لو جمعت كل الحروف حرفاً حرفاً، وسكبت قوالب المعاني بأحلى التعابير لعجزت عن وصف شعوري في هذا العدد، وكأنني أطوي أوراق الحلم على واقعٍ بات صرخة مدوية في أعماقي. مئة عدد من الصدور، وها هو الحلم الذي رسمته منذ العدد الأول يُعلن مدى العزيمة التي حملتها لأجل هذه اللحظة بالذات. مئة عددٍ ومطبوعة "رانيا" موجودة في قلب الحدث تغطي، تحاور، تستقبل، تودّع وتزدهر، فكانت البدايات صعبة جداً، وخصوصاً بالنسبة لفتاة يافعة اخترقت ميدان الإعلام وكانت العملية تشبه إلى حدٍّ ما "الكوماندوز". مئة تجربة وتجربة كنت أولد فيها من جديد، وحركة دؤوبة لا ملل فيها ولا كلل، فالدرب لم تكن سهلة واجتياز المسافات الصعبة في خضمّ هذه المهنة، ليس بالأمر السهل، ومع إطلالة كل عدد كانت الأماني تكبر وتتوسّع رقعة الحلم وتورق العزيمة فروعاً خضراء. وكنت مع صدور كل عدد أعيش الإحساس نفسه بانتظار إنجاز المهمة "بخير وسلامة". انطلقت هذه المطبوعة على أسُس احترام الآخر وضبط النصّ بالمعلومة الصحيحة. لا أنكر أنه في بعض الأحيان اضطررنا لفتح ملفات ساخنة، ولكن اندفاعنا دوماً كان بهدف إظهار الحقيقة. نحن اليوم نحتفل بالعدد 100، كم مرّت الأيام بسرعة وهي تطوي يومياتنا، تبتلع الذكريات، تصيب التحديات، ترسم الأفق الذي يرسو على رصيف أحلامنا! ما أسرع الأرقام وهي تتكدّس على أجندة أعمالنا، وما أحلى الحياة بكل مرارتها وعذابها، بحلوها ومرّها، خصوصاً بعد أن يحصد الإنسان ما زرعه في مروج المدى وتنبت سنابل بذوره بالعطاءات الكبرى!
مئة عدد من الصدور والمواظبة على الرغم من التحديات والأزمات والظروف الصعبة التي مرّ بها الوطن والإعلام المقروء بشكل خاص لعلّ أشدّها وطأة الأزمة المادية التي تكاد تخنقه. يا ابنتي الورقية.. زرعت في كل سطر من سطورك وردة، وحضنت المعارف الطيبة التي واكبت صدورك وما زلت وفيّة وسافرت مع صدور كل عدد إلى عدة بلدان.. ولكنني في هذا العدد المميز ضاعت منّي الكلمات ولم يبقَ سوى الشكر لكل القرّاء والمشتركين والمعلنين والعاملين في هذه المطبوعة التي صمدت في وجه العواصف المستمرّة التي تواجهنا.
تعليقات الزوار