أشار الرئيس سعد الحريري في كلمة ألقاها مؤخراً إلى "أن لبنان يخرج من مرحلة كانت صعبة على الجميع، حيث تفاقمت الصعوبات نتيجة تداعيات النزوح السوري غير المسبوق إلى البلد، ما يضعنا أمام تحديات جمّة قد تتحوّل إلى كارثة". كما شدّد على وعي جميع الأطراف السياسية لأول مرة في لبنان بحجم المخاطر المحدقة بالبلاد. وعليه، هناك تعاون وتجاوب ملموسان داخل مجلس الوزراء للتعاطي بجدية مع الأوضاع المعيشية، الاقتصادية والاجتماعية. إضافةً لذلك، ذكّر الحريري "بمناعة الاقتصاد اللبناني التي ساعدت على الصمود بوجه التحديات التي واجهها البلد ولا يزال، حيث لم يستثمر أحد في لبنان وخسر. إلاّ أنّه لم يعد بمقدورنا الرهان على مناعتنا بل بات ضرورياً تدعيمها وتحصينها باستعادة الثقة التي تزعزعت خلال السنوات الماضية". علاوة على ذلك، أكّد الحريري على وجوب العمل لتحسين مؤشرات لبنان الاقتصادية، المالية والاجتماعية، حين قال: "لا حلّ آخر أمامنا سوى تفعيل النمو وتكبير حجم الاقتصاد. من هنا، نعمل على خطين أساسيين من شأنهما تحقيق معدلات نموّ أعلى. الأول: برنامج استثماري طموح لمدة سبع سنوات يعوّض الإهمال والترهّل في البنية التحتية والتراجع على مستوى الخدمات العامة، وقد يكون النقاش في الفترة الأخيرة حول مشروع الموازنة عكس انطباعاً بأن سياستنا المالية تتلخّص بالموازنة أو بالإنفاق الجاري، وهذا الأمر عارٍ من الصحة. فنحن الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على برنامج استثماري للنهوض بالبنية التحتية والخدمات العامة بكل القطاعات والمناطق. لديّ هدف هو استعادة المواطن ثقته بدولته وبمؤسساته، لذلك تمثل البنية التحتية أولوية، وكذلك جميع القطاعات بحاجة إلى اهتمامنا، بدءاً من الاتصالات، الإنترنت، الكهرباء، التربية والصحة، مروراً بالمياه والصرف الصحي، وصولاً إلى الطرقات". تطرّق الحريري إلى الاقتصاد الحديث، أي اقتصاد المعرفة، الذي يمثّل اقتصاد المستقبل، كونه يتمحور حول المعرفة والشباب، والذي يتطلب بنية تحتية حديثة وتشريعات وإجراءات. وتنفيذ هذه البرامج يحقق النموّ ويؤمّن فرص عمل للشباب اللبناني، كما أن تنفيذ هذا البرنامج الاستثماري يأتي في قائمة أولوياته ويشبه في جوهر روحيته البرنامج الذي تمّ تنفيذه في فترة التسعينيات. فهذه بنظره "فرصة لنحضّر لبنان ليكون من جديد مركز أعمال للمنطقة وليلعب دوراً أساسياً في إعادة إعمار سوريا، ولا ضرورة لعرض مفصّل للطاقات والخبرات التي نملكها في هذا المجال". تناول الحريري في كلمته أزمة النزوح السوري وتأثيراتها على لبنان، مشيراً إلى أن بنية لبنان التحتية بُنيت لتحتمل 3 ملايين نسمة، وقد ارتفع عدد السكان فيها إلى 4 ملايين، يضاف إليهم مليون ونصف مليون نازح سوري ونحو نصف مليون لاجئ فلسطيني، وبالتالي فإنّ البنية التحتية نفسها باتت تتحمّل ستة ملايين نسمة. لذلك لا بُدّ من تحسين مستواها لمواجهة هذه الضغوط، ما يضمن الاستفادة للجميع. تابع الحريري عن الخط الثاني، فقال: "يجب اطلاق ورشة عمل شاملة لتحديث تشريعاتنا وإجراءاتنا والقيام بالإصلاحات القطاعية الضرورية، والهدف من ذلك خفض الإنتاج وزيادة قدرتنا التنافسية وتحسين مناخ الأعمال". في هذا السياق، ذكر الحريري جملة مؤشرات اقتصادية تضع لبنان في المرتبة 126 من أصل 190 دولة في تحسين بيئة الأعمال، وفي المرتبة 101 من أصل 138 في تنافسية الاقتصاد، وفي المرتبة 136 من أصل 175 في مؤشر مدركات الفساد. فهذه المراتب من وجهة نظره لا تشجّع القطاع الخاص ولا تساعد كذلك على استعادة ثقة المستثمر. وكلما تراجع أي بلد مرتبة واحدة في أيٍّ من هذه المؤشرات تراجعت معها معدلات النمو.
تعليقات الزوار