زحلة تفتقر إلى الإنماء المتوازن وغياب القوى الأمنية عن مداخلها
تمتلك عائلة "براكس" تاريخاً عريقاً في البقاع، وتتميز بمواقفها الوطنية خلال الحروب التي اجتاحت لبنان ابتداء من الإستعمار الفرنسي. هذه العائلة الخيّرة لها مكانتها السياسية والاجتماعية في المنطقة، ودورها الفاعل في تطوير "عروس البقاع" زحلة. حافظ سامي براكس على مجد عائلته، فمنذ نعومة أظافره كان يرافق والده تاجر الأغنام، فتعلّم منه الأصول والمبادئ وحبّ الأرض والوطن، لكن بعدما توفي والده في سنّ مبكرة أخذ على عاتقه مسؤولية العائلة بصفته الأخ الأكبر والمُعيل الأول لها. قرّر سامي براكس تطوير نفسه، لذا تعلّم واجتهد لنيل شهادة جامعية في الفلسفة، لأنه يؤمن بأنّ العلم سلاح ومنارة للدرب ووسيلةٌ لبناء غدٍ أفضل. بعدها، خاض تجارب عملية عدّة إلى أن دخل في تجارة الوقود وأصبح نقيب محطات الوقود في لبنان.
ورث إسماً أصيلاً له قيمته في المنطقة
إكتسب سامي براكس مكانة مرموقة في مجال عمله، لأنّ لديه سمعة طيبة في زحلة وجوارها. وكونه إنساناً شريفاً ونظيف الكف ورجلاً وطنياً، سعى جاهداً إلى تلبية احتياجات أهالي منطقته دون مقابل، وعلى هذا الأساس عيّن مختاراً لمدة 50 عاماً واتخذه الأهالي مرجعية للدفاع عن مصالحهم ولحفظ كرامتهم وحلّ النزاعات العائلية ودّياً. انُتخب رئيساً لرابطة مخاتير زحلة والبقاع الأوسط بتوافق وإجماع المخاتير بفضل شعبيته في المنطقة، وعلاقاته مع المسؤولين. بعد الأحداث التي شهدها لبنان، تعاون سامي براكس مع مختار الأشرفية بشارة غلام الذي كان يرأس رابطة مخاتير لبنان آنذاك، وعملا معاً على تأسيس الصندوق التعاوني للمختارين الذي كان بمثابة إنجاز، لينال المختار حقّه من الضمان الاجتماعي بنسبة 85% على أن يتكفّل الصندوق التعاوني 15% المتبقية. أما في حال الوفاة فتتحمّل الرابطة نصف التكاليف وتكفل عائلته مدى الحياة. بعد 15 عاماً من التفاني في العمل، انتهت ولاية سامي براكس كرئيس للرابطة، فتمّ إنشاء لجنة لتنفيذ الأسُس والخطوط العريضة التي وُضعت في عهده. وللإطلاع على ما آلت إليه الأمور، إلتقينا المختار سامي براكس ليحدثنا عن أهم المشاريع التي قام بها في الرابطة لتحسين وضع المخاتير في ظلّ عدم استحصالهم على مستحقاتهم المالية من الدولة، فأوضح أنّ الرابطة بغنى عن أية مساعدة حتى يومنا هذا، لأنّ لديها صندوقاً خاصاً بالمخاتير و"طابع المختار" الذي يدرّ أموالاً طائلة تعود بالفائدة على المختار والصندوق. وكانت الرابطة قد حصلت أيضاً على دعم مالي من وزارة الداخلية والبلديات قدره مليار ل. ل. لكنه لا يزال مجمّداً. أما بالنسبة إلى استفادة المختار من الضمان الصحي خلال فترة ولايته وبعد نهاية الخدمة، فأفاد براكس بالتالي: "في السابق، لم يكن هنالك ضمان صحي للمختار بعد انتهاء خدمته، لكننا قمنا بمبادرات عدّة مع الرئيسين سعد الحريري ونبيه بري الذي أخذ على عاتقه مسؤولية تشريع هذا الأمر، ويقال إنه تمّت الموافقة عليه لكنه لا يزال غير نافذ. وعملنا أيضاً على مشروع ضمان جميع أصحاب محطات الوقود وأرباب العمل بعدما كان القانون يحتّم ذلك، وحصلنا على الموافقة من الضمان الاجتماعي وتمّت الإجراءات وفق القانون، وسيصبح هذا المشروع فاعلاً عندما تقرّه الدولة". وخلال طرح سؤالٍ عن إمكانية إلغاء دور المختار وإحالة مهمّاته إلى المجلس البلدي، أعرب سامي براكس عن امتعاضه من هذه الفكرة، مشيراً إلى أنّ موظفي البلدية والمدراء العامين يؤثرون سلباً على نمو المجتمع المدني ويستخدمون أسماءهم ونفوذهم ضدّ مصلحة المواطن اللبناني، على عكس المختار الذي يقدّم الخدمات مقابل مبلغ زهيد لا يذكر. كما دعا أيضاً إلى ضرورة فصل النيابة عن الوزارة لعدم خلط المهام والمسؤوليات والإضرار بالمصلحة العامة. تابع سامي براكس حديثه عن أهمية "يوم المختار" ومن صاحب الفكرة، موضحاً: "أنها تعود إلى المختار بشارة غلام بالتعاون مع رابطة المخاتير، إذ اقترحا عيداً للمختار أسوةً بالجميع وأصبح يوماً رسمياً. بدوري، أؤيد فكرة "عيد المختار" بشدّة لأنها مناسبة جامعة لكل المخاتير في لبنان، وهذا العام كان يوم المختار مميزاً لأنه أقيم داخل كنيسة في منطقة بكركي، فساهمت هذه المبادرة في توحيد المسيحيين والمسلمين تحت شعار الوحدة الوطنية والعيش المشترك. لذا، أتوجّه بالشكر إلى البطريرك على هذا العمل الوطني، وأقول لعضو مجلس إدارة الصندوق التعاوني للمختارين ابراهيم حنّا، الشاب المندفع والطموح والمحب للخير والعطاء، إننا ندعمه ونشدّ على يده لتحقيق مصلحة المخاتير". وبالحديث عن التجاوزات التي نشهدها في عمل بعض المخاتير في لبنان، أكّد براكس أن: "مرجعنا الأساسي هو وزارة الداخلية والبلديات كونها الجهة المخوّلة للنظر بالمخالفات، وإذا ثبت أن المختار قام بأي مخالفة أو جنحة شائنة تحيله الوزارة إلى المحكمة العدلية لمحاكمته فوراً". في سياق آخر، أشار المختار سامي براكس إلى وضع زحلة اليوم ووصفها بالمريضة، لأنها تفتقر إلى الإنماء المتوازن خصوصاً من ناحية الإنارة وتعبيد الطرقات وبناء الجسور، وغياب القوى الأمنية عن مداخل زحلة والمنطقة، لكنها ومع ذلك لا تزال "عروس البقاع". وتطرّق سامي براكس في حديثه إلى أكثر القضايا والملفات الشائكة في البلد، مبدياً رأيه بملف الفساد المطروح حالياً، معتبراً أن: "الذين طالبوا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بفتح ملف الفساد قد غدروا به، كون هذا الأخير كبيراً جداً ويجب أن يطال كبار الموظفين في أعلى الهرم، وليس الموظفين الصغار الذين يتلقون الأوامر منهم ويقعون بدورهم ضحية فسادهم وأعمالهم المشبوهة". في الختام، وجّه المختار سامي براكس كلمة الى الرئيس ميشال عون الذي يعتبره بمثابة الأخ والصديق و"بيّ الكل"، وحذّره من أن يقع في شباك غدر الحاقدين والفاسدين في السلطة، ودعاه إلى عدم المماطلة في البتّ بالقرارات المصيرية التي تنقذ البلد من الانهيار والإفلاس.
تعليقات الزوار