أظهر سعد الحريري أنّه جدير بإرث الزعامة السياسية والشعبية التي ألقيت على كاهله ولم يُفرّط بها أو يهدرها كغيره من السياسيين، بل تحمّل هذا العبء الكبير وواجه مخطط الاغتيالات السياسية والفكرية والإرباكات الأمنية المتعدّدة بإرادة صلبة وتصميم ثابت على عدم الاستسلام لمكيدة إعادة السيطرة على لبنان من جديد، والقيام بكل ما يلزم لمحاسبة المجرمين وملاحقتهم أمام العدالة. في ظلّ الأحداث السياسية سواء على المستوى الإقليمي أو الداخلي تبقى القراءة الأساسية لدور دولة الرئيس الشيخ سعد الحريري هي الأكثر وضوحاً إن كانت من ناحية الصياغة أو التركيبة الإملائية للسياسة العربية. فهذا الرجل حمل منذ تسلّمه أفكاراً وطروحات شبابية تمسّ بشكل مباشر الأوضاع المتشابكة في الوطن، لذا عمد إلى تنظيم الحركة الاجتماعية والإنسانية تنظيماً ميدانياً. اليوم، وتحت مظلّة الحركة السياسية المتسارعة التي تهدف أحياناً إلى تأزّم الأوضاع، حرص الشيخ سعد أن يكون تواجده في هذه الفترة بالذات نقطة تحوّل نحو أفق أمني داخلي يصبّ في مصلحة الوطن، وبالتالي يؤمّن له "النأي بالنفس" عن كل الصراعات الإقليمية. بات الشيخ سعد همزة وصل بين اللبنانيين بفضل سياسته المعتدلة وغير المتطرفة، فهو شخصية سياسية مطواعة، وفي جعبته الكثير من الصداقات الدولية، وما أحاطه من تداعيات ظلّ كعاصفةٍ في قعر فنجان، فلم يؤثر على حضوره السياسي، وخاصةً أنه تحت رعاية أبوية شكّلت محوراً في المرحلة الرئاسية اللبنانية، إذ أنّ الرئيس ميشال عون يعتبره فرداً من أفراد عائلته وهذه الرعاية كانت الدرع الواقي لفضّ الخلافات الداخلية، ولا سيما أنّ سياسة الرئيس عون تميّزت بالليونة والحوار. وبرغم كل الظروف الصعبة، أثبت الشيخ سعد الحريري أنّه جزء لا يتجزّأ من هذا الوطن وما حصل له جعل اللبنانيين، على اختلاف طوائفهم، يتحدّون ويتوحّدون ويلتفون من حوله، وهذه شهادة وطنية على أنّ كل الخلافات الداخلية، تسقط أمام محبة واحترام هذه الشخصية اللبنانية الأصيلة. المقال لا ينتهي عند هذه الإشارات، بل يمكننا القول بأنّ الشيخ سعد هو الداعم الأول للحركة الاقتصادية في لبنان وأن سجّله الفردي في الشأن العام الاقتصادي له ثوابته ونجاحاته، فالعطاءات التي قدّمها الشهيد رفيق الحريري تابع على نهجها ابنه الشيخ سعد ليبقى الوطن قادراً على الصمود في وجه العاصفة.
تعليقات الزوار