إن توفّر النفط أمر إيجابي جداً، لكننا إذا اعتبرناه الحلّ الوحيد كنّا كمن يحكم على نفسه بالانتحار، لسبب بسيط جداً هو أن دولاً عدّة لديها الكثير من النفط لكن وضعها الاقتصادي متدهور جداً وهي على شفير الإفلاس. فإذا امتلك بلد معيّن كمية كبيرة من النفط فهذا لا يعني أن وضعه سليم. يجب النظر إلى أوضاع الدولة النفطية وموازنتها "غير النفطية"، فإذا كانت الموازنة سليمة يصبح النفط إضافة مرحّباً بها، وتُعتبر طريقة إدارته أساسية وجوهرية. أحذّر الجميع من أن يُعامل النفط كأنه إيراد للدولة، بل هو أصول ثابتة مثل الجبل والبحر وأي شيء آخر يدرّ مدخولاً. علينا أن نأخذ النفط ونحوّله إلى أصول مالية، ثم نوظّف هذه الأصول في الخارج، ونجعل جزءاً من مردود هذه التوظيفات ضمن إيرادات الدولة اللبنانية، ولا يجب على أحد أن يفكّر عكس هذه الطريقة، لأننا بذلك نكون قد أخذنا من درب الأجيال الصاعدة حقوقها أكثر ممّا قمنا به حتى الآن. من الممكن أن يبقى النفط مردوداً عالياً جداً، لكن يجب عدم الاعتماد عليه كلياً، وتصحيح الاعوجاج الذي أصاب اقتصادنا، من خلال طريقة إدارة الدولة وبُنيتنا الاقتصادية، والنفط ليس سوى حاجة إضافية يُستفاد فقط من حسن توظيفها.
تعليقات الزوار