ما زالت أزمة توقّف القروض السكنية المدعومة من مصرف لبنان تؤثّر بشكل كبير في الدورة الاقتصادية وحركة الأسواق العقارية، إذ جعلت المقاولين يعانون من ركود في حركة البيع والشراء، في وقت تضرّر القطاعان الصناعي والتجاري اللذان يرتبطان بدورهما بالقطاع العقاري، وذلك ما أدّى إلى تبدّد حلم الشاب اللبناني في تملّك شقة سكنية في بلده في ظلّ تزايد الصعوبات المعيشية والحياتية التي حدّت من قدرته الشرائية وإمكانياته في مجال الادخار. لذلك تتّجه الشركات العقارية حالياً إلى طرح حلول مؤقتة، تقوم على اعتماد تسهيلات في عمليات الدفع والتقسيط لزبائنها عند شرائهم عقاراً جديداً أو استكمال تسديد المدفوعات المتوجبة عليهم، لتتفادى آثار هذه المشكلة قدر الإمكان. وبالرغم من تأزّم وضع القطاع العقاري في الفترة الراهنة، يُشدّد البعض على قدرة هذا القطاع في مواجهة الانهيار، لأنه قيمة ثابتة في البلد، كما أن السوق يشهد للمرة الأولى حركة شبه معدومة في بيع العقارات وشرائها، بسبب تراخي الحكومة في وضع سياسة إسكانية تخدم الناس والاقتصاد، ممّا دفع المجتمع الدولي، واستجابةً للحاجة الملحّة التي عرضها بعض المسؤولين، إلى تقديم قروض وهبات للبنان من خلال مؤتمر "سيدر" بقيمة 11 مليار دولار، فشكّلت هذه الاستجابة العربية والدولية لطلبهم رسالة دعم للصيغة اللبنانية وللاستقرار في البلد، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع واستثمارات مهمّة لإعادة تأهيل البنى التحتية وزيادة قدرة لبنان التنافسية.
هذه المبادرات تُعتبر حلولاً مؤقتة بانتظار تفعيل القروض السكنية المدعومة من جديد، وصرّح المعنيون بأنّه سيكون هناك المزيد من الرُزم المالية المحدّدة من مصرف لبنان مطلع العام المقبل، وأنّ المصارف على أتمّ الاستعداد لتأدية دور ناشط وفعّال لإنجاح السياسة الإسكانية. أعرب وزير الشؤون الاجتماعية النائب بيار بو عاصي عن واجبه المتمثّل بطرح الأفكار التي تساهم في الحلّ، إذ طلب حصر القروض المصرفية بالمؤسسة العامة للإسكان ذات الشروط الناجعة، كي تكون هناك سياسة إسكانية واضحة، تستهدف الشباب ذوي الدخل المحدود، وكي يتمّ الخروج من القروض المدعومة بقيمة كبيرة، والتي أدّت إلى تدهور القدرة على تمويل القروض. كل ما تقدّم يدخل في باب التطمينات التي تأتي على شكل وعود وحلول يحملها المواطن في جُعبته وينتقل معها من سوق عقاري إلى مصرف أو مركز للتسليفات والقروض للنظر في وضعه مع استمرار هذه الأزمة. ويبقى الأهمّ في نهاية المطاف هو الانطلاق في ورشة اقتصادية شاملة تُتيح تغييراً جدّياً في حياة المواطنين اللبنانيين، ونأمل أن يتمّ إنعاش هذا القطاع من جديد.
تعليقات الزوار