تأتي بوجهها التدميري لتُهدِّم كل ما حولها من بشرٍ وحجر. تُخرّب، تُدمّر، تفتُك فتُلحِق آثاراً كبيرةً وخسائر بشرية ومادية أشبه بآثار الحرب. من قال إنّ الطبيعة لا تثورعلى أهلها في لحظة تخلٍّ ولحظة عجز؟ من قال إنّ الطبيعة لا تمتلك عينين ثاقبتين تراقبان من خلالهما كل ما يدور حولها من خراب؟ من قال إنّه لا يوجد للطبيعة يدٌ تمتدّ لتنقُم من الأشخاص الذين لا يُقدِّرون خيراتها؟
في ظلّ كل المتغيّرات الاجتماعية والسياسية التي تعصف يومياَ بالعالم وبمنطقتنا العربية على وجه التحديد، وفي ظلّ كلّ الثورات العربية التي غالباً ما تخلّف وراءها ربيعاً عربياً، تأتي الطبيعة لتُعلِن عن ثورة انقلابية خاصّة بها، تقلب سطح الأرض وما عليها رأساً على عقب، تُعبِّر من خلال هذا الفيضان الهائج في جوفها عن غضبِها العارم.
تُعدّ الزلازل من أشد الكوارث الطبيعية تأثيراً على الانسان نسبة لما تتركه من أثر مفاجئ، فهي تزور كوكب الأرض على حين غفلة ودون سابق إنذار أو تحذير.
1- ما هي العوامل التي تؤدّي الى حدوث الزلازل؟
2- كيف يمكننا التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها؟
- أيّ المناطق معرّضة أكثر من غيرها لخطر الزلازل؟ 3
الزلازل هي سلسلة ضربات طبيعيّة تعصِف بكوكب الحياة وتُدمّر كلّ ما على وجه الأرض من أناس، مبانٍ سكنية، تجارية، حجر، صخور، أنهار وجبال، جميعها تُصبح ركاماً بعد أن يضرب الزلزال ضربته القاضية.
أمّا علمياً، فالزلازل هي ظاهرة طبيعية ناتجة عن اهتزازات أرضية سريعة وتصادم للصفائح، تُخلّف ارتدادت تُدعى "أمواج زلزالية". ويسمّي مركز الزلزال، هذا الاعصار الأرضي بـ "البؤرة" نتيجة لما تُلحِقه من مخلفات جيولوجية ناتجة عن تحرك الصفائح الأرضية وانزلاقات في طبقات الأرض.
ما هي الأسباب الرئيسية التي تؤدّي الى حدوث الزلزال؟
قد تساعد التفاعلات الكيميائية بين العناصر والمركبات على تولّد غازات حارّة ممّا يؤدي الى حدوث زلازل متتالية. وأيضاً يمكن للموجات الكهربائية المحيطة بالأرض وانجذابها للتفاعلات الكيميائية الخطيرة أن تُحدِث خللاُ كالشقوق والصدوع والتقلّصات التي تحدث للقشرة الأرضية ما قد يؤدّي الى ولادة زلازل في أيّ منطقة في العالم.
ما هي الأعراض التي تبشّر بحدوث الزلزال؟
هناك دائماً انذارٌ يسبق العاصفة. قبيل حدوث الزلازل تتغيّر معالم الجوّ والطبيعة لتنذر النّاس بأنّ الخطر بات على مقربة منهم. من أبرز التغيُّرات التي يمكن أن يلاحظها ويشعر بها الانسان قبل حدوث الزلازل هي حدوث اضطرابات جوية كالأمطار الغزيرة والتي تترافق مع عواصف رعدية، سماع أصوات غريبة نتيجة الهيجان الكيميائي في باطن الأرض، اختلاف مقادير المياه في الآبار، تصاعد بعض الغازات وهجرة بعض الحيوانات كالزواحف والطيور من أماكنها.هكذا كان الانسان يتنبأ بحدوث الزلازل في السابق، أمّا اليوم وبفضل توسّع مجال التكنولوجيا وتطوّرها السّريع يستطيع بعض العلماء والمؤرخين الجيولوجيين الاعتماد على عدّة أساليب للتنبّؤ بالزلازل قبل وقوعها من بينها أجهزة الرصد الزلزالي "سازموغراف"، التي تمكّن العلماء من الإستدلال على قرب وقوع الهزات الأرضية.
هناك مناطق كثيرة تقع في نطاق الخطر الزلزالي أو ما يسمّى بـ "أحزمة الزلازل" منها المنطقة العربية، وكان آخرها الزلزال الذي شهدته الجزائر والذي أودى بحياة ما يقارب الألفي قتيل. انّ منطقتنا العربية ليست بمأمن عن خطر الزلازل فهي محيطة بعدّة أحزمة أبرزها:
حزام النار وهو الزلزال الذي يمرّ بجنوب أوروبا ويمتدّ حتى الصين، وحزام التلاقي الذي يعبر شرق البحر الأبيض المتوسط بدءاً من سواحل أوروبا، أفريقيا، تركيا وبلاد الشام وصولاً الى مصر ودول المغرب العربي. أمّا حزام الأخدود الأفريقي الشرقي فيمتد الى سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وسلاسل جبال غرب البحر الأحمر. أمّا الحزام الأخطر في العالم فهو الحزام الذي يمرّ حول المحيط الهادي من الشرق إلى الغرب، أيّ من اليابان إلى سواحل الولايات المتحدة، وهو السبب في حدوث ما يقارب من ثلاثة أرباع ما يجري من زلازل في العالم.
على الرغم من دمارها الشامل وقتلها آلاف الأبرياء، إلا إنّ للزلازل فوائد تعود على البيئة وعلى الكرة الأرضية. فالزلازل كبعض الظواهر الطبيعية مثل البراكين والأعاصير، تُعدّ من ضمن أحد عوالم الحياة على كوكب الأرض، وبالتالي فإنّ عملية الهدم والبناء هي من إحدى مرتكزات التجديد التي تحفظ التوازن على هذه البقعة الكبيرة من الأرض. هذا فضلاً عن أنّ الزلازل تُثري تربة الأرض بالسوائل المعدنية وبالتالي تساهم في عملية نموّ النباتات والمزروعات، كما وأنّ نشوء الزلازل يساعد على رفع مستوى سطح الأرض أيّ مقاومة عملية التعرية. وعلمياً، انّ الأرض تحتاج من فترة الى أخرى الى تنفيس الطاقات الكيميائية الزائدة داخل القشرة الأرضية، ولولا الهزات الأرضية والزلازل التي تحصل بين الفينة والأخرى لانفجرت الأرض كقنيلة نووية وما أبقت على وجهها أخضر ولا يابساً.
تعليقات الزوار