزانات فيهما لاستيراد مادة المازوت وبيعه في السوق المحلي. أما المنشآت الخاصة فهي تلبّي حاجة الشركات المستوردة. وكل هذه الإنشاءات العامة والخاصة قد خضعت على مدى السنوات السابقة إلى أعمال تأهيل وتجهيز. وهذه العملية مستمرّة لأنّها مرتبطة بمفهوم السلامة العامة. ولا شك في أنّ منشآت طرابلس والزهراني مهيّأة لأن تلعب أدواراً أكبر ممّا هي عليه اليوم. وهذا ما تعمل عليه إدارة المنشآت لجهة تحويل قسم من منشآتها إلى مركز تخزين ونقل إقليمي للمواد النفطية، كما أنّ هذه المنشآت قادرة على أن تدعم بشكل مباشر الأعمال اللوجستية والخدماتية التي قد تتطلبها أشغال التنقيب عن الغاز في لبنان في المرحلة المقبلة.
ينتقد البعض المرسوم التطبيقي المتعلق بنموذج اتفاقيات الاستكشاف والإنتاج، لجهة تقاسم الأرباح مع الشركات عوضاً عن تقاسم الإنتاج. ما هو رأيك؟
أعتقد أنّ هذا الموضوع قد أخذ حقه من الدرس المسبق من قبل وزراء الطاقة الذين تعاقبوا منذ عام 2010، ولاحقاً من قبل هيئة إدارة قطاع البترول. وقد توصّلوا بنتيجة الدراسة المعمّقة، وبمساعدة خبراء دوليين إلى هذا التصوّر، لعقد الاستكشاف والإنتاج، وذلك بعدما تأكّد أنّ هذه الصيغة هي الفضلى التي تناسب وضعنا الراهن، طالما أنه لم يثبت وجود الغاز بشكل مؤكّد بعد، وطالما أنّ لا خبرة سابقة للبنان في هذا القطاع، فيبقى الخيار الأسلم هو في تولّي أعمال الاستكشاف والتنقيب والإنتاج على نفقة ومسؤولية الشركات الملتزمة، فإذا وجد الغاز يتمّ تقاسم أرباح تصريفه، وإذا لم تجده تلك الشركات فلا تتحمّل الدولة اللبنانية أي تكلفة. وكلنا يعلم أنّ الشروط التي تضمّنتها العقود مع الشركات هي مناسبة لمصلحة لبنان بما في ذلك نسب الأرباح التي تتقاضها الدولة اللبنانية.
كيف يمكن الاستفادة من المتخرّجين الجُدد في حقل النفط؟ وما هي طرق دمجهم في سوق العمل النفطي؟
في موازاة الأعمال التحضيرية للتنقيب عن الغاز، عمد العديد من الجامعات اللبنانية إلى استحداث أقسام واختصاصات جديدة في قطاع البترول والنفط والغاز، وبدأنا نشهد العشرات، إن لم نقل المئات من المهندسين الجُدد والمتخرّجين في الجامعات، من حملة الاختصاصات الجديدة في هذا المضمار. إن هذا الأمر مهمّ، حيوي وضروري، بالرّغم من وجوب عدم المبالغة في هذا المجال، إذ لا أعتقد أن حجم عملية التنقيب التي ستتمّ في لبنان سوف تحتاج إلى هذا العدد الكبير والمتراكم من الاختصاصيين. في المقابل، سوف يزيد الطلب بالتأكيد على العديد من المهن والخدمات والتقديمات المتصلة أو المتفرّعة من ملف التنقيب، وهو ما سوف يستدعي نشوء مهن جديدة أو زيادة في الطلب على العديد من المهن الموجودة.
بماذا تطالبون وزارة الطاقة والمياه، وما هي أبرز المشاكل التي تعانون منها؟
الوزارة تعمل في آنٍ معاً على كل الملفات المتصلة بعمل الوزارة، وهي تحاول أن تتقدم في كل الملفات مع إعطاء الأفضلية بالطبع للملفات الأكثر إلحاحاً، خصوصاً في موضوع حلّ أزمة الكهرباء. إن ملف الطاقة كما سواه من الملفات في لبنان ليس دائماً ذا طابع تقني فقط. هناك الكثير من المعوقات والتأخير الذي يحدث نتيجة تفاقم الخلافات السياسية، خصوصاً في الملفات التي تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء. لا تنقصنا الرؤيا الصحيحة في موضوع النفط في لبنان، ولا الخبرات الفنية، وهي متوفرة لدى القيّمين في وزارة الطاقة، بل المطلوب هو التفاهم السياسي.
تعليقات الزوار