أنهى لبنان عاماً مليئاً بالأحداث المفصلية ليدخل في آخر لا أفق واضحاً له على المستوى السياسي والإقتصادي والإجتماعي خصوصاً وأنّ البلد يتأرجح اليوم بين مصيرين: حلّ جذري لإنقاذ ما تبقى أو إنهيار كامل. بعد سنوات طويلة من تباطؤ كبير في وتيرة النمو بسبب عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية، إنفجر الوضع الاقتصادي سوءاً وتأزّم الوضع المعيشي أكثر فانتفض الشعب اللبناني على واقعه الأليم، وشهد لبنان أزمات متتالية فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية بوتيرة جنونية فتراجعت القدرة الشرائية لدى المواطنين، ناهيك عن إفلاس العديد من المؤسسات والمحلات التجارية ممّا أدّى إلى ارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى 45%.
ماذا بعد؟؟؟ هل سنخطو خطى فنزويلا وتنهار أعمدة الدولة على رؤوسنا؟ المشكلة الإقتصادية طُرحت منذ أوائل العام 2019 وتسارع المسؤولون إلى طرح الحلول والمقترحات لكنها مع الأسف لم تُطبّق بسبب النزاعات السياسية والخلافات على الحصص وتقسيم الغنائم. ما زاد "الطين بلّة" تخفيض وكالة "ستاندرد آند بورز" مجدداً تصنيف لبنان نتيجة استهتار الدولة وعدم تطبيق شروط "سيدر" وغيرها من الأمور التي بات الأطفال في لبنان يعرفونها...
17 تشرين الأول تاريخ لن يُنسى لأنّه أيقظ دولتنا من غيبوبتها، أكثر من مليوني لبناني نزلوا إلى الشارع مطالبين بحقوقهم المسلوبة وبعملية بناء النظام اللبناني المنهار من جديد. وخلال الثورة أطلق الثوار مواقف وطنية كانت بمثابة بريق أمل للخروج من هذا النفق المظلم الذي لن يتمّ اجتيازه إلاّ بالعمل الجماعي شعباً وحكومةً ونواباً وقضاة، وذلك لإعادة ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي بالدولة التي يجب أن يكون الإنقاذ الوطني أولويتها، وأن تتمحور مهامها الأساسية حول تلبية المطالب المحقّة وتفعيل دور المؤسسات والوزارات.
أمام لبنان مسار طويل لإستعادة حيويته الإقتصادية ونشاطه في إعادة تحريك عجلة النمو من جديد. ولأنّ رحلة الألف الميل تبدأ بخطوة على الوزراء اليوم التجرّد من الشعارات الرنّانة والتأهّب للعمل الجادّ والمجدي من خلال الإسراع في تنفيذ خطط بنّاءة تتضمّن حلولاً قابلة للتطبيق، لبناء تركيبة إقتصادية ومالية منتجة ولإعادة النهوض بالبلد ووضعه على الطريق الصحيح، وإلاّ سيسوء الوضع أكثر وينهار البلد على رؤوسنا كلّنا ولن يستطيع أحد أن ينقذنا أو يمدّنا بالدولار "الغائب".
تعليقات الزوار