سهّل التعاون الذي حصل ما بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية طريق وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا وسدّ الفراغ الرئاسي بانتخابه رئيساً للجمهورية، فكانت الخطوة التي قام بها الدكتور جعجع هي السبّاقة لإزالة العوائق، وفتح صفحة جديدة مشرقة ما بين التيار والقوات وطوي صفحة النزاعات الماضية، لأنّ الوطن كان متجهاً نحو الهلاك. تحت مظلة هذا التحالف توحّد الصف المسيحي نحو منعطف جديد سياسياً، وبدأت ورشة إعادة تنظيم الملفات والمهمات، وأثمرت جهود الدكتور جعجع فتح آفاق جديدة وتعزيز الدور المسيحي - المسيحي في الوطن.
عمل الدكتور جعجع بثبات عميق على توفير المناخ الملائم لإتمام هذه الصفقة، فكان حريصاً على دراسة أدقّ التفاصيل في الاتفاقية وتحديد مهامّ الحقائب الوزارية وتوزيعها بشكل متناسق تحت مظلة الرضى والمودّة وهذا ما سهّل أيضاً توظيف هذا التضامن في تشكيل قوّة مسيحية فعّالة على أرض الواقع.لم يكن هذا النهج السياسي غريباً عن الدكتور جعجع وهو أول من طالب بمشاركة مسيحية ومناقشة حول القضايا التي شكّلت محوراً للنزاع، فكان ينادي خلال الشغور الرئاسي بما نادى به غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بكيفية ايجاد صيغة داخلية تزيل عقبات الخلافات وتسهّل أمر المرور الى رئاسة الجمهورية. كانت المسألة شائكة وصعبة ومعقّدة في ظلّ الانقسامات التي كانت حاصلة، خصوصاً وأنّ تنازل جعجع عن ترشيحه وانسحابه لصالح العماد عون، شكّلا التفاتة غير مسبوقة في الشارع المسيحي وأعطيا أبعاداً لمستقبل مسيحي واعد، تكمن فيه قوة تضامنية قوية.يعتمد الدكتور جعجع في سياسته همزات الوصل، فهو حكيم في إدارة الأزمة السياسية وضليع في ضوابط اللغة السياسية بما يتماشى ومُجريات الأمور السياسية في المنطقة العربية، خصوصاً بعد الهجوم العقائدي الشرس على مسيحيّي الشرق والذي ذهب ضحيته آلاف من الأبرياء على أيدي تنظيمات إرهابية تتستّر خلف شعائر دينية متعصّبة، خصوصاً مسيحيّي العراق، اليمن وحلب وغيرها من المدن التي دفعت ثمن ايمانها أرواحاً وشهداء.قيَّم الدكتور جعجع برؤية منطقية الوضع العام داخلياً وإقليمياً وجعل من السيادة اللبنانية الذاتية هي سيّدة القرار بالنسبة للملف الرئاسي، فكانت خطوته نحو التيار الوطني الحرّ، خطوة ثابتة، دعائمها وطنية بامتياز.
تعليقات الزوار