كثُرت الملفات وتفاقمت على طاولة الوطن وتحت خيمة الفراغ الدستوري وغياب الرئاسة الأولى وتمديد الرئاسة التشريعية الى حالة إنحلال إداري داخل المؤسسة الحكومية. هي إنتفاضة وطن ومواطن وصرخات عالية باتجاه المجهول الجاثم على أكتاف الللبنانيين معيشياً واقتصادياً فكان الحراك بالشارع والمناداة بحزم لحلّ الأمور المستعصية، ولكن "لمن تنادي يا منادي"؟ فالفساد لا يطال قطاعات معينة في البلد، بل هو يتفشى مثل السرطان في أجزاء الوطن كافة، هو تراكمات لسياسات متلاحقة، يغيب عنها المسؤول ليأتي خليفته مكملاً. فالنظام هو نظام وليس علينا النظر الى الكوب الفارغ، بل علينا إستيعاب محتوى الكوب. الملفات المستعصية لا تحمل مشكلة أو مشكلتين، بل تحمل الكثير الكثير من المشاكل: ملفّ الكهرباء و نتج عنه، ملف النظام الغذائي ومساوىء ردود أفعاله، الملف التربوي حيث بات التلميذ هو الضحية الى ملف النفايات الخطير بيئياً وصحياً حيث أصبحت نفاياتنا جزءاً من زينة شوارعنا وباتت القوارض والفئران ضيوفاً أعزّاء في مجتمعنا وبات التلوث الوباء العاجل القاضي على أعمار اللبنانيين وناقل الأمراض القاتلة...
يحتاج هذا الوطن الى وقفة ضمير حيّ من قِبل قادته السياسيين قبل الغوص في مطامعهم ومآربهم واحتضانه قبل أن يضيع بين براثن المجهول، فالأوضاع عموماً لم تعد تطاق وبات المواطن اللبناني متعلقاً بقشة رفيعة باحثاً عن صناعة وطن في الخارج يشعره بالأمن والأمان، بالحياة الرغيدة والطمأنينة، بات محتاجاً الى سفينة تشبه سفينة نوح عليه السلام، فالوطنية ليست بالشعارات والهتافات والأغاني "وراجع راجع يتعمّر لبنان". الوطنية فعل ممارسة صادق على أرض الواقع والوفاق والإتحاد يولّدان قوة خارقة تساعدنا على فتح طاولة الحوار ومراجعة الملفات، ملفاً تلو الآخر لإيجاد الحلول الملائمة والمناسبة لكل ملفّ على حدة ... وطني يعني كياني وكيان الإنسان وطناً.
رئيسة التحرير رانيا ميال
تعليقات الزوار