شكّلت عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، صدمة إيجابية للحركة السياسية المشتّتة، ووفّرت المناخ والزخم الضروريين لتيار الحكمة والإعتدال في مواجهة التطرُّف والإرهاب، في ظلّ الموجة التكفيرية الجارفة التي تمرّ بها المنطقة، والتي طالت شظاياها الحدود اللبنانية والعمق اللبناني من خلال التفجيرات المتنقلة، واشتدّ أوارها مؤخراً، في المواجهة المباشرة بين الجيش اللبناني والمجموعات الإرهابية في عرسال وجرودها البقاعية، والتي سفكت دماً جديداً قدّمه ضباط وجنود الجيش اللبناني شهادة على مذبح الوطن.
عاد الرئيس الحريري بعد غياب قسري استمرّ لنحو 39 شهراً، وعودته كسرت الجمود السياسي الذي سيطر على البلاد جرّاء الإنقسام الحادّ، ونتيجة الحرب الدائرة في المنطقة، وحرّكت البوصلة السياسية في الداخل اللبناني، وكشفت حاجة لبنان إلى وجوده كأحد الخطوط المتقدِّمة في الدفاع عن لبنان في وجه الإرهاب، وبهذا الخط المتقدّم المتعدّد الأوجه، سيُشرِف الرئيس الحريري على صرف المكرمة السعودية التي اقترنت بإعلان الملك عبدالله بن عبد العزيز مجدداً الحرب على الإرهاب في كلمة وجّهها مؤخراً إلى السعوديين والعرب والمسلمين والمجتمع الدولي، وتأكيداً لدور المملكة العربية السعودية ودعمها للبنان وجيشه، وتلك المكرمة تُرجِمت بهبة مالية بقيمة مليار دولار أميركي، حملها الرئيس الحريري لتحصين لبنان وقواه الأمنية المختلفة.
ومن أوجه هذا الخط المُتقدِّم أيضاً، الوجه الديبلوماسي، حيث يتمتع سعد الحريري بشبكة علاقات ديبلوماسية دولية تتيح له سهولة وحيوية التحرّك، وهذا ما بدا واضحاً من خلال الحركة الديبلوماسية الكثيفة التي أجراها في بيروت منذ لحظة عودته. ومنها السياسي كذلك، حيث يتوقع المتابعون أن يبدأ الرئيس الحريري الحوار مع مختلف القوى السياسية على قاعدة أهمية التوافق على رئيس جديد للجمهورية، وإعادة تكوين السلطة وإنعاش الحياة السياسية وتحقيق الإستقرار وبالتالي إعادة عجلة الإقتصاد إلى حيويتها.
عاد الرئيس سعد الحريري للإمساك بأوراق اللعبة من جديد، كشريك أساسي ورقم صعب في المعادلة اللبنانية، لصوغ الإتفاقات والتفاهمات الداخلية، في ظلّ استحقاقات واهمة طالتالفراغ الرئاسي، والتوازن المفقود في البلاد، مع اقتراب نهاية ولاية المجلس النيابي الممدّد. وعلى أعتاب الدخولفي المحظور على كافّة المستويات، الذي يمكن أن ينشأ بفضل التقاعس وعدم التوافق على تحقيق الإستحقاقات المتعدِّدة.
باختصار، إنّ عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان في ظلّ الظروف القاهرة التي تعمّ لبنان والمنطقة هو انتصار لمنطق الإعتدال والتعايش والوحدة الوطنية في مواجهة التطرُّف والإنقسام، والإنتقال إلى مرحلة جديدة يعمّ فيها الأمن والإستقرار والطمأنينة في لبنان.
تعليقات الزوار