لبنان هو من بين أقدم البلدان فيإنتاج النبيذ في العالم. وكان للفينيقيين دور فعّال في نشر النبيذ وزراعة الكروم على امتداد سواحل البحر الأبيض المتوسط في العصور القديمة. شهد هذا القطاع نموّاً غير مسبوق، فقد ارتفع عدد مصانع النبيذ من 5 مصانع في العام 1990 إلى 44 مصنعاً حتى الآن.
إنّ زراعة الكرمة وصناعة النبيذ وصلتا إلى لبنان من خلال المملكة الرومانية القديمة وذلك منذ أيام اسكندر الأكبر قبل 2000 عام. بينما يعتقد البعض الآخر أن هذا الصنف من الزراعة والصناعة قد وصل من بلاد القوقاز عبر بلاد ما بين النهرين أو عن الطريق التجاري الذي كان يمرّ بالبحر الأسود آنذاك. وقد نمت هذه الزراعة وهذه الصناعة بسرعة كبيرة في أرض كنعان وفي سواحل لبنان، وتم تصدير النبيذ الجُبيلي (نسبة الى مدينة جبيل) إلى مصر القديمة ( 2686 - 2134 قبل الميلاد). كما تمّ تصدير الخمور من صور وصيدا إلى جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط القديم، وقد وجدت في حطام بعض السفن الفينيقية التي غرقت قوارير من النبيذ كانت لا تزال سليمة.وكان للنبيذ حيّز مهم في الديانات القديمة، الفينيقية، الرومانية واليونانية، وهذا ما يظهر جلياً في الاهتمام بتصوير أشجار الكرمة وكرومها. عندما أصبح لبنان جزءاً من الخلافة الإسلامية، انخفض إنتاج النبيذ إلاّ أنّ السلطة الحاكمة كانت تتغاضى عن وجوده بين السكان المسيحيين لأغراض دينية. وقد لجأ المسيحيون إلى تطوير العرق للإستعاضة به عن النبيذ. تمّ إحياء صناعة النبيذ في العام 1857، عندما زرع المسيحيون أشجار الكرمة المستوردة من الجزائر في "شاتو كسارة " قرب زحلة في وادي البقاع اللبناني.
فوائده
النبيذ، هو من أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم، فهو لا يتميّز بأنواعه المختلفة والمتعددة فقط، إنما أيضاً بطعم لذيذ وفوائد صحية عديدة.استُخدم النبيذ منذ القديم كدواء، ويُنصح كبديل آمن لمياه الشرب، وكمطهّر لعلاج الجروح والمساعدة في علاج مشاكل الجهاز الهضمي وعدد كبير من الأمراض، مثل الخمول، الإسهال وتسكين آلام الولادة.
أظهرت جميع الدراسات أنّ شرب النبيذ يجب أن يكون باعتدال، وذلك حسب العمر والجنس والوراثة، فالمرأة مثلاً تمتصّ الكحول بطريقة أسرع من الرجل، نظراً لاحتواء جسمها على نسبة أقل من المياه والأنزيمات. لذلك يعتبر بعض الأطباء أنّ الكمية المعتدلة تساوي كوباً، أي 150 ملل للنساء، وكوبين في اليوم للرجال.
إنّ النبيذ هو مشروب كحولي يتمّ إنتاجه من خلال تخمير العنب وعلى رغم إمكانية تخميره بفواكه أخرى، إلاّ أنّ أشهر أنواعه مصنوعة من العنب. ومن أهم أنواع النبيذ: الأبيض، الأحمر والوردي، وهو يحتوي، بشكل عام على أكثر من 600 مادة غذائية، مثل المعادن والفيتامينات وبعض أنواع مضادات الأكسدة والأنزيمات، كما أنّ استهلاكه باعتدال له فوائد صحية عديدة، منها:
يحمي من فقر الدم بفضل احتوائه على الحديد، يساعد في عملية الهضم ويزيد من امتصاص الماغنيزيوم والفوسفور والبوتاسيوم والزنك، يخفف من نسبة الكولسترول السيئ(LDL) ويرفع من معدل الكولسترول الجيد(HDL) ، يخفّض ضغط الدم، يساعد في المحافظة على كثافة العظام، يخفّف من نسبة تشكّل الحصى في الكلى، يعزّز قوة الذاكرة ويحسّن الحالة المزاجية، يخفّف من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
النبيذ الأحمر:يُصنّع من العنب الأسود الذي يخمّر مع قشرتهوهو يحتوي على مادة الـ Resveratrol وهي العنصر الأهم في هذا النوع لأنّها تتميز بمفعولها القوي المضاد للأكسدة، وتتواجد بمستويات عالية نتيجة استخدام قشور العنب وبذوره خلال عملية التخمير. ومن المعروف أنّ مضادات الأكسدة تقوم بمحاربة الجذور الحرّة ومنع تدميرها للخلايا، ما يؤدّي الى خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان، كما أنّها تحتوي على بعض المواد التي تحمي من الجلطات وترفع الـHDL ومن حيث النسبة المئوية للأكسدة، فإنّ كوباً من النبيذ الأحمر يحتوي على ما يُعادل 20 من عصير التفاح و7 من البرتقال. وبالنسبة إلى الوحدات الحرارية، فإنّ كوباً من النبيذ يساوي حوالى 100 وحدة حرارية. ولا بُدّ من الاشارة أيضاً إلى أنّ هذه المواد المضادة للأكسدة تحارب التجاعيد وتمنع الشيخوخة المُبكرة. كذلك تبيّن أنّ الأشخاص الذين يشربون النبيذ الأحمر باعتدال، لديهم 34% نسبة أقلّ من الوفيات مقارنة بالذين لا يستهلكونه.
النبيذ الأبيض:يُصنّع من العنب الأسود الذي يخمّر من دون قشرته وهو نافع للقلب بقدر النبيذ الأحمر، بفضل احتوائه على مادتي التيروزول والايدروكسي تيروزول. وقد أظهرت الدراسات أنّه يمنع تخثّر الشرايين، لأنّه يتمتع بالقدرة على رفع الـHDL وخفض الـLDL وضغط الدم. لكن لا تحتوي كل أنواع النبيذ الأبيض على كميّات عالية من مضادات الأكسدة، وما هو جوهري في النبيذ الأبيض أنّه يعزّز قدرة الجسم على امتصاص مضادات الأكسدة بشكل أفضل من تلك الموجودة في النبيذ الأحمر.
النبيذ الزهري:ينشأ من خلط النبيذ الأبيض مع الأحمر، أو من استخدام قشر العنب الأسود في الفترة الاولى من التخمير ومن ثم إزالته.يأخذ لونه من النبيذ الأحمر ويتراوح من البرتقالي إلى الأرجواني. يُستخدم كفاتح للشهية، ويؤكل مع اللحوم البيضاء بعكس النبيذ الأحمر. كذلك يحتوي مضادات الأكسدة والبوليفينول التي تساعد على خفض الـ LDL، بالإضافة الى البوتاسيوم الذي يساعد في خفض ضغط الدم، ويتميز بخصائص مضادة للإلتهابات تساعد في خفض خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي. كما أنّه يحتوي على كمية وحدات حرارية أقلّ (82 وحدة حرارية(مُقارنة بالأنواع الأخرى من النبيذ.
لكنّ تناول النبيذ بكمية كبيرة يؤدي إلى التأثير بشكل سلبي في صحة الكبد وقدرة الجسم على امتصاص المواد الغذائية. إضافة إلى هشاشة العظام وزيادة خطر الاصابة بأمراض القلب والسرطان وتلك التي تهدّد السلامة العقلية.
تعليقات الزوار