أنجز فرنسبنك دراسة عن قطاع النفط والغاز في لبنان، تحت عنوان "هل لبنان دولة منتجة للنفط والغاز؟"، حيث أشارت إلىأن الدراسات والمسوحات التي قامت بها شركات بريطانية، نروجية وأميركية توضح وجود احتياطي النفط والغاز في المياه اللبنانية، وذلك بحدود 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز، و660 مليون برميل من النفط السائل، آخذين بعين الاعتبار مساحة %10 من هذه المياه التي تمّ إجراء مسح لها. وعرضت الدراسة للأطر القانونية التشريعية والإجرائية التي اتخذتها الحكومة اللبنانية في هذا الإطار حتى تاريخه، مثل إقرار قانون خاص للموارد النفطية، والمراسيم الخاصة بإطلاق أعمال التنقيب والاستخراج، وتأسيس "مجلس إدارة النفط"، وتحديد شروط التأهيل لشركات النفط والغاز، وتحديد البلوكات، وتحضير اتفاق التنقيب والإنتاج. كما تمّ اختيار 46 شركة نفط عالمية لتتقدّم بعروضها بشأن التنقيب منها 12 شركة مشغّلة. وأوضحت الدراسة أنه إذا كانت التوقعات بشأن ثروة النفط والغاز واقعية، فإنّ لبنان سيصبح دولة مستقلة على صعيد الطاقة، ودولة لديها اكتفاء ذاتي بالنسبة إلى هاتين السلعتين، وأيضاً مصدّراً صافياً لهما أو حتى بالنسبة إلى الغاز الطبيعي. وبناء على تقديرات جهات دولية متخصصة، أشارت الدراسة إلى أن قيمة احتياطيات الغاز في لبنان هي بحدود 164 مليار دولار، وقيمة احتياطيات النفط هي بحدود 90 مليار دولار للفترة الممتدة بين عامي 2020 و2039. وهذا يعني أن القيمة الوسطية لإنتاج الغاز سنوياً هي بحدود 8.2 مليارات دولار، والقيمة الوسطية بالنسبة إلى النفط 4.5 مليارات دولار لمدة 20 سنة.وبيّنت الدراسة أن عائدات النفط والغاز المحتملة سوف يكون لها مساهمة مهمة ومؤثرة في الاقتصاد اللبناني والأوضاع المالية والاجتماعية، حيث ستساهم في تخفيض مستوردات لبنان من الطاقة، الأمر الذي يقلّل العجز التجاري وتالياً الميزان التجاري. كما أنها ستعزّز التدفقات المالية الخارجية إلى لبنان، ممّا يوفّر فوائض في ميزان الرساميل كما في ميزان المدفوعات. ثم إن هذه العائدات المالية ستساهم في ضبط عجز الموازنة ونمو المديونية العامة، وذلك من خلال زيادة قيمة الإيرادات العامة للدولة بفعل عائدات النفط والغاز. كما أن عائدات النفط والغاز ستزيد احتياطي القطع الأجنبي، وتوسّع نطاق فرص العمل محلياً، وترفع قيمة الاستثمارات في قطاعات البنية التحتية وقطاع البناء جرّاء ورشة العمل الكبرى لبناء منشآت النفط والغاز مثل المرافئ وخطوط النقل ومساكن العمال وغيرها. كذلك فإن استخراج وإنتاج النفط في لبنان سوف يساعد على تخفيف معدلات التلوّث عبر التحوّل من إنتاج الكهرباء باستخدام الفيولOil إلى إنتاجها باستخدام الغاز، مما يوفر للبنان فرصة مهمة لتطوير إمكاناته على صعيد الطاقة المتجددة. وكل ذلك سيؤدي إلى تعزيز معدلات النمو الاقتصادي المستقبلية وتخفيض معدلات البطالة المحلية.وأكدت الدراسة أن استخراج وإنتاج النفط والغاز في لبنان قد يعرّضاقتصاد لبنان مستقبلاً لاحتمالات الحركية (Volatility)في النشاط الاقتصادي العام من جرّاء التغيّرات التي قد تحصل في أسعار النفط والغاز في السوق العالمي، ممّا قد يعرقل معدلات نمو اقتصاده الوطني. كما أنه قد يرفع معدلات التضخم تبعاً لتوسّع العرض النقدي، الأمر الذي سينعكس على حركة التصدير الوطني ونشاط القطاع السياحي.وتوضّح دراسة فرنسبنك أن استخراج النفط والغاز يتطلب فترة طويلة نسبياً قد تمتد إلى 7-10 سنوات، إلى جانب الكلفة المرتفعة للتنقيب التي قد تصل الى 150 مليون دولار تقريباً للبئر الواحدة. وتطرح الدراسة ملفاً مهماً بالنسبة إلى قطاعي النفط والغاز يتعلق بإدارة موارد هاتين السلعتين في المستقبل، حيث ترى أنه من الأهمية بمكان استخدام هذه الموارد في اتجاهات ثلاثة: للأجيال القادمة، لتخفيض العجز والدين العامين ولمعالجة الآثار الاقتصادية السلبية المحتملة في المديين القصير والطويل. وختمت دراسة فرنسبنك بالإشارة إلى أن تسديد جزء من المديونية العامة يعتبر خطوة ضرورية لتحسين التصنيف الائتماني السيادي للبنان، وزيادة تنافسية الاقتصاد الوطني، ورفع معدلات النمو الاقتصادي مستقبلاً.
تعليقات الزوار