شهد لبنان خلال الأعوام الماضية مرحلة كانت الأصعب على الاقتصاد، في ضوء تضافر عوامل عدّة ضاغطة، كان من شأنها كبح النموّ وتحفيز الانكماش إلى حدّ كبير. ولعلّ أبرز العوامل كان عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي أخذ يتفاقم بوتيرة سريعة، في ظلّ غياب السياسات والرؤى الاقتصادية الداعمة.وكان لطرابلس والشمال حصّة كبيرة منها، فكانتا من أكثر المناطق تأثّراً بهذا الواقع المتأزّم، لا سيّما أن الاضطرابات الأمنية كانت تضغط في اتجاه إعاقة دوران العجلة الاقتصادية في المدينة والحدّ من عملية التنمية. التقت مجلة "رانيا"رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي الأستاذ توفيق دبوسي وكان الحوار الآتي.
للغرفة دور مهم في تحريك العجلة الاقتصادية، ما هي آخر مشاريعكم؟
تقدّم الغرفة خدمات متطوّرة للمجتمع الاقتصادي اللبناني، إضافة الى المشاريع التي تساعد على النموّ الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. والدور الذي تؤدّيه الغرفة هو متابعة التطوّرات والتحوّلات التي تشهدها الحياة الاقتصادية المعاصرة. كما أنّ لها دوراً كبيراً، فهي رافعة للاقتصاد اللبناني وحاضنة للمرافق والمؤسسات الجاذبة للاستثمار. وعلى المستوى الداخلي لدينا مشروع تجهيز مختبرات مواد غذائية للاستيراد والتصدير والتي أصبحت معتمدة من الوزارات المختصّة في لبنان، كما لديها اعتمادية دولية من نيويورك. وثمة مشاريع قيد التجهيز بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومنها مركز لتطوير الصناعات الغذائية والأبحاث.
الكثير من اللبنانيين يتخوّفون من زيارة طرابلس لاعتبارات أمنية، ما هو تعليقكم؟
على الإعلام اللبناني ألا يسلّط الضوء على نقاط الضعف التي تذوب أمام نقاط القوة التي تتسلّح بها طرابلس، وكثيراً ما نرى أنهم يربطون طرابلس بالتطرّف والتشدّد، ولكن الصورة معاكسة.
مدينة طرابلس شبه منسيّة من الدولة اللبنانية، الى أيّ مدى تعلّقون آمالكم على العهد الجديد؟
العهد الجديد هو عهد كل اللبنانيين الذين لطالما انتظروا هذه المرحلة. آمالنا التي نعقدها على هذا العهد كبيرة جداً، فنحن مؤمنون بأن الاستثمار الجيّد لكل هذه الموارد والطاقات التي نمتلكها يحتاج إلى إدارة نوعية تجسّدها حكومة توافق وطني تفتح الباب أمام كل الطاقات والخبرات، وما أكثرها في لبنان، وأمام كل الكفاءات، يجب أن تتشابك أيدي الجميع في عملية البناء. أنا مؤمن بأن طرابلس مصدر إنتاج وليست مصدر استنزاف للبنان، ونحن في هذه المنطقة، نمتلك عدداً هائلاً من المرافق المعطلة أو شبه المعطلة، بدءاً من المرفأ والمعرض والمدينة الأثرية وصولاً الى تفرّد الشمال بقدرته على أن يكون أكبر جاذب للسياحة الدينية في لبنان، وربما في الشرق.
كيف تقيّمون الوضع الاقتصادي للعام الحالي، وهل من انفراجات اقتصادية سيشهدها لبنان؟
لبنان هو الوطن الاستثنائي، والبلد المدلل بين أشقائه العرب، وهو التجربة الفريدة في العيش المشترك، وفي التزاوج المُبدع بين القطاعين العام والخاص، إنه لبنان الخبرات المميزة، والمرحّب به في الشرق والغرب، إنه لبنان الفرصة التي كدنا نضيّعها، لكنّها لن تضيع، بحرنا ثروة، جبالنا ثروة، تراثنا ثروة، ديمقراطيتنا ثروة، طوائفنا ثروة، مؤسّساتنا الخاصة ثروة، عروبتنا ثروة. وسيكون العام الحالي عام خير وازدهار، ما دام هناك أمن واستقرار في البلاد.
صحيح أن طرابلس تشهد زوالاً لبعض الصناعات المشهورة بها لا سيما المفروشات، ما هي خططكم لتحفيزها؟
قطاع المفروشات مزدهر، وهناك برامج نعتمدها بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والسفارة اليابانية لدعمه وتطويره، كما نعمل على فتح أسواق جديدة خصوصاً في الخليج العربي، والمرحلة المقبلة ستثمر ازدهاراً ونحن متفائلون.
كلمة أخيرة...
إن عشوائية السياسات الاقتصادية التي يُدار بها البلد، حيث تغيب أي رؤية اقتصادية لمعالجة جذرية للوضع الاقتصادي، تعرقل الأمور، والخطوة الأولى في هذه المعالجة تكمن في تغيير الرؤية الاقتصادية في البلاد، خصوصاً على صعيد السياسة الضريبية.فالاتجاه الضريبي في الوقت الحالي يركّز على تكثيف الضرائب على عامة الشعب، ظناًّ بأنّ ذلك يساعد على توسيع قاعدة مداخيل الدولة، إلاّ أنّ التجارب الواقعية أثبتت أن هذه الضرائب من شأنها إعاقة الاقتصاد.
ناديا الحلاق
تعليقات الزوار