منذ القدم كان لبنان نافذة الشرق الأوسط على البحر الأبيض المتوسط وميدان التفاعل الاقتصادي والحضاري بين الشرق وعالم المتوسط، وبمساحته الجغرافية الصغيرة استطاع أن يكون مركزاً رئيسياً للتجارة والتصدير في المنطقة، مستنداً إلى موقعه الاستراتيجي، وسط قارات آسيا وافريقيا وأوروبا، والى اعتماده نظام التبادل التجاري الحرّ. الموقع والدور مكّنا لبنان من إيصال صادراته إلى الأسواق العربية والعالمية. وبالرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة، وتداعيات الأحداث في المنطقة، حافظت الصادرات الصناعية على حضورها في الأسواق، إذ أظهرت دراسة المركز اللبناني أن لبنان يتمتّع بميزة نسبية في 337 منتجاً مصدّراً من أصل 1147 منتجاً، ويعني ذلك أنه قادر على بيع هذه المنتجات بما يتخطّى حصّته في السوق العالمي. وتشكّل هذه المنتجات (337 منتجاً) نسبة 30% من مجموع الصناعات المصدَّرة، وتتوزع على 16 قطاعاً بنسب مختلفة: 19% في قطاع الأطعمة الجاهزة، 17% في قطاع اللؤلؤ الطبيعي أو الصناعي، 15% في قطاع الكيمياويات والصناعات المساندة، 13% في قطاع الآلات والمنتجات الزراعية، 11% في قطاع المعادن الأساسية، 7% في قطاع الخضراوات، 6% في قطاع لبّ الخشب، 4% في قطاع الأقمشة، 4% في قطاع البلاستيك والمطّاط، و5% في قطاعات أخرى مختلفة.
بناءً على الإحصاءات الصادرة عن إدارة الجمارك، ووفقاً للمنهجية الإحصائية المعتمدة لدى مصلحة المعلومات الصناعية في وزارة الصناعة، بلغ مجموع قيمة الصادرات الصناعية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري حوالى مليار و137.4 مليون دولار أميركي مقابل مليار و79.3 مليون دولار أميركي خلال الفترة عينها من عام 2018. أرقام وإحصاءات تدفع إلى التفاؤل، ويجب بدورها أن تشكّل حافزاً لإعطاء الصناعة اللبنانية كل الدعم والاهتمام، إيماناً بأنّ هذا القطاع هو الركيزة الأساسية التي يجب أن تُبنى عليها أي رؤية للخروج من الأزمة الراهنة.
أهمّ المنتجات اللبنانية المصَدَّرة إلى دول العالم
احتلّت صادرات الصناعات الكيمياوية خلال شهر أيار من العام الجاري المرتبة الأولى، إذ بلغت قيمتها 64.9 مليون دولار أميركي. وتصدّرت فرنسا لائحة البلدان المستوردة لهذا المنتج، إذ استوردت ما قيمته 14.8 مليون دولار أميركي، تليها الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية بقيمة 49.3 مليون دولار أميركي. واحتلّ العراق صدارة الدول المستوردة لهذا المنتج بقيمة 9.9 ملايين دولار أميركي. ثم بلغت قيمة منتجات صناعة الأغذية والتبغ 39.3 مليون دولار أميركي. واستوردت المملكة العربية السعودية ما قيمته 7.5 ملايين دولار أميركي، بينما بلغت قيمة المعادن العادية ومصنوعاتها 34.1 مليون دولار أميركي. أما بالنسبة إلى قطاع النبيذ، وبحسب أرقام الجمارك، فإنّ نسبة 47% من صادرات هذا المنتج تتركّز في سوق المملكة المتحدة، يليه سوق الولايات المتحدة بنسبة 20% وفرنسا بنسبة 15% وكندا بنسبة 8%، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة بنسبة 6% وألمانيا بنسبة 4%.
خريطة انتشار الصناعات اللبنانية
شكّلت الدول العربية الأسواق الرئيسية للصادرات الصناعية اللبنانية، حيث بلغت قيمة الصادرات إليها 135.6 مليون دولار أميركي، أي ما نسبته 50.7% من مجموع الصادرات، بينما سجّلت قيمة الصادرات إلى الإمارات العربية المتحدة 26.9 مليون دولار أميركي، أي ما يوازي 10.1% من القيمة الإجمالية للصادرات الصناعية. واحتلّت المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية بقيمة صادرات بلغت 22.1 مليون دولار أميركي، أي ما يوازي 8.3%، يليها العراق بقيمة سجّلت 21.1 مليون دولار أميركي، أي ما يوازي 7.9%، بينما استوردت الدول الأوروبية ما نسبته 21.9%، والدول الافريقية غير العربية ما نسبته 9.8%، تليها الدول الأميركية بنسبة 8.1%.
الوزير وائل أبو فاعور: ستمنح الوزارة "ختم الجودة" لرفع مستوى الصناعات اللبنانية
"بالوطني بدعم وطني"... عنوان الحملة الوطنية التي يقودها وزير الصناعة وائل أبو فاعور لدعم الصناعة مراهناً على قدرة المصنّع اللبناني على تأمين منتجٍ وطني يراعي معادلة الجودة والسعر، وساعياً لحصر خيارات المواطن في خانة "صنع في لبنان"، لأنّ المنتَج اللبناني رخيص الثمنوجودته عالية، ولذا يجب منحه الأولوية في الاستهلاك. فكل "ليرة" تُصرف على الإنتاج اللبناني هي بمثابة توظيف واستثمار بحدّ ذاته لدعم الإنتاج الوطني والتخفيف من الأعباء الاقتصادية على البلد. هذه الحملة لم تُطلق من فراغ، بل كان الوزير أبو فاعور قد مهّد الأرضيّة لها بإعلان سلسلة إجراءات وتدابير تحفيزية أمّنت حصانة للصناعة اللبنانية، وخفّضت بعض عناصر تكاليف الإنتاج ووفّرت مناخاً مؤاتياً للاستثمار في القطاع الإنتاجي الأول في لبنان. وسعياً إلى إنتاج صناعات مطابقة للمواصفات، عمد الوزير إلى إطلاق مشروع جديد بعنوان "جودة الصناعة وسلامة الغذاء"لتشجيع المصانع الغذائية على تطبيق هذه المعايير وضمان جودة وسلامة الغذاء للمستهلك في لبنان والخارج، وللحصول أيضاً على "شهادة الجودة وسلامة الغذاء" وعلى "ختم الجودة" الذي ستمنحه الوزارة لرفع مستوى الصناعات اللبنانية ودعمها محلياً وخارجياً، لأنّ الحصول على الشهادة والختم يعطي ثقة أكبر للمستهلك ويؤدي إلى رفع مستوى سلامة الغذاء في لبنان.
الصناعة اللبنانية خطوات على طريق التطوير
جهود للوزير أبو فاعور تنطلق من إيمانه بأن الصناعة هي مفهوم تنموي أشمل من مردود تحقيق الأرباح. ففي حوار اقتصادي مع رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين د. فادي الجميّل ومجموعة من رجال الاقتصاد والأعمال والصناعيين شدّد الوزير على دور الصناعة التنموي، معتبراً أنه مهما بلغ إنفاق الدولة على دعم الصناعة يبقى أقل تكلفة من المردود الكبير الذي تؤمّنه هذه الأخيرة للتنمية المستدامة. كما كشف أبو فاعور أن الوزارة بدأت بوضع بعض العقبات التقنية أمام المستوردات غير المطابقة للمواصفات تطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل. فخلال الفترة القليلة الماضية شهدت الصناعة تطوّراً ملحوظاً، لأنّ الصناعيين يقاتلون من أجل التطوير والتحديث، ولأنّ الدولة أبدت حرصها تجاه القطاع الصناعي، ما انعكس إيجاباً على الصادرات التي بلغت في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 1.299 مليار دولار أميركي، بينما بلغت في الفترة نفسها من العام الماضي 1.265 مليار دولار أميركي. وتعليقاً على تقرير الصادرات الصناعية عن الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، أشار الوزير أبو فاعور إلى أن الإجراءات التي دفعت الوزارة والوزارات والإدارات الأخرى لتبنّيها أدّت إلى تسهيل عملية الإنتاج وتخفيض تكلفته وتسريع تخليص المستوردات من المواد الأولية والبضائع لزوم التصنيع. إلى جانب ذلك، تمّ تسهيل الإجراءات على الصناعيين من ناحية استيراد المواد الأولية أو التصدير وتخفيض تكلفة تكديس البضائع في مرفأ بيروت، وإعفاء حوالى 300 صنف من المواد الأولية المستوردة للصناعة من 50% من رسوم المرفأ. كذلك، أعفي بالكامل عدد من المواد من الخضوع للفحوصات في معهد البحوث الصناعية، وأصبحت تدخل وفقاً لشهادة المنشأ، ما يؤدي إلى انخفاض التكلفة وتوفير الوقت على الصناعيين، فضلاً عن إزالة العوائق وتقصير المهل للحصول على التراخيص الصناعية.
مشروع قانون دعم الصادرات الصناعية اللبنانية من خلال نظام الردّيات إلى طاولة مجلس الوزراء
انطلاقاً من القناعة بأنّ خفض العجز في الميزان التجاري يجب أن يتم من خلال رؤية متكاملة تقوم على تحفيز التصدير من أجل زيادة حجم الصادرات وخفض تكلفة الإنتاج وتوسيع السوق المحلي للإنتاج الصناعي الوطني وخفض الاستيراد، كان مشروع قانون دعم الصادرات الصناعية اللبنانية الذي أحاله أبو فاعور إلى مجلس الوزراء. وينصّ المشروع على أن تُعطى المصانع المرخّصة وفقاً للأصول مبلغاً قدره 3% من قيمة صادراتها السنوية المصنّعة في لبنان، والحائزة على شهادة المنشأ في لبنان وفقاً للأصول، وذلك إذا تجاوزت صادراتها التي تستفيد من أحكام هذا القانون قيمة مئة مليون ليرة سنوياً، على أن لا يتجاوز المبلغ الذي تحصل عليه المصانع التي تستفيد من أحكام هذا القانون المليار والخمسمئة مليونليرة لبنانية، وذلك مهما بلغت قيمة صادراتها السنوية، على أن يحدّد مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الصناعة الصناعات التي تستفيد من أحكام هذا القانون. هذه الخطوة تترافق مع السعي إلى دخول أسواق جديدة، وإلى تسهيل تصدير المنتجات عن طريق صياغة سياسة صناعية واضحة، ترتكز على تعزيز الصادرات بدلاً من الاكتفاء بحماية الإنتاج المحلي. فالتجارب تؤكّد أنّ الدول التي تمكّنت من الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة ركّزت على التنوّع، وعزّزت صادرات المنتجات المعقدة، إذ يتطلب تحقيق النمو المستدام تحولاً اقتصادياً هيكلياً يقوم على تنويع الصادرات لتشمل منتجات أكثر تعقيداً.
الوزير منصور بطيش: يجب إعادة النظر في النموذج الاقتصادي
الذي تمّت ممارسته وليس في النظام
من ضمن الخطة الإصلاحية أكّد الوزير منصور بطيش أنه يجب الذهاب إلى اقتصاد منتج يخلق فرص عمل ويحقّق العدالة الاجتماعية، إذ بات من الضروري إعادة النظر في النموذج الاقتصادي الذي تمّت ممارسته وليس في النظام وحسب، عبر خلق بيئة حاضنة للاستثمارات بوساطة مجموعة من الحوافز، بالإضافة إلى البدء بتطبيق خطة الكهرباء لتخفيف التكلفة على الخزينة والمواطنين. كذلك بحث الوزير بطيش مع وفد اقتصادي من فيتنام سُبل تشجيع التبادل التجاري، وتمّ وضع اتفاق تجاري بين البلدين لتنظيم هذا التبادل، انطلاقاً من حرصه الشديد على تشجيع التصدير إلى فيتنام، خصوصاً أنّ الفيتناميين مستعدّون اليوم للاستيراد من لبنان.
تعليقات الزوار