كلمة "المارد"تليق به وبسيرتهالناجحة.هو رجل دبلوماسي نشيط، يغار على بلده،ولطالما عمل جاهداً لتسويق لبنان ومنتجاته عالمياً. هو من أطلق شعار "صُنع في لبنان"، عندما كان رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين. إنه المارد جاك صراف، رئيس اتحاد رجال الأعمال للبحر المتوسط، ورئيس مجلس إدارة مجموعة "ماليا"، الذي تحدّث عن الانكماش الاقتصادي وأسبابه وعن دور المصارف اللبنانية الجبّارة. العديد من المحاور تحدّث عنها الصراف في هذا الحوار.
في ظلّ الوضع الذي يعيشه لبنان اليوم، برأيكم، هل تمكّنت الهيئات الاقتصادية من وقف انحدار المؤسسات نحو الهاوية؟
يعاني لبنان من عدة مشاكل نتيجة ما يحصل في محيطه الجغرافي ضمن سوريا، العراق والخليج العربي. فلبنان برغم مساحته الصغيرة 10452م2 له مساحة ووجود في الدول العربية والدولية عبر المغتربين الذين يساهمون في إدخال حوالى 8 مليارات دولار سنوياً. إضافة لذلك، الوجود اللبناني في الخارج يقوّي صادراتنا، اقتصادنا واستثماراتنا. لذا، فإنّ التراجع الحاصل هو في الصادرات على مدى السنوات الثلاث الأخيرة. إذاً، ما يحصل في لبنان اليوم مقارنة بلبنان عام 2008 و2010 سببه المشاكل الأمنية والسياسية. وبالرغم من وجود مليون و200 ألف سوري، يبقى لبنان البلد الأكثر أمناً وأماناً واستقراراً. لذلك، هناك مساعدات دولية عسكرية من الدول التي تعي تماماً أن خروج اللاجئين السوريين من لبنان سيشكّل خطراً عليها وعلى الدول الأوروبية. لذا، كان من الأفضل لها الحفاظ على استقرار البلاد وإبقاء اللاجئين في كلّ من لبنان والأردن حتى تسوية الوضع السوري. خلاصة الأمر أن لبنان برغم كلّ ما يحدث في جواره حافظ خلال 22 سنة على عمق الأمور المالية والنقدية، من دون وجود انخفاض في عملته، على غرار ما حدث لليرة السورية والتركية، وكذلك العملة العراقية والأوروبية.
هل تعتقدون بأنّ الاقتصاد اللبناني مازال متجهاً نحو الأسوأ وكيف ستواجهون ذلك؟
هناك انكماش اقتصادي في لبنان، وله عدّة أسباب. أولاً: إغلاق الحدود اللبنانية بشكلٍ كلّي من ناحية سوريا والعراق وكذلك الحدود مع العدو الإسرائيلي. ثانياً: ما يمرّ به الخليج العربي منذ عام 2010 من أزمات تتعلّق بسعر البترول وأزمات سياسية آخرها الأزمة القطرية. كلّ هذه الأسباب دفعت باتجاه تراجع الاقتصاد نتيجة شحّ الواردات. ما نمرّ فيه يحتاج إلى الصبر. ونحن اليوم في مرحلة الصمود، وسيعاني من المشاكل من هو غير قادر على التحمّل والصمود.
هل سيستمرّ الوضع الاقتصادي على حاله هذا العام، خصوصاً بعد صدور قانون الانتخابات؟
لا أعتقد بأنّ الوضع سيتغيّر كثيراً برغم التقدّم في بعض النواحي السياسية، كإصدار قانون الانتخابات. العملية الانتخابية ستؤدّي إلى صرف الأموال داخلياً. هناك إمكانية لأن يعيش المواطن مجدّداً وأن يكون له قيمة إذا تمّ انتخاب الشخص المناسب. ولكن من المؤسف أن ينتخب المواطن نفس الأشخاص الذين احتجّ عليهم سابقاً. يجب أن يكون هناك حوار بين المشرّع، أي النائب والمواطن، إضافة لوجود القوانين والأنظمة التي تحدّد وتنظّم الأعمال. ومن دون وجود نائب يسنّ القوانين فلن يكون هنالك أعمال تُنجز. هناك الكثير من القوانين التي عفا عليها الزمن، وهي بحاجة إلى التحديث، كقانون التجارة، الذي ما زلنا نطالب بتعديله منذ عام 1996، وقانون الضمان الاجتماعي، الضرائب، الموازنة، موضوع النفايات وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى حلول جذرية. أنا أرى أنّ الدولة غائبة عن تحديث لبنان. ومن هنا، فواجبي كمواطن هو أن أنتخب النائب الذي يعطيني رؤية لبنان الحديث، بما يضمن مستقبل أولادنا وشبابنا. أتمنى على كل مواطن لبناني أن ينتخب الشخص المناسب القادر على إحداث تغيير إيجابي في لبنان، وعلى الدولة أن تتبنّى المواطن، لأن الحلّ يكمن في النواب وكيفية انتقائهم وانتخابهم.
لبنان مهدّد بعقوبات أميركية جديدة. برأيكم ما هو انعكاس هذه العقوبات على الواقع المالي والاقتصادي؟
هذا التهديد ليس الأول، إذ نحن نعاني منه بشكل دائم، كي نشعر بأن هناك سيفاً فوق أعناقنا. هم أنفسهم يتعجبون من كيفية استمرارنا وصمودنا، برغم كل ما يعانيه البلد من ضغوطات. بالنسبة لنا، القطاع المصرفي هو الأهم. فنحن كمصانع ومؤسسات لا يمكننا الاستمرار من دونه، كما يقوم قادة المصارف بالدفاع عن وجهة نظرهم عبر المؤتمرات التي يشاركون فيها خارجاً. لذا، هناك علامة استفهام دولية حول قوة وقدرة القطاع الخاص اللبناني على الصمود.
كيف تقيّمون العلاقة بين رجال الأعمال اللبنانيين وبين اتحاد رجال الأعمال للبحر المتوسط بصفتكم رئيساً له؟
مؤسسة اتحاد رجال أعمال البحر الأبيض المتوسط تضمّ 19 دولة، ولبنان عضو فيها عبر جمعية الصناعيين اللبنانيين. نقوم أنا ومحمد شقير بالعمل سوياً لأجل لبنان. ولكن التفاعل الذي يحصل ضمن الاتحاد ليس للبنان فقط وإنّما هو تفاعل جغرافي على امتداد البحر المتوسط. يمرّ جميع الدول الأعضاء في الاتحاد بأزمات مالية كإسبانيا، إيطاليا، اليونان، تونس، سوريا وغيرها من الدول. ونحن كأعضاء في الاتحاد غير راضين عن الشراكة مع السوق الأوروبي المشترك لأنه لا يقوم بواجباته تجاهنا، علماً أنّ رئيس الحكومة اللبنانية الشيخ سعد الحريري قام بزيارة برفقة الوزراء المختصين وطالبوا على إثرها بمساعدات تتعدى الـ11 مليار دولار. بالنسبة لنا، الشريك هو الأخ الأكبر والمساعد الأول، وكلّ هذه الأمور لم نلمسها على أرض الواقع. لذا، نحن نتساءل إن كان من الضروري الاستمرار في اتحاد رجال أعمال البحر المتوسط؟ هل من الضروري الاستمرار في الشراكة الموقّعة مع السوق الأوروبي؟ نحن إن لم نجد التكامل بيننا فإنّ المنطق يفرض علينا التفكير في اتجاه آخر.
ماذا على صعيد العلاقة مع روسيا، وأين أصبحت اتفاقات المشاريع الموقّعة معها؟
قمنا بزيارة مهمة جداً خلال هذا العام، ضمّت 3 وزراء: السياحة، الاقتصاد والصناعة، وناقشنا عدّة مواضيع نتج منها قيام العديد من الأشخاص والمؤسسات الروسية بزيارة لبنان لاحقاً لدراسة كيفية إرسال وفود بهدف السياحة في لبنان. هناك مخطط زيارة لكلّ من رئيسي الدولة والحكومة ميشال عون وسعد الحريري. تندرج هذه الزيارات ضمن الأجندة الروسية، ونحن نتحرّك بشكل أسرع وفي عدّة اتجاهات لنجعل التصدير والاستيراد من لبنان إلى روسيا.
كيف يمكن للبنان أن يحلّ مشكلة إغراق السوق بالبضائع والمنتجات الأجنبية؟
نتيجة اتفاقيات التجارة الحرّة الموقّعة أصبحت البضائع الأجنبية تدخل لبنان من دون قيود ورسوم جمركية، بالإضافة إلى التهريب الذي ضرب أطنابه. فمثلاً: الصين هي المصدّر الأول إلى لبنان، لكن البضائع تصل إلى مرفأ اللاذقية وتدخل الحدود اللبنانية بتكلفة 5000 دولار أميركي للحاوية الواحدة، علماً أن سعرها يجب أن يكون 50 ألف دولار أميركي. لذا، يجب وضع قوانين تحدّ من هذه العمليات. بالفعل، هناك تعيينات جديدة في لبنان لمسؤولين باشروا العمل لحلّ هذه المشكلة، حيث تمّ تضمين فكرة الحدّ من الاستيراد ضمن الخطة التي وضعها وزير الصناعة بالتوافق مع وزير الاقتصاد. لأول مرة أشعر أنّ الدولة اللبنانية ممثّلة بفخامة الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء الصناعة، الصحة، الاقتصاد، الزراعة والسياحة تعمل قدر الإمكان لإيجاد حلول بالتكامل مع القطاع الخاص للحدّ من الاستيراد.
مزاحمة السوري للبناني في العمل خلق أو زاد من نسبة البطالة الموجودة، فما رأيكم في ذلك؟
السوري موجود في لبنان منذ زمن بعيد، ويعمل في كلّ من الزراعة والبناء. اليوم، ربما تنوّعت الأعمال التي يقوم بها السوري من تجارة وصناعة. لكن ضمن الاتفاقيات الموضوعة يحقّ لكل عربي أن يعمل ويستثمر في لبنان. لذا، فإنّ موضوع العمل يحكمه حزمة القوانين المفروضة. ومن هنا، من الضروري والواجب أن يكون هناك رؤية مستقبلية وقانون يحمي الشباب وفرص عملهم وينظّم عمل الأجانب على الأراضي اللبنانية.
ما رأيكم في تشكيلة الحكومة الجديدة؟
لديّ احترام كبير لهم، سواء أكانوا من "حزب الله" أو القوات اللبنانية، ولكل من وزراء الصحة، الشؤون الاجتماعية، الإعلام والسياحة. فهؤلأ أكنّ لهم الإعجاب لما يقومون به من محاولات عدّة للنهوض بلبنان، برغم مختلف الضغوطات التي نعيشها ويعيشها البلد.
تعليقات الزوار