رجل إنماء وإعمار من الطراز الأول، وعلاقاته واستثماراته تتعدّى لبنان إلى العالمية. إنه الدكتور نزار يونس، مؤسّس ورئيس مجلس إدارةBUTEC ، الذي ساهم بمنهجية عمله وسلوكه في تكوين فرادة شخصيته واستقلاليتها. وتمكّن يونس من بناء علاقات طيبة ومشبعة بالاحترام مع أوساط واسعة من النسيج اللبناني في مختلف المواقع. "مشاريع الخليج" جالت معه حول الوضع الاقتصادي في لبنان وأزمة الكهرباء والهجرة فكان الحوار الآتي...
كيف تنظر إلى الواقع الاقتصادي الذي يعيشه المواطن اللبناني اليوم؟
المهمّ أن نعرف ما هي مقوّمات اقتصادنا، لأننا لا نعرفها، ولا يعرف أصحاب الشأن أو القيّمون على هذا الاقتصاد كيف يتعاملون معها. والواجب الأخلاقي يفرض أن نحدّد العناصر التي تهدّد واقع اقتصادنا المأساوي وتهدّد بقاءنا، ويتمثل بالآتي: إخفاق اقتصادي متمادٍ يهدّد بإفلاس الدولة وإفقار الشعب، هجرة مستمرّة تهدّد توازن المجتمع، تدمير للبيئة من دون حدود، دولة فاسدة وفاشلة، قطاع عامّ مترهّل وعاجز، طاقات مشلولة أو مغيّبة أو معطلة. إن اقتصاد لبنان لا يقوم إلاّ إذا تولاه القطاع الخاص الجديّ وغير المُحبط، والذي يملك الثقة بنفسه، وليس ذلك السمسار والهامشي. نحن بحاجة إلى قطاع خاص منتج يستثمر في الخارج، ولديه القدرة على الاستثمار في لبنان، ومن أجل ذلك فهو يحتاج إلى شيئين: الأول أن تكون العلاقة مع الدولة قائمة على الاحترام والمساواة في القانون، والثاني قضاء يقوم بدوره الصحيح. يتحدثون عن اقتصاد المعرفة، هذا الاقتصاد يحتاج إلى توظيفات مالية ومشاريع طويلة الأمد، وهذا لا ينجح إذا لم تتوفر له الأمور الأساسية، وأبرزها التشريعات. لبنان مثلاً يخسر سنوياً نحو 5 مليارات دولار جرّاء أزمة الكهرباء الناتجة من الدعم والفوائد المتراكمة ومن تكلفة استجرار الكهرباء عن طريق المولدات وبأسعار تفوق الأسعار الحقيقية. كلّ هذا جزء من الضرر اللاحق بالاقتصاد المحليّ ويعرقل النموّ.
ألا يحتاج القطاع الخاص، من أجل الاستثمار محلياً، إلى عودة الثقة بواقع لبنان؟
انعدام الثقة بين بيئة الأعمال والمواقع السياسية يؤدّي إلى شلّ المبادرة الفردية أو تحييدها. هذا الإحباط الذي تعانيه بيئة الأعمال، جرّاء انعدام الوزن، واقع لا يمكن إنكاره أو تخطّيه. لكن بالرغم من ذلك، ما زلنا نملك القدرات والميزات التفاضلية التي تسمح باستعادة دورنا المطلوب، خصوصاً أن لدينا المبادرة الفردية، وهي المحرّك الأساس في الاقتصاد العام وفي اقتصاد المعرفة، كما لدينا القدرة على التمويل، بالإضافة إلى فائض الاختصاصيين والفنيين الذين اكتسبوا تجربة وخبرة. نملك كل العناصر، ولكن المطلوب أن نعمل على وقف النزف والفساد والسمسرات. والقطاع الخاص ليس هو السمسار الذي يدور حول دوائر الدولة. هؤلاء ليسوا بقطاع خاص، هؤلاء أتباع للسياسيين. القطاع الخاص المنتج الذي يعمل في الخارج يؤمّن دخلاً للبنان يصل إلى نحو 7 مليارات دولار سنوياً، ونحن نحتاج إلى مثل هذا القطاع.
كيف يمكن تحسين بيئة الأعمال حتى توفر الأرضية الصالحة لمجيء هذا القطاع؟
يجب إعادة الثقة عبر تشكيل الهيئات المنظمة لكلّ المؤسسات العامة التي تنظّم العلاقة بين القطاع الخاص والدولة. مثلاً: أنا أستطيع أن أؤمّن الكهرباء 24/24 ساعة وبتكلفة لا تتعدّى أكثر من 60% من تكلفة مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك في مدة لا تتجاوز السنة. إنه تحدٍّ أطرحه أمام الدولة، ومن دون أن تتكفل بدفع قرش واحد. لكن هذا لا يتمّ إلاّ بوجود هيئة منظّمة تؤمّن العلاقة كما أسلفت بين المستثمر والدولة، فهما شريكان. والمستثمر ليس خادماً للدولة، لذلك يجب تأمين القضاء العادل. والتوظيفات يجب أن تكون منتجة، وهذا الأمر يحتاج إلى رؤية نأمل أن تتحقق قريباً.
عصام شلهوب
تعليقات الزوار