أقامت وزارة البيئة حفل إطلاق خطة عمل "الاستهلاك والإنتاج المُستدام للقطاع الصناعي في لبنان" برعاية وحضور وزيري البيئة محمد المشنوق والصناعة حسين الحاج حسن وحضور ممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة "لوك رويتر" والمدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون وممثل رئيس جمعية الصناعيين المهندس ابراهيم الملاح وعدد من الصناعيين والخبراء البيئيين.
قدّمت الحفل رئيسة دائرة حماية البيئة السكنية في وزارة البيئة ألفت حمدان التي أكّدت "أنّ التنمية المستدامة هي الهدف الذي تسعى الدول مجتمعة للوصول اليه".
وتكلّم في الاحتفال ممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة "لوك رويتر" فشكر فريقي عمل وزارتي البيئة والصناعة على جهودهما ونجاحهما في وضع خطة العمل للاستهلاك والإنتاج المستدام". كما شكر الاتحاد الأوروبي لتمويل هذه المبادرة.
وأوضح "لوك رويتر": "أن خطة العمل التي ركّزت على إدماج مفهوم الاستهلاك والإنتاج المستدام في القطاع الصناعي برهنت على قدرة المعنيين في هذا المجال على وضع خطط عمل حسب الأولويات الوطنية". واشار: "الى أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة سوف يتابع دعمه لوزارتي البيئة والصناعة لتنفيذ هذه الخطة المهمة".
الوزير حسين الحاج حسن: ليست لدينا في لبنان رؤية وطنية حكومية شاملة
وألقى الوزير حسين الحاج حسن كلمة جاء فيها: "إن الحديث عن التنمية المستدامة حديث متشعّب لأن النشاط البشري اصبح ضخماً الى حدّ يتضارب مع المحافظة على استدامة البيئة والموارد الطبيعية في دول العالم قاطبة، لناحية الماء والتربة والغابات وسلامة البيئة من التلوث، وهذا الامر ليس سهلاً لا على مستوى العالم ولا على مستوى لبنان. والدليل على ذلك انعقاد المؤتمرات والندوات بشكل متواصل واصدار التوصيات حول المحافظة على البيئة في مقابل استمرار التدهور البيئي. لم يستطع العالم حتى اليوم من تخفيض نسبة انبعاث الكربون المرتبط بالنشاط الصناعي والسياحي والنقل وطبيعة الحياة المعاصرة. ان التوسّع العمراني يتم على حساب تراجع الغابات واستخدام المبيدات. العالم يحاول من خلال النظرية الحديثة اطلاق صفة الاستدامة على القطاعات الانتاجية والعمران لكننا لسنا في موقع متقدّم في هذا المجال، والسبب يعود الى غياب استراتيجية وطنية متكاملة بإستثناء نشاط وزارتي الصناعة والبيئة".
وعدّد وزير الصناعة المجالات التي يغيب الاهتمام الرسمي عنها: كالمياه والسدود والتصحر والغابات. كما إن التعاطي الرسمي مع قطاعي البترول والغاز وهما موردان طبيعيان مهمّان للاقتصاد الوطني، يتم وكأنّ لا نرى ديناً عاماً في لبنان ولا عجزاً في الموازنة ولا تراجعاً اقتصادياً. ليست لدينا في لبنان رؤية وطنية حكومية شاملة بين مجلس نيابي وحكومة وأحزاب ومجتمع مدني وبيئي حول البيئة والتنمية المستدامة، ولا يمكن أن تكون هذه الرؤية رؤية وزير فحسب إذ إن هذه الرؤية تتطلب متمّمات. ففي وزارة الصناعة مثلاً وضعنا رؤية لاقامة مناطق صناعية ضمن التنمية المستدامة بحيث نصنّف القطاعات الصناعية بشكل يخفف التلوث فواجهنا رفضاً من غالبية البلديات التي ترفض تخصيص مساحات ضمن نطاقها البلدي لاقامة مناطق صناعية منظمة لا تتداخل فيها الصناعة مع الزراعة مع السكن".
وتابع: "إن لبنان متأثر على صعيد التلوث وليس مؤثراً، واقترحنا بعض الحلول مثل تغذية المصانع بالطاقة الشمسية الى جانب الطاقة المستولدة من كهرباء لبنان اضافة الى المولدات وهذا ما تقوم به مصانع عديدة الى جانب التخفيف من استهلاك المياه وتجهيز المؤسسات الصناعية بالفيلترات وانجاز الدراسات اللازمة للتخفيف المتدرج للآثار البيئية". وقال "نحن نعلن عن ايماننا الكامل بمبدأ الاستدامة في الانتاج والاستهلاك".
وتطرق الى ملف النفايات قائلاً:" لقد دخلت خطة النفايات حيّز التنفيذ قبل يومين، بعدما أضعنا 8 أشهر من الوقت وليست الحكومة من أضاع الوقت إنما المزايدات والكلام غير العلمي عن رفض المطامر والمحارق ولكننا الآن، عدنا الى المطامر.إقترحوا الفرز من المصدر كحل نحن نعتبره جزءاً من الحل إنما ليس الحل الكامل. لقد تعطّل البلد نحو 8 أشهر، لماذا كانت مقبولة المكبات في كل الشوارع والمناطقاللبنانية طوال الاشهر الثمانية الماضية؟
إن المحارق مقامة في "فيينا" و"استوكهولم" و"أوسلو"، فلماذا رفضها في لبنان؟ نحن نؤيد الحركات البيئية على صعيد إجراء أعلى درجات الرقابة على المطامر وأقف معها من حيث المراقبة والمساءلة والمحاسبة. للوقت قيمة في هذا الملف كما في مسألة استخراج النفط والغاز. الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الازمة لم تكن صغيرة. لا أحد يقول للبنانيين لماذا لم توقّع حتى الآن المراسيم حول البلوكات النفطية. أليس البلد بحاجة للاموال لحل مشكلته الاقتصادية؟ التنمية المستدامة ليست ترفاً ولا اختياراً، هذا قدر لا بدّ منه من اجل استدامة مواردنا على ندرتها للمستقبل ولاجيالنا".
وألقى وزير البيئة محمد المشنوق كلمة:"إن الناس لا تسمع عندما تكون تحت وطأة النفايات على الارض وعلى الطريق ولكن يفترض بالناس أن تبدأ بالاستماع عند بدئنا بمعالجة رفع النفايات من الطرقات، وعلينا أن نسأل ما هو دور المواطن في هذه الفترة؟ هل عليه أن يستكين ويقول للدولة تابعي ما تقومين به ولكن حذار من المطامر ومن المحارق ومن مجموعة اللاءات؟ الفرز من المصدر يجب أن يتم بالتأكيد إنما يجب أن يُستكمل بدورة المعالجة الكاملة لأن كل هذه الامور لا يجوز أن تبقى منقوصة في رؤية المواطن الذي يرى احياناً جزءاً من هذه الامور، ونقول علينا أن نقدم له هذه الثقافة البيئية والاقتصادية، ولكن علينا أن نسترشد ايضاً بأن الصناعات يجب أن تكون المثل والمثال وأن تظهر بأن ما تقوم به منسجم مع التنمية المستدامة".
وأوضح المشنوق: "أننا كوزارة بيئة مسؤولون عن ملف التنمية المُستدامة كأمانة عامة لمجموعة الوزارات والمؤسسات التي تعمل على وضع خطة التنمية المستدامة التي يجب أن تقدم الى مجلس الوزراء، وقد عرضنا خطوطها العريضة قبل حوالى السنة ونحن نعمل مع جميع الوزارات على استكمالها ولكن في انتظار كل ذلك نسأل عن التنمية المستدامة في القطاع الصناعي لأن الصناعة تلوّث وتستفيد من موارد موجودة ولأن الصناعة تُحمّل أكثر مما يجب في هذه المجالات، لذلك علينا أن نوازن بين ما تقوم به هذه الصناعات وبين ما يتولاه الآخرون في عملية التلوث التي تطال البيئة".
واشار المشنوق: "أن التزام لبنان بالمعاهدات الاقليمية التي تمّت الموافقة عليها مؤخراً هي:
1- اعتماد مفهوم الاستهلاك والإنتاج المستدام كواحد من الأهداف السبعة عشر لتحقيق التنمية المستدامة ضمن "الخطة الأممية لعام 2030من أجل التنمية المستدامة" والتي تمت الموافقة عليها في أيلول 2015.
2- اعتماد خطة العمل الاقليمية للاستهلاك والإنتاج المستدام في الاجتماع العادي التاسع عشر للأطراف المتعاقدة في اتفاقية حماية البيئة البحرية والمنطقة الساحلية للبحر المتوسط وبروتوكولاتها (COP 19 - Barcelona Convention) والذي عقد في آثينا 2016 .
لقد انطلق لبنان بعملية إعداد خطة عمل وطنية لتبنّي مفهوم الاستهلاك والإنتاج المُستدام منذ شهر كانون الثاني 2015بدعم من الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وقد باشرت وزارتا البيئة والصناعة بوضع هذه الخطة من خلال اعتماد نهج تشاركي قوي وفعال يضمن مشاركة جميع الجهات الوطنية المعنية. وأخصّ بالذكر العمل الدؤوب لفريق العمل التقني الذي وضع هذه الخطة، الذي يضمّ ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتجارة ووزارة المالية ومعهد باسل فليحان المالي وجمعية الصناعيين اللبنانيين واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة بالإضافة الى وزارة الصناعةووزارة البيئة، ومنظّمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو).
وتابع اعتمدت خطة العمل الوطنية المنهجية نفسها المتبعة في خطة العمل الإقليمية للاستهلاك والإنتاج المستدام، وقد حددت ثلاثة إجراءات أساسية هي:
تعزيز الإجراءات المتبعة لتحفيز اعتماد أفضل التقنيات المتاحة بإستخدام مفهوم السلسلة المتكاملة لإنتاج السلع (Lifecycle Approach) مما يساهم في ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية، ولاسيما في مجالات الطاقة والمياه بالإضافة إلى التخفيف من إنتاج النفايات وانبعاثات الهواء وغيرها من الملوثات البيئية. تطوير السياسات اللازمة والإطار القانوني المناسب لتشجيع الاستهلاك والانتاج المستدام في القطاع الصناعي بهدف التقدم نحو اقتصاد شامل ودائري (circular economy).وانطلاقاً من ذلك، قام لبنان بالعديد من المبادرات الهادفة إلى إرساء سياسة مالية مؤاتية للاستهلاكوالإنتاج المستدام بمبادرة مشكورة من مصرف لبنان وبدعم من مختلف الوكالات الوطنية والدولية والتي تركّز على رفع جودة السلع اللبنانية وقيمتها المضافة وذلك على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية كافة.
تثقيف المستهلك وتوعيته لدعم واعتماد المنتجات التي يتمّ تصنيعها واستخدامها والتخلص منها بشكل مستدام، ونشر التوعية حول المنتجات الصديقة للبيئة وجعلها متاحة في الأسواق. في هذا المجال يلعب المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية دوراً مهماً ورائداً في دعم الجهود الرامية إلى إشراك المستهلك اللبناني في الممارسات والمبادرات الخاصة بالاستهلاك والإنتاج المستدام. ونؤكد هنا على ضرورة السعي إلى إشراك الجامعات وتشجيعها على بناء شراكات مع القطاع الصناعيفي لبنان".
ورأى وزير البيئة "أنّ احد المداخل الرئيسية نحو الاستهلاك والإنتاج المستدام في لبنان يقوم على إشراك القطاع العام في تطبيق هذا المفهوم، وذلك من خلال تشجيع المشتريات العامة المستدامة، خصوصاً وأن مستوى الإنفاق على المشتريات العامة يصل إلى 12 %من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان. وبذلك يمكن تغيير الأساليب المتعلقة بالمشتريات العامة بما يؤدي الى تحوّل في السوق المحلية لكي تصبح مثالاً للحكم الرشيد.
وأخيراً، نحن نتطلّع نحو تنفيذ ناجح لمختلف التوصيات الواردة في الخطة الوطنية للاستهلاك والإنتاج المستدام في قطاع الصناعة في لبنان، آملين باعتماد نهج مماثل في القطاعات الأخرى في لبنان".
تعليقات الزوار