يهمّنا تقوية الدور الروسي في لبنان
جاك صراف عميد الصناعيين السابق في لبنان، ورئيس اتحاد المستثمرين اللبنانيين، ورئيس مجلس الأعمال اللبناني - الروسي، ورئيس الجمعية اللبنانية للطاقة المستدامة ورئيس اتحاد رجال الأعمالللبحر المتوسط وعضو مجلس إدارة غرفة التجارة الدولية. ورئيس مجموعة "ماليا هولدينغ" العملاقة، ضمن قطاعات متعددة، وتعتبر واحدة من أكبر 5 شركات لبنانية. أما اتحاد المستثمرين الذي يرأسه جاك صراف فيمثل أكثر من 1000 شخصية لبنانية، منهم 900 لبناني مقيم و100 لبناني في الخارج، ويعمل على إعادة بناء لبنان بالاستثمار. التقيناه في مكتبه ليُطلعنا على أهم المشاريع المنجزة لهذا العام، وليُحدّثنا عن واقع العلاقات اللبنانية - الروسية والتبادل التجاري بين البلدين، فضلاً عن نظرته إلى الواقع الاقتصادي الحالي ومستجدات ملف النفط في لبنان.
تمّت إعادة انتخابك رئيساً لمجلس الأعمال اللبناني - الروسي، فما هي المشاريع والأعمال التي قمتم بها منذ بداية العام وحتى اليوم؟
أصبحت روسيا خلال العام المنصرم أقوى بكثير على مساحة المنطقة، لا سيما بعد التداخل السياسي الحاصل حالياً في سوريا، لبنان والعراق. في لبنان أعلنت الشركات الروسية وجودها في قطاع البترول كأول قطاع. وفي آخر زيارة لوزير الخارجية جبران باسيل إلى نظيره الروسي "سيرغي لافروف" تواعدا أنه سيكون للشركات الروسية دور أكبر في المحطات الأخرى من الغاز والبترول، وسيكون لروسيا دور كبير في سوريا، كما أنهم عقدوا اتفاقاً كبيراً مع جمهورية العراق في أربيل، وهناك فريق يعمل في كوردستان. إن توجّه السياسة الروسية يمتد إلى لبنان، ونحن كرجال أعمال نحاول أن نتماشى مع هذه السياسية، وفي الفترة الأخيرة، زارت روسيا كل الأحزاب في سوريا لبحث ملف النازحين السوريين. كرجال أعمال، يهمّنا تقوية الدور الروسي في لبنان، والبحث في إدخال بعض السلع إلى روسيا، من ملابس وأدوية والعديد من المنتجات الاستهلاكية، ونحن لدينا شركة "لادا" في لبنان، ومبيعاتها متزايدة وشركتها مميّزة.
صرّحتم بأنّ تركيبة المجلس النيابي الجديدة تراعي مختلف القطاعات الاقتصادية. كيف سيتمّ ذلك؟
دخل إلى المجلس النيابي رجال أعمال، بعدما كانت الأغلبية من المحامين والأطباء، فبلغ عددهم 16 شخصاً، وسيبدأون في بناء الاقتصاد بوساطة التشريع. من جانب آخر، قلّ عدد المحامين كثيراً في البرلمان، وسيضعف التشريع إذا لم يكن هنالك رؤية اقتصادية واضحة ومتكاملة عبر التشريع الذي يُنفّذ هذه الرؤية. اليوم، سيكون المجلس مختلفاً، لأنه يضمّ العديد من رجال الأعمال الأصدقاء الذين يملكون تجارب اقتصادية وخبرات في هذا المجال، وأؤكّد بأنه لا يمكن التشريع لمجتمع معيّن من دون فهم حيثياته وواقعه. ونحن كمجتمع اقتصادي ننشئ وظائف، وهم يتحدثون عن تجربتهم الاقتصادية لا السياسية فقط. من هنا، تفاؤلنا مختلف، والله يطوّل بعمر الرئيس نبيه بري المنفتح على هذه الرؤية لرجال الأعمال.
ما هو رأيك في خطة "ماكنزي"؟ وهل ستتمكّن الهيئات الاقتصادية من تطبيقها عندما يتمّ تشكيل حكومة جديدة؟
لقد قمنا بدراسة خطة "ماكنزي"، ونعتقد بأنّها مجرّد دراسة وليست عصا سحرية. وقد كلّف وزير الاقتصاد رائد خوري هذه الشركة ليرى الأمور الضبابية. ونحن بانتظار أن يتعهّد الجميع بتنفيذ هذه الورقة حتى تنتقل من مشروع إلى خطة تنفيذية، فلا تبقى مشروعاً مخطوطاً على ورقة، لأنه تجري العادة أن نضع الخطط والدراسات في الأدراج. واليوم، أعطى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري أهمية كبرى لهذه الخطة، وسيضعونها موضع التنفيذ في الحكومة العتيدة، ما يعني أنّ كل وزير لديه خطة كي ينفّذها، وكي يضعها وفق منظور القطاعات الصناعية المهمّة، وقد تمّت تسمية صناعات الأدوية، التكنولوجيا، السياحة وعدد من الأبواب. وكل وزير ينبغى له أن يضع العناوين الكبيرة ويرفقها بمشروعه، ثم يعمل على تلك العناوين من ضمن جهود الحكومة العتيدة لوضعها ضمن خطتها التنفيذية.
ما هي المشاريع الاستثمارية التي تمّ عرضها لتنمية الكورة والشمال في آخر زيارة لكم "لتكتل الجمهورية القوية"؟
أُجري اتصالات دورية مع العديد من المسؤولين في منطقة الشمال على الأصعدة كافة. بالنسبة لنا، نحاول تحميل النواب المسؤولية ومشاركتهم الرأي، لأنّ هذا المشروع كبير ولا يمكن أن يحمله أشخاص بل قطاعات متعدّدة. ما يهمّني هو أن أعطي مشروعاً لبلدة أنفة كي تصبح "أنفة السياحية" على الشاطئ اللبناني. فالمناطق الشمالية متروكة، سواء أكانت في عكار، طرابلس، البقاع، الكورة أو بشرّي. في الواقع، هنالك 3 رؤساء أحزاب من الطائفة المارونية لا يفكّرون كثيراً في تنمية هذه المناطق مثل الكورة، فهذه المنطقة مهجورة ومتروكة إلى حدّ بعيد.
ما هي المشاريع السياحية التي تقومون بها في هذه المناطق؟
نقوم حالياً بتنفيذ مشروع سياحي كبير لا يوجد له مثيل، لأنّ موقعه مختلف على مساحة كبيرة، وعندما ينتهي هذا المشروع سنعرض تفاصيله في مؤتمر صحافي، وهو على مثال "القرية الحديثة". وإذا بدأنا به في عام 2019، فسنُنهي العمل فيه في عام 2021.
هل ستساهم حركة إعادة إعمار سوريا في إنعاش الاقتصاد اللبناني؟
من المبكر الحديث عن هذا الموضوع، لبسبب بسيط جداً، هو أن سوريا ليست في المرحلة الآمنة حتى الساعة. فاليوم لدينا إعادة إعمار العراق، ويجب أن نرى ماذا يمكن أن يحصل. من المهمّ أن يكون لدينا علاقات جيدة مع سوريا قبل إعادة الإعمار.
ما هي أهم المنتجات التي يتمّ تصديرها من لبنان إلى روسيا؟
تتنوّع المنتجات التي تُصدّر إلى روسيا، فمنها: الملابس، المنتجات الزراعية، المواد الغذائية والأدوية. في مجال الزراعة، يتمّ فتح السوق من جديد، وبحثنا يتركّز في نوعية التفاح، في الوقت الذي نتلمّس بداية الطريق. في الماضي، كان الطريق في اتجاه واحد، لكننا نعمل اليوم ليكون في اتجاهين، والروس يعملون على ألاّ يكون حضورهم في المنطقة عسكرياً فحسب، بل اقتصادياً ومبنيّاً على الاستثمارات، ونحن نبحث معهم في مشاريع كثيرة، وعندما تتحقق سنعلن عنها.
برأيك، هل لدى الروس الخبرة الكافية في منطقتنا؟
إنّ الروس هم الوحيدون الذين لديهم الخبرة الكافية، لأنّ وجودهم تاريخي ومستمرّ، ومنذ أيام الاتحاد السوفياتي، كانت لديهم علاقات مهمة بدول مثل: مصر، سوريا، إيران والعراق. أما اليوم فتوسّعت إلى منطقة الخليج، وتنوّعت الصناعات الروسية، وأصبحت الخبرة متكاملة، لذلك نسعى إلى التكامل في ما بيننا. إن دخول روسيا إلى سوريا ساهم في عودة الاستقرار الأمني السوري، وأدّى إلى توحيد كل من تركيا، سوريا، العراق وإيران، ما يعزّز الاستقرار الأمني في هذه الدول. فالاقتصاد يتماشى مع هذا الاستقرار، ونحن نرى اليوم أنّ الجميع انسحب. أوروبا باتت تعالج مشاكلها الأمنية، وأميركا لم يكن لها تاريخياً وجود إلاّ بضغط القوة في الخليج، لكن روسيا هي الورقة الوحيدة، وقد ظهرت الصدقيّة الروسية تجاه بقية البلدان.
هل ما زلتم غير راضين عن شراكتكم مع السوق الأوروبي؟
إن قناعتنا لا تتغير أبداً، لكن المشكلة اليوم تكمن في أننا وقّعنا اتفاقية مع السوق الأوروبي، بعد أن أخذت الكثير من البحث والدراسة، وقد تبيّن أن اتفاقية الشراكة هي لمصلحة أوروبا وليس لبنان. نحن شعرنا بأننا سندخل إلى سوق الـ 350 مليون دولار أميركي مقابل سوق الـ 4 ملايين دولار أميركي، إلاّ أننا اكتشفنا أنّ سوق الـ 350 مليون أقلّ من سوق الـ 4 ملايين. والدول الأوروبية خلقت لنا مصاعب عدّة، بعد منعنا من تصدير التكنولوجيا إلى أوروبا، برغم أنها لم تكن موجودة في الاتفاق المذكور. اليوم، إيطاليا وفرنسا لديهما خلاف مع أوروبا، وإذا لم نتعامل معهم ونشتري منهم سيقاطعوننا. في المقابل، يُمنع علينا تصدير أيّ شيء، فيما نستورد من أوروبا من 8 إلى 9 مليارات دولار. وماذا نحصّل في المقابل؟ لا شيء، نحصُل فقط على هبات بقيمة مليار دولار، وتصل المساعدات فقط من 270 إلى 370 مليون دولار، مقابل الصادرات التي لا تصل إلى 400 مليون دولار تقريباً. فالموضوع ليس موقفاً شخصياً، ولكنه موقف حسابي، لأنهم يأخذون أموالاً ومبالغ طائلة منّا، وفي المقابل يتمّ منعنا من أخذ أي شيء. لذلك، يجب إعادة دراسة الاتفاقيات لتكون المصلحة مشتركة بين الجانبين.
من المتوقع أن يتحوّل لبنان إلى بلد منتج للنفط، فهل الدولة جاهزة للتعاطي مع صناعات ضخمة كهذه في ظلّ الوضع السياسي المنقسم؟
سيبدأ الصندوق السيادي بتلقّي العائدات النفطية في عام 2020، والدولة اللبنانية تتهيّأ وتستعدّ لهذا الأمر، لأنه الحلّ الوحيد لتسديد كامل الديون. نأمل في أن تكون صورته جيدة بالرؤية الموضوعة، وهذا مطلب أساسي في اتفاقية مؤتمر "سيدر" كي يؤمّن مدخولاً على أساسه نأخذ ديوناً دولية على أساس 20 عاماً وأكثر.
هل سيكون عام 2019 أسوأ من هذا العام؟
يعاني لبنان عجزاً أساسياً، وعلينا معالجته لكي ينهض، ويبدأ العلاج من خلال وقف التوظيف، لأن هنالك أعداداً كبيرة توظّف في الإدارة، ما يشكّل هدراً في خزينة الدولة، ولا نعرف إلى أين سيذهب البلد؟ يجب مكافحة العجز، تحرير الاقتصاد والإصلاح الإداري، حتى لا تكون المشكلة أكبر وأسوأ ونصل إلى الانهيار وافتقاد الوطن.
تعليقات الزوار