مصلحة المختار فوق كل اعتبار
التناغم مع مجلس الإدارة أدّى إلى تحقيق إنجازات مهمّة
وضعت خطّة عمل صالحة حتى العام 2040
إنجازات لافتة وتطوّر ملحوظ حقّقه المدير العام للصندوق التعاوني للمختارين في لبنان جلال كبريت الذي يُعدّ أصغر مدير عام تمّ تعيينه في دوائر الدولة. حصل جلال كبريت على شهادة "الليسانس" من جامعة بيروت العربية - قسم المحاسبة والتدقيق، ونال شهادة الدراسات العليا "ماجستير" في إدارة الأعمال، وهو اليوم في صدد إنهاء تحضيره لأطروحة الدكتوراه في الاختصاص عينه. حاز جلال كبريت على شهادة ASPAمن لبنان كخبير محاسبة محلّف وشهادة AFRSمن الولايات المتحدة الأميركية. عُيّن في العام 2010 مديراً عاماً للصندوق التعاوني للمختارين، وبفضل عمله الدؤوب إستطاع أن يحصد للمخاتير خدمات أهّلته لأن يستحق منصبه عن جدارة.وللإطلاع على هذه العناوين والغوص عميقاً في شؤون المخاتير ومطالبهم كان لنا معه هذا الحوار:
هل ساعدك عملك في المحاسبة على إنجاز مهامك في الإدارة العامة؟
استفدت كثيراً من عملي السابق في المحاسبة لأنّ طبيعة العمل في الصندوق تدخل في مجال الأرقام والإحصاءات والحسابات المالية، وساعدتني مهنتي أيضاً في وضع نظام خاص بالمحاسبة العمومية. لكن اليوم توقّفت عن مزاولة مهنة المحاسبة وتفرّغت كلياً للعمل في الصندوق، ومنذ تعييني بالإدارة العامة تمّ شطب إسمي كخبير محاسبة وتسلّم إدارتها شخص آخر.
كيف كانت الأمور تسير في الصندوق سابقاً؟
قبل العام 2010 لم تكن الأمور منظّمة، فالمختار في لبنان لم يكن يتقاضى راتباً ولا يحصل على تعويض، لذلك أكّد الرئيس الشهيد رفيق الحريري آنذاك على ضرورة أن يحصل المختار على تعويض عند انتهاء خدمته، فتمّ إنشاء هذه المؤسسة العامة، لذا كان لا بدّ من تعيين مجلس إدارة مؤلف من 7 أشخاص من مختلف الطوائف والمذاهب برئاسة المختار بشارة غلام لمدة 3 سنوات وفق ما ينصّ عليه القانون. انتهت مدة ولاية مجلس إدارة الصندوق في منتصف العام 2013 أي بعد 3 سنوات من تعيين أعضائه ولم نكن قد أنجزنا شيئاً. لكن، بعد قرار تعييني بملاك الدولة عملت جاهداً على وضع الأنظمة الداخلية والمالية للمؤسسة واستغرق ذلك قرابة 3 سنوات ولم يكن للصندوق مقرّ خاص. لذا، أودّ الإشارة هنا إلى أن مجلس الإدارة القديم كان متعاوناً جداً معنا ويعود الفضل في تأسيس هذا الصندوق إلى المختار بشارة غلام الذي كان بمثابة الأب الروحي لكل المخاتير.
لماذا يُعتبر الطابع مردوداً للمختار؟
يعود مردود الطوابع مباشرة للصندوق التعاوني للمختارين، والهدف من ذلك هو تقديم خدمات للمختار في نهاية ولايته وتشمل تعويض نهاية الخدمة وبدل إستشفاء لتغطية فارق الضمان وبدل زواج وولادة ومنحة وفاة لعائلته. وثمّة مشاريع أخرى سيتم اعتمادها ليعود ريعها للصندوق وبالتالي تقديم مزيد من الخدمات للمختار. من الأمور المهمّة التي أودّ الإشارة إليها هو أننا قمنا بربط تعويض نهاية الخدمة بالحدّ الأدنى للأجور، لأنه لو حدّدنا قيمة معينة من دون ربطها بالحدّ الأدنى للأجور بعد مضي سنوات عدّة يصبح المبلغ لا قيمة له، أما بربطه سيحافظ هذا المبلغ على قيمته مع مرور الزمن، لأن الحدّ الأدنى للأجور سيزداد دون أدنى شك، وهذا المثال للتوضيح: لو حدّدتُ مثلاً أن للمختار مليوني ليرة لبنانية كتعويض نهاية خدمة دون ربطه بالحد الأدنى للأجور سيبقى المبلغ كما هو بعد 10 سنوات ويصبح عندئذ لا قيمة له. أما إذا كان التعويض بمثابة ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور فسيحافظ على قيمته، فالحد الأدنى للأجور اليوم هو 675 ألف ليرة لبنانية والتعويض سيكون هذا الحدّ مضروباً بثلاثة أي مليونين و25 ألف ليرة وبعد 10 سنوات ستتغير القيمة بتغيّر الحدّ الأدنى قطعاً.
كيف تمكّنتم من التوافق في الآراء في ظلّ تباين الانتماءات السياسية بين أعضاء المجلس؟
الخط السياسي الذي أتّبعه وأفتخر بإنتمائي إليه ينتهي عند باب الإدارة وقبل دخولي إلى المكتب. يتألف مجلس الإدارة الحالي من 8 أشخاص، مديراً عاماً و7 أعضاء ينتمي كل واحد منهم إلى فريق سياسي معين، لذلك أقول بإسمي "جلال كبريت" لا وجود للطائفية أو للحزب في المجلس، بل إن الأشخاص الذين ينتمون إلى خط سياسي آخر أقرب إليّ من أولئك الذين ينتمون لخطي السياسي نفسه، ويُعتبر هذا المجلس من المجالس القليلة في لبنان التي يتفق أعضاؤها مع المدير العام على التفاصيل كافة بنسبة 100%.
ما هي المشاريع والخططّ التي تم وضعها لتطوير عمل الصندوق؟
هنالك في الوقت الراهن خطّة متوسطة الأمد (5 أو 10 سنوات)، إلاّ أنني أسعى إلى وضع مخطط طويل الأمد حتى العام 2040 ليستكمل هذه المسيرة من يتولى رئاسة الصندوق بطريقة صحيحة دون التأثّر بالمتغيّرات التي قد تطرأ على الساحة السياسية في البلد. لكن، قبل التفكير في تطوير عمل الصندوق بتنفيذ مشاريع أخرى علينا أولاً ضمان حقوق المختار منها على سبيل المثال لا الحصر: إعطاء كل المخاتير المتوفين تعويض وفاة ومنح المختار الذي انتهت ولايته وخسر في الانتخابات الاختيارية لولاية ثانية تعويضه عن ولايته الأولى، وعندما أتمكن فعلاً من تقديم ذلك أكون قد اجتزت منتصف الطريق في تنفيذ مهمتي. أما حالياً فأنا أسعى إلى إجراء مناقصة استشفاء لشركات التأمين للتعاقد مع إحداها لتغطية فارق الضمان للمختار.
ما هي المخصّصات المالية التي طالب بها المخاتير سابقاً؟
طالب المخاتير بتعويض نهاية الخدمة، فعندما تنتهي ولايتهم يحقّ لهم أن يتقاضوا تعويضاً قدره 8 ملايين ليرة لبنانية للولاية الواحدة، وإذا تعدّت ذلك يحصل المختار على 12 مليون ليرة لبنانية في ولايته الثانية ويضاف إليها مبلغ 8 مليون ليرة لبنانية عن ولايته الأولى ليكون المجموع الإجمالي 20 مليون ليرة لبنانية عن ولايتين، فكل ولاية يضاف إليها 12 مليون ليرة لبنانية وقد حصل المخاتير التي كانت ولايتهم من العام 2010 إلى 2016 على تعويض نهاية الخدمة.
إذا كان لدى المختار ضمان صحي، فلمَ الحاجة للتأمين؟
بعد مطالبة دامت لأكثر من 5 سنوات تمّ إصدار قانون أثبت للمختار الحقّ في الضمان الاختياري ضمن ولايته فهو يدفع للضمان ما نسبته 1/ 5 والباقي تتكفل به الدولة. أما التأمين فهدفه تغطية فارق الضمان أي نسبة 15% التي يدفعها الصندوق لدى استشفاء المختار وبالتالي تصبح التغطية الصحية كاملة بنسبة 100%. في هذا الصدد، وعدنا الرئيس نبيه بري بالسعي لإصدار قانون ينص على بقاء المختار مضموناً حتى بعد انتهاء ولايته وهذا ما يطالب به الجميع، وسيدرج مشروع هذا القانون على جدول أعمال الجلسات الأولى للمجلس النيابي. كما قمنا بمبادرات عدّة مع النواب الذين وافقوا على هذا المشروع ووقّعوا عليه. لذا، أقول إنه إذا تم إقرار هذا الأمر سيصبح المختار عندئذ مضموناً مدى الحياة وهذا مهم جداً لاسيما أنّ معظم المخاتير في لبنان هم من كبار السنّ.
هل هناك دعم مادي تحصلون عليه من البلديات؟
أبداً، لا توجد علاقة مباشرة بين الصندوق والبلديات ولا يُلزم أي قانون الصندوق البلدي المستقل بتقديم دعم مادي للصندوق التعاوني للمخاتير. في اجتماعنا الأخير مع مجلس إدارة الصندوق بحثنا في الخطة المقبلة لدعم الصندوق وتأمين مصادر مالية بديلة عن مساهمة الدولة في حال لم تتم الموافقة عليها منها مثلاً البلديات الكبيرة التي بإمكانها تقديم مبلغ مقطوع لكن حتى اليوم ليس هنالك من إجراءات عملية متّخذة.
هل هناك مشاكل أخرى يعاني منها المخاتير؟
المشكلة التي يعاني منها المخاتير اليوم هي عدم مكننة السجلات المتعلقة بالأحوال الشخصية رغم سعي وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق والوزيرة الحالية ريّا الحسن إلى تطوير وضع دائرة الأحوال الشخصية. ولا أريد الخوض في هذا الموضوع كثيراً لأنه مرتبط حصراً بالمدير العام للأحوال الشخصية العميد الياس الخوري، مع العلم أن المختار علاقته دائمة بدائرة الأحوال الشخصية فعلى سبيل المثال إن كان القيد مسجلاً في العام 1943 والسجل ممزقاً لا يستطيع حينها المختار استخراج أي قيد أو تصحيح أي خطأ في مسألة ما، فمكننة هذه السجلات من شأنها تسهيل عمل المختار في إنجاز المعاملات بالسرعة اللازمة، ولأن عدم وجود المكننة اليوم قد يخلّف نتائج كارثية تتمثّل بضياع القيود والسجلات. وهنا، أريد أن أشير إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري تحدث سابقاً عن مكننة كل دواوين الدولة. إلى جانب هذه المشكلة، هنالك مشكلة أخرى يعاني منها المختار هي مساواته بالمواطن العادي في دوائر الدولة كالانتظار في الصف وعدم تقديم معاملته على غيره علماً أن للمختار سلطة وفق القانون تجعله يختلف عن المواطن العادي لأنه منتخب من قبل المواطنين كما ينتخب النائب.
في ظل الوضع الاقتصادي المتردّي، هل تستطيعون تأمين المبالغ المطلوبة عبر الصندوق؟
بالتأكيد، أستطيع أن أدفع من مال الصندوق لمدة تقارب الـ 20 سنة القادمة على أمل أن تأتي المساهمات من الدولة. النقطة الأساسية أن للمختار حقاً علينا بأن يأخذ مستحقاته، وسبب انزعاج المخاتير يكمن في حال ترك المختار عمله اليوم أو افتراضاً في العام 2022 فلا يحق له أكثر من 20 مليوناً. في هذا الإطار، لديّ نقطة في غاية الأهمية وهي أنّ المختار في الأساس لا يتقاضى شيئاً وحصل بعد ذلك على 20 مليوناً إذ يعتبر المخاتير أن هذا المبلغ مناسب وجيد إلاّ أنّه بالنسبة لي قليل جداً. إنّ هذا الصندوق لا يتوفر فيه سوى الطابع، فإذا أنتج الطابع للصندوق 5 ملايين ليرة سأصرف بدوري 5 ملايين وإذا دخل إليه مئة مليون أيضاً سأقوم بصرف 100 مليون ما يعني أنه يتم الصرف بحسب نسبة التمويل. لا شك أنّ اليوم في حوزتنا مليارات وكلمة مليار رقم يرونه شيئاً خيالياً، لكن إذا إمتلكت اليوم مليار ليرة وترك في العام 2016 ألف مختار فتكون النتيجة 1000 مختار ضرب 8 مليون لكل مختار تساوي 8 مليارات وبهذه العملية تنتهي الـ8 مليارات التي بحوزة الصندوق. كذلك الأمر في حال ترك الـ 3000 مختار عملهم في العام 2022 أو ما يقارب الألف مختار فإنهم سيحصلون على 8 زائداً 12 يعني 20 مليوناً لكل مختار فتصبح 20 مليون × 1000= 20 ملياراً وليس بحوزتي مبلغ 20 ملياراً اليوم وبالتالي ليس بمقدوري أن أدفع لهم. هنالك خطر دائم ويتوجب علينا أخذ الحيطة والحذر، وفق عملية حسابية بسيطة يتبين لنا أنه يجب أن لا يتجاوز عدد المختارين المنتهية ولايتهم الـ 800 مختار، ولكن ربما بسبب أي مشكلة يُصار إلى تغيير المخاتير أو تتخلى الأحزاب عن بعضهم وبالنهاية أنا مَن سيتحمل المسؤولية لأنني ملزم بالدفع شخصياً.
تعليقات الزوار