يرسم معالم مستقبل السلطنة برؤية ثاقبة
يَعدُ بنهضة إقتصادية مرتقبة وآفاق إستثمارية واعدة
سنستمرّ في دعم جامعة الدول العربية وتحقيق أهدافها والنأي بهذه المنطقة عن الصراعات
ولد هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد عام 1954في مسقط عاصمة سلطنة عُمان وهو السلطان العاشر للسلطنة ورئيس مجلس الوزراء منذ 11 يناير 2020 وخلف لإبن عمّه قابوس بن سعيد طبقاً لوصيّته. تخرّج السلطان هيثم بن طارق آل سعيد من برنامج جامعة أوكسفورد للخدمات الخارجية (FSP) عام 1979 وتابع دراساته العليا تحت إشراف كلية "بيمبروك" في أوكسفورد. يُعرف عن السلطان هيثم أنه من محبّي رياضة كرة القدم ولذلك تولّى رئاسة الاتحاد العُماني لكرة القدم بين عامي 1983 و1986، وترأّس اللجنة المنظّمة لدورة الألعاب الآسيوية الشاطئية الثانية في العام 2010. من بعدها، إنتقل السلطان هيثم بن طارق من قطاع الرياضة إلى المجال الدبلوماسي عام 1986 حيث تولّى منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية ووزير مفوض لثماني سنوات. وفي العام 1994، عيّنه السلطان الراحل قابوس - رحمه الله - أميناً عاماً لوزارة الخارجية، وعمل في بعض الأحيان كمبعوث خاص للسلطان الراحل قابوس بن سعيد، وكان رئيس اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلة "عُمان 2040". وعيّن عام 2002 وزيراً للتراث والثقافة وهو المنصب الذي بقي فيه حتى تنصيبه سلطاناً لعُمان في 11 يناير في قصر البستان أمام مجلس عُمان حيث ألقى خطاب التنصيب عارضاً الخطوط العامة لسياسته، ومؤكّداً المضي قدماً على نهج السلطان الراحل قابوس بن سعيد في تطوير وتقدّم السلطنة.
إنجازات ثقافية ما قبل السلطنة
خلال تولّيه منصب وزير الثقافة، كان للسلطان هيثم بن طارق دور بارز في وضع دعائم الخطة التنفيذية للاستراتيجية الثقافية التي ساهمت في تطوّر مجالات العمل الثقافي الخليجي المشترك بهدف توسيع نطاق العمل الثقافي الخليجي ليشمل التعاون مع الدول العربية والدولية للإرتقاء به وتطويره بما يتلاءم مع تطوّرات التعاون الاستراتيجي. ومن ضمن الإنجازات العديدة لوزارة الثقافة وبتوجيهات وزيرها السابق وسلطان البلد اليوم قامت الوزارةبالتعاون مع بعثة إيطالية من جامعة نابولي بإجراء مسوحات وتنقيبات أثرية في ولاية "وادي بني خالد" لتوثيق المواقع الأثرية على طول مسار الأودية، وتركّزت أعمال التنقيب في موقع أثري يعود إلى نهاية الألفية الأولى قبل الميلاد، وهذا الموقع عبارة عن قرية سكنية محصّنة مشيّدة على تلّة جبلية ذات موقع استراتيجي عند مدخل "وادي بني خالد" تمرّ حولها معظم الأودية. وقد حصّنت القرية بسور دفاعي مزوّد بـ 11 برجاً حجرياً. وأظهرت التنقيبات عن أوانٍ فخارية وكسر من أواني الحجر الصابوني وبعض الحلي وأدوات الزينة في بيتين.كما أنهت الوزارة تحت إشرافه مشروع صيانة "حصن بركاء" في محافظة جنوب الباطنة، وتمّت صيانة جميع الواجهات الخارجية والداخلية والأبراج والغرف والمجلس والمسجد وأرضيات الحصن بالكامل.وكان للوزارة أيضاً مشاركة فعّالة في معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته 44 ضمن إطار تبادل المعرفة بين البلدين بهدف تفعيل الحضور العُماني في معارض الكتب الدولية وإبراز الجانب الفكري والأدبي والتاريخي لسلطنة عُمان.
غايات وأولويات وطنية
حدّد السلطان هيثم بن طارق الأولويات التي سترتكز عليها رؤيته المستقبلية منها: إعادة تشكيل العلاقة والأدوار بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، ضمان إدارة إقتصادية فعّالة واقتصاد عُماني متطوّر ومتنوّع ومستدام، توزيع عادل لمقدّرات التنمية بين المحافظات، حماية الموارد الطبيعية والبيئة المتفرّدة، تحديث منظومة التعليم ودعم البحث العلمي والإبتكار، تطوير الأنظمة والخدمات الصحية ومكوّنات الرفاه المجتمعي وخدماته الأساسية لجميع شرائح المجتمع، تفعيل الرقابة، الإستخدام الفاعل والأمثل للموارد الوطنية، تحقيق مبادئ النزاهة والعدالة والشفافية والمحاسبة والمساءلة بما يعزّز الثقة في الاقتصاد الوطني ويدعم تنافسية جميع القطاعات في ظل سيادة القانون. ومن خلال هذه الأولويات ينطلق السلطان من خطة عمل مبنيّة على أعمدة راسخة من آليات التنفيذ والثقة في قدرات العُمانيين، فهي تواكب ما يقدّمه العصر من تطوّرات ومتغيرات وتسمح بتذليل العقبات ومواجهة التحديات بخطى ثابتة، وتعمل أيضاً على تطوّر السلطنة لتكون في مقدّمة الأمم بمختلف المجالات للوصول إلى مستقبل مزدهر يقوده الطموح والعزيمة و الإرادة الحرّة والمشاركة الفعّالة. لذا، يسارع السلطان العُماني اليوم الزمن ويتقدّم بثقة كبيرة نحو غدٍ مفعم بالتفاؤل والنجاح.
خطّة إصلاحية إقتصادية طويلة الأمد
بيّن السلطان هيثم بن طارق في خطاب التنصيب الخطوط العامة لسياسته، مؤكداً على المضي قدماً بنهج السلطان الراحل قابوس بن سعيد - رحمه الله - في تطوّر وتقدّم السلطنة بما يعزّز ثقة الشعب العُماني بقادته، ووعد بعدم التدخّل في شؤون الدول المجاورة، مشدّداً على دفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون.أما على صعيد السياسة الخارجية فأكّد السلطان إستمراره في دعم جامعة الدول العربية وتحقيق أهدافها والنأي بالسلطنة عن الصراعات. يتولّى السلطان مقاليد الحكم في وقت يقف فيه الاقتصاد العُماني على أعتاب مرحلة جديدة يستعد للدخول إليها بآفاق وأهداف وآمال كبيرة لتحقيق الرؤية المستقبلية "عُمان 2040" التي يتمّ الإعداد لها خلال هذه الفترة وسيتمّ تنفيذها مع بداية العام 2021. وتركّز هذه الرؤية على استراتيجية التنويع في عُمان من خلال تحويل إقتصاد الدولة إلى 5 قطاعات محورية: السياحة، اللوجيستيات، التصنيع، صيد الأسماك، التعدين (إستخلاص المعادن القيّمة). وتهدف هذه الرؤية أيضاً إلى زيادة نسبة عمالة المواطنين العُمانيين في القطاع الخاص إلى نحو 42% بحلول العام 2040، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى حوالى 10% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعتبر السلطان هيثم أنّ "رؤية عُمان 2040" هي بوابة السلطنة لعبور التحديات ومواكبة المتغيّرات الإقليمية والعالمية واستثمار الفرص المتاحة لتعزيز التنافسية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي، وتحفيز النمو والثقة في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في محافظات السلطنة كافة. لرجال الأعمال والمستثمرين حصّة كبيرة من التنمية، حيث تعهّد السلطان بفتح مجال الاستثمار بشكل واسع في عهده خصوصاً في ظلّ الأزمات الاقتصادية الراهنة وشبح البطالة الذي يُخيّم على البلد جرّاء إنخفاض أسعار النفط وعدم وجود مصادر دخل أخرى كافية لدى السلطنة، واستند السلطان على خبرته الطويلة في عالم الاقتصاد لوضع هذه المقاربة وبصفته أيضاً المُساهم الأكبر في الشركة الوطنية القابضة ورئيس مجلس إدارتها. إلى جانب ذلك، يركّز السلطان هيثم في خطته على عنصر الشباب لإعادة إحياء السلطنة من جديد، إذ صرّح خلال لقائه عدداً من الشباب في إطار مشروع "رؤى عُمان 2040" أنّه ستتم إعادة النظر في العديد من التشريعات بعد اعتماد هذه الرؤية، وأن البرنامج الذي تقوم عليه "رؤى مستقبل عُمان" هو خلاصة ما يتطلّع إليه الشباب العُماني.
إنّها باختصار رؤية مزدهرة لقائد حكيم تُثمر خُططها التنموية ما يحقّق مصلحة الشعب العُماني، ويواصل السلطان هيثم بن طارق الإلتزام بمسارها نحو آفاق التقدّم الإقتصادي والإنمائي، لكن تبقى خطواته المُقبلة تحت المجهر.
تعليقات الزوار