قوة العزيمة هي الإصرار على تجاوز كل الصعوبات والتحديات والعوائق للوصول إلى الهدف بنبل وصدق، والعزيمة الصلبة هي التي لا تلين تحت وطأة أي ظرف من ظروف الحياة. ستة عشر عاماً من المثابرة والعمل الدؤوب، امرأة طموحة، مثقفة، فكرها راقٍ وأسلوبها الاداري عريق تسعى الى التطور وتحب التحدي وتأبى الاستسلام.اندفاعها وحبها لعملها توّجا مسيرتها المهنية. اشهر قليلة تفصلها عن المشروع الأخضر بعد مشوار "سيدة" أعطت كل ما لديها من طاقة من اجل تثبيت انجازات أسلافها وتحويل المشروع الى مرفق من أهم المرافق الحيوية في الدولة. إنّها رئيسة المشروع الأخضر غلوريا أبو زيد مونارشا، الحائزة على شهادة في الهندسة الزراعية وأخرى في العلوم الزراعية من الجامعة الأميركية في بيروت. عملت مستشارة لدى وزير الزراعة سليمان فرنجية عام 1998، عيّنها مجلس الوزراء رئيسة للمشروع الاخضر سنة 2000، ومثلت لبنان في عدة محافل دولية كـ"الفاو"، كما عُيّنت محافظاً للبنان في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية IFADفي عهد الراحل وزير الزراعة الراحل الياس سكاف، عملت خلال ترؤسها المشروع الاخضر على تحديث البنية التحتية الزراعية من خلال انشاء برك لتجميع المياه، الى استصلاح الاراضي وشقّ الطرقات الزراعية في المناطق اللبنانية كافة. كما تم تعيينها في عهد وزير الزراعة أكرم شهيّب عام 2015 مديراً عاماً للتعاونيات اضافة الى ترؤسها إدارة المشروع الأخضر بالوكالة. وللغوص فيتفاصيل انجازاتها كان لنا معها هذا الحوار المثمر.
الى ماذا يهدف المشروع الاخضر؟
يهدف هذا المشروع إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية وتسهيل الوصول اليها كما وزيادة المساحات المروية، بغية مضاعفة إنتاجية الحيازات الزراعية وبهدف تأمين مصدر عيش لائق يمكّن المزارع من البقاء في أرضه ما يؤدي الى تحقيق الإنماء المنشود.
هل نُفّذ المشروع بالكامل؟
تأسّس المشروع الاخضر عام 1963 في عهد الرئيس فؤاد شهاب بوصفه مشروعًا مؤقتاً، أمّا اليوم فيعتبر من أهم المرافق الحيوية في الدولة اللبنانية لما يقدمه من خدمات للمزارعين في الأرياف ولمساهمته في الإنماء وبالتالي تاثيره الإيجابي على الإقتصاد الوطني وهو مستمر نظراً للحاجة الماسة وفي ظلّ غياب أي بديل.
ما هي أبرز انجازات المشروع الاخضر في عهدك؟
منذ تأسيسه قام المشروع الأخضر بإنشاء البنى التحتية الزراعية، من طرقات زراعية وبرك جبلية للري، واستصلاح الاراضي، وتمّت زيادة مساحات الاراضي المروية، وإنشاء خزانات من الباطون المسلح، كذلك تم شقّ وتعبيد مئات الطرق الزراعية.
أمّا خلال السنوات الست عشرة الماضية فقد تم استصلاح العديد من الاراضي التي بلغت مساحتها7.108 هكتارات، استفادمنها17.708 مزارعين، اضافة الى إنشاء البرك الخاصة والعامة وخزانات الباطون.
إضافة الىتنفيذ العديد من الطرقات وهي (منجز، القيطع، كفرتون، عيدمون، رمّاح، ذوق بمنين، حربتا، برقا، الرام، نبحا، نحلة، تلّ الأسود، القدام، أجد عبرين، مزرعة الشوف، راشيا، بريصا، منصورة، جوار الحشيش، علمات، وادي الليمون، روم،برغون، أميون-دار بعشتار، الكورة، بقاع صفرين، كفر مشكي، باربشر، برج رحال، خربة قنافار، وادي العرايش - بير هاشم، بوصيت) وهنالك العديد قيد التنفيذ.
اما بالنسبة للبحيرات فقد نفذت بحيرات (عروبة، الديمان، مرستي، مارون الراس، القمامين، اهدن، تنورين، اهمج، عيترون، شبعا، عين البنية، بوداي، بيت ليف، نحلة، عيتا الشعب، يونين، المضوي، مجدل سلم، منجز، كرم المهر، كفر شوبا) إضافة الى عدد من البحيرات قيد التنفيذ.
ما هي آلية الحصول على المساعدات وما هي قيمتها؟
يُقدم طلب استصلاح الأراضي من قبل الأفراد لدى مكاتب المشروع الأخضر الموجودة في بعلبك، زحلة، جونية، طرابلس، بيروت، صيدا والنبطية، بحسب موقع العقار المنوي استصلاحه مرفقاً بالمستندات اللازمة، يقوم فريق عمل المشروع الأخضر المؤلف من مهندسين وفنيين بزيارة الموقع لإجراء الكشف والتأكد من توفر الشروط والمواصفات الفنية الواجبة للاستحصال على المساعدة.
اما بالنسبة للطرق الزراعية والبرك العامة فيجب أن يُقدم الطلب من قبل مجموعة من المزارعين أو من قبل البلدية مع توفر شرط المصلحة العامة أي إفادة أكبر عدد ممكن من أبناء القرية من المشروع المنوي تنفيذه.
أما الحد الأقصى لقيمة المساعدة فهو عشرة ملايين ليرة لبنانية للأفراد وثلاثون مليون ليرة لبنانية للتعاونيات وللملك الشائع والأوقاف.
من يموّل المشروع الاخضر؟
يُموَّل المشروع الأخضر من موازنة وزارة الزراعة، اضافة الى القروض والهبات المقدمة من الجهات المانحة كالبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية IFAD.
واليوم نقوم بتنفيذ مشروع HASADبقيمة 16 مليون دولار مقدم منIFAD (الصندوق الدولي للتنمية الزراعية) وصندوق "اوبك"لإقامة 20 بحيرة تتراوح سعتها بين 20 و100 ألف متر مكعب وقد قمنا باختيار مواقع البرك، أُنجزت ثمانٍ منها وهناك ثماني برك قيد التنفيذ واخرى قيد الدراسة، وقد تم أيضاً قبول هبة من الاتحاد الاوروبي بقيمة مليوني يورو لتنفيذ 6 برك وهي قيد التلزيم.
برأيك، هل الزراعة في لبنان تراجعت، ولماذا؟
إن التركيز على قطاعي السياحة والخدمات ساهم في تراجع القطاع الزراعي وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي نشهدها والأوضاع الأمنية غير المستقرة في المنطقة والتي أثرت سلباً على القطاع الساحي وتراجع الاستثمارات الأجنبية أصبح من المهم إعادة التركيز على القطاع الزراعي من خلال دعم الاقتصادات المحلية الصغيرة عبر دعم المشاريع الزراعية في الأرياف لما تشكله من رافعة للاقتصاد الوطني، ما يجعل من البنى التحتية الزراعية التي ينفذها المشروع الأخضر دعامة اساسية للاقتصاد الوطني في ظل الظروف الراهنة.
هل تشرفين على انشاء المشاريع شخصياً؟
بالطبع أقوم بزيارات دورية الى مواقع العمل لمواكبة تنفيذ المشاريع والإشراف عليها ومراقبة سير العمل عن كثب ولتحفيز وتشجيع الموظفين المشرفين على تنفيذ هذه المشاريع.
ما هي المعوقات التي يعاني منها المشروع الاخضر؟
الى جانب التأخير في تحويل المبالغ المُرصدة في الموازنة للمشروع الأخضر ما يسبّب التأخر في صرف مبالغ المساعدات للأفراد، نعاني من نقص الكوادر البشرية حيث يبلغ عدد موظفي المشروع الأخضر اليوم 58 موظفاً بعد أن كان هذا العدد يتخطى الثلاثمائة موظف عند إنشاء المشروع، ورغم قلة هذا العدد فإنّ هؤلاء الموظفين يقومون بجهد مضاعف لتغطية هذا النقص وانجاز كافة المعاملات.
ماذا عن المشاريع المستقبلية؟
فلنترك الإجابة على هذا السؤال للخلف علّه يحمل في جعبته المزيد من المشاريع المثمرة خدمة لمصلحة القطاع الزراعي في لبنان انطلاقاً من مهام وصلاحيات هذا المرفق العام العزيز. فالمشروع الأساسي الذي أحمله اليوم هو النهوض بالقطاع التعاوني لما يشكله من أهمية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي علّني أوفق في مسيرتي المهنية الجديدة.
ما أبرز المشاكل التي واجهتك شخصياً في إدارتك للمشروع الأخضر؟
إن أبرز المشاكل التي واجهتني كانت دخولي الى الإدارة العامة من خارج الملاك فلم تكن لديّ الخبرة الكافية آنذاك ما اضطرني الى قضاء ساعات طويلة في العمل للاطلاع على كل تفاصيل العمل والقوانين التي ترعاه من جهة، ومن جهة أخرى وبوصفي امرأة صغيرة السن، إذ كنت أصغر موظفة في المشروع آنذاك، فلم يأخذني كثيرون على محمل الجدّ ما زاد من إصراري ومثابرتي من اجل النجاح في المهام الموكلة اليّ.
أنت صاحبة شخصية صارمة وقوية هل تنقلين هذه الشخصية معك الى المنزل؟
بالطبع لا، أفصل ما بين عائلتي وعملي وأعطي كلاً منهما حقه.
اشهر عدّة وتفصلك عن ادارة المشروع الاخضر، كيف تلخّصين هذه المسيرة؟
على الرغم من الصعوبات والعوائق الجمة التي واجهتها خلال سنوات العمل في المشروع الأخضر، أشعر اليوم بالفخر لكل ما أنجز وساهم في تحسين أوضاع مزارعين كثر وإنماء مناطق ريفية عديدة وأشعر أن هذه السنوات لم تذهب سدىً. المشروع الأخضر مرحلة مهمة في مسيرتي المهنية أعتزّ بها ولا شك سأشتاق لها ولكل فريق العمل الذي رافقني وساهم بإخلاصه وتفانيه للوصول الى كافة النتائج الإيجابية التي حقّقناها.
تعليقات الزوار