الوزيرة ريّا الحسن رسمياً "سيّدة الداخلية"

حدثٌ تاريخيّ هزّ الوسط السياسي مع إعلان تشكيل الحكومة الجديدة بصورة غير اعتيادية، غيّرت مفاهيم السياسة النمطية بتعيين 4 نساء في سابقة هي الأولى من نوعها. وجاءت ريّا الحسن واحدة من بينهنّ لتتولى منصب وزير الداخلية والبلديات، وتكون أول سيدة تشغل هذا المنصب "الذكوري" في لبنان، بعدما كانت الحكومة السابقة تضمّ سيدة واحدة فقط.

مرّة جديدة يبرهن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على مدى ثقته في النساء اللواتي وضعن بصماتهنّ في مختلف المجالات على مرّ السنين، واليوم تخوض الوزيرة ريّا الحسن غِمار العمل السياسي بمنصب جديد في المهام والمسؤوليات مقارنةً مع منصبها القديم بوزارة المالية منذ العام 2009.ولدت ريّا الحسن في العام 1967، متزوّجة وأمّ لثلاث بنات، حاصلة على شهادة جامعية في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية في بيروت في العام 1987، وعلى شهادة الماجستير في الاختصاص نفسه من جامعة جورج واشنطن الأميركية في العام 1990. تولّت الحسن خلال مسيرتها العملية وظائف ومناصب مرموقة عدّة منها: رئيس المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، مساعدة وزير المالية ومنسّقة تنفيذ الشؤون المالية بالوزارة منذ العام 1995 إلى 1999. بين العامين 2000 و2003 اختارها الوزير الراحل باسل فليحان لتكون مستشارته في وزارة الاقتصاد والتجارة، ليعود الرئيس السابق فؤاد السنيورة ويختارها كمسؤولة عن مجموعة من المشاريع المطروحة في رئاسة مجلس الوزراء، إذ عملت على تطوير برنامج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي في مؤتمري باريس 2 و3 المخصص للمساعدات الدولية للبنان. بعدما اكتسبت ريّا الحسن الخبرة المطلوبة في هذا المجال، عيّنها الرئيس سعد الحريري في العام 2009 وزيرة للمال في أولى الحكومات التي شكلها أثناء عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، وقد حققت نجاحاً لافتاً في إدارتها لهذه الحقيبة السيادية بموجب "المعايير اللبنانية" للحقائب الوزارية. هذه المسيرة الناجحة خيرُ دليل على أنّ المرأة اللبنانية مثال يُحتذى به في العمل الجديّ والرصين، وأنّ تولّي المناصب، الإدارية منها والوزارية، لا يقتصر على عامل الجنس فحسب، بل يعود بالدرجة الأولى إلى عُنصري الكفاءة والخبرة ولمقولة "الشخص المناسب في المكان المناسب".

كونها امرأة تولّت حديثاً منصباً يقتصر في الذهن المجتمعي الشرقي على الرجال فقط، شهدت هذه السابقة موجة من التفاعلات وردود فعلٍ من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ عبّر البعض عن امتنانه وفخره بأن لبنان أنصف المرأة من جديد عبر توسيع دائرة مشاركتها في السلطة السياسية، إيماناً منه بقدراتها ومهاراتها، وصبرها على متابعة المسائل التي تعمل عليها. أما البعض الآخر فعبّر مازحاً بالقول: "فعلاً أصبحت المرأة رسمياً وزارة الداخلية" و أنّ أمن اللبنانيين بات "بيد امرأة".

هذا التفاعل الكبير الذي رافق تولّي الوزيرة ريّا الحسن منصبها الجديد، وضعها أمام تحديات كبيرة وصعبة، سواء من ناحية الواقع الأمني في لبنان أو معالجة أزمة اللاجئين السوريين وغيرها... لذا، سيبقى منصبها تحت المراقبة في الأشهر المقبلة للتأكّد من حسن سير العمل، وهي اليوم تحت مجهر اللبنانيين الذين لاحظوا مبادرتها الأولى بإزالة الحاجز الاسفلتي من أمام وزارة الداخلية والبلديات، كخطوة جديّة وإيجابية لتوطيد العلاقة بين الوزارة والمواطن اللبناني. من جهتها عبّرت الوزيرة الحسن​، عن أملها بأن تكون على قدر كافٍ من المسؤولية، وأكّدت أن النجاح طريقها وخيارها الأساسي وستُحقق الأهداف المتوخّاة من منصبها الحالي، والنساء في الحكومة سيقمن بالأعمال المُلقاة على عاتقهنّ بجدارة. 

رسالة وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن تختصر أهم معاني ورموز الوطن، لأنّ الأمن مسؤولية كبيرة لا يمكن التهاون بها، وهي بالطبع جديرة بالثقة التي منحها إياها الرئيس الحريري واللبنانيون، وستحافظ على وزارة الداخلية وتحمل رايتها بكل أمانة وحزم.