"سواب عقاري" بين الدولة والمصرف المركزي قد يُعالج الأزمة المالية في لبنان
Rania Magazine

مقال

"سواب عقاري" بين الدولة والمصرف المركزي قد يُعالج الأزمة المالية في لبنان

 
 
 
Facebook
 
Twitter
 
Linkedin
 
 

علّق فراس سليم الرئيس التنفيذي لشركة Virtue للإستشارات عن الوضع الإقتصادي الحالي: "قد يتساءل البعض عن السبب وراء إدارة مصرف لبنان مرفقاً هاماً مثل طيران الشرق الأوسط بوصفه سلطة الوصاية على الشركة. إنّ السبب في ذلك هو إفلاس بنك "إنترا" في ستينيات القرن الماضي، ما جعل البنك المركزي مالكاً لشركة الطيران منذ ذاك الوقت. عند تصفية أي مؤسسة في العالم، يتمّ بيع أصولها المادية والمعنوية للإيفاء بحقوق دائنيها، وهذا ما حصل مع بنك "إنترا" وقت ذاك. وفي مقاربة إقتصادية بسيطة، نستطيع القول بأنّ الدولة اللبنانية مدينة للمصرف المركزي إلى جانب صندوق الضمان الاجتماعي بأكثر من 60 بالمائة من دينها العام، فيما لا يتعدّى مُجمل دين المصارف التجارية للدولة حدود الـ 40 بالمائة فضلاً عن نسبة ضئيلة جداً تعود للقطاع للخاص غير المصرفي. إنّ هذه الحقيقة هي صمّام آمان للمالية العامة للدولة اللبنانية، حيث أنّ 60 بالمائة من دينها قد استدانته الدولة من نفسها أي من المصرف المركزي. وفي ضوء هذه الحقيقة، إن المشكلة الجوهرية التي تواجه لبنان حالياً هي نقص السيولة في الدولار الذي نرى بأنّ ثلاث جهات مسؤولة عن شحّه في السوق هي: المصرف المركزي الذي زاد من احتياطاته منه لحاجاته لسدّ ديون الدولة، والمصارف التجارية التي تحفظ أموالها بالعملة الصعبة في الخارج، والمودع العادي الذي فضّل أن يحذو حذو المصرف المركزي والمصارف التجارية بالإحتفاظ بأمواله من العملة الصعبة في منزله. إنّ خروج العملات الصعبة على مدى تسع سنوات مضت (2011 إلى 2019) قد جعل من ميزان المدفوعات سالباً طيلة تلك الفترة مقابل تحويلات مالية إلى الداخل مقبولة ولكن غير كافية لسد العجز في هذا الميزان وفي ضوء نمو اقتصادي لم يتعد الواحد بالمائة سنوياً بأحسن حالاته. وبالتالي، إنّ مشكلة السيولة بالعملة الصعبة هو التحدّي الأساس للدولة في الوقت الراهن في وقت سدّدت الدولة اللبنانية سندات دولية قيمتها 1.5 مليار دولار استحقت يوم 28 نوفمبر الفائت وهي تقول بأنّها قادرة على تسديد الدين المستحق في الفصل الأول من العام 2020، ما يعتبر مؤشراً إيجابياً بأن التعثر لم يحصل أقله حتى نهاية تلك الفترة. بذلك، نرى بأنّ القطاع العقاري هو الرافعة التي تستطيع النهوض بالاقتصاد اللبناني وجذب استثمارات خارجية. ويأتي هذا من حقيقة أنّ اللبناني المغترب شديد الحرص والرغبة في شراء عقارات في الوطن الأم. وقد يكون الحلّ الذي نقترحه بمقايضة أملاك عقارية تابعة للدولة اللبنانية بدينها لصالح مصرف لبنان ناجعاً حيث لا يزال ملك هذه العقارات يعود إلى الدولة اللبنانية ولكن نكون قد حوّلنا ملكيتها إلى المصرف المركزي الذي نسلّم له قيادة دفة القطاع العقاري من خلال تأسيس شركة تطوير عقاري "عامة" تعد من الأكبر في الشرق الأوسط لحيازتها على محفظة أراض كبيرة وذات طلب داخلي كبير. إن إمتلاك هذه المؤسسة العامة لهذه المحفظة العقارية يجعلها الشركة الوحيدة في العالم التي تملك قاعدة عملاء فعلية يرغبون في الاستثمار فيها وأعني بهم كبار المودعين اللبنانيين الحاليين". وأضاف: "هناك من الخبراء الاقتصاديين من سيقول بأنّ هذا "هرطقة" اقتصادية ولكن نرى فيه حلاً ناجعاً للأزمة المالية التي تعمّ البلاد، حيث أنّ المودع اللبناني، لا سيما من فئة المودعين الكبار، لن يمانع أبداً أن يتمّ تحويل أمواله إلى عقارات بكافة أشكالها إذا ما مُنح هذا الخيار من قبل جهة موثوقة وأعني بها المصرف المركزي. كما أن مصرف لبنان يشغّل مرفقاً هاماً للدولة مثل شركة طيران الشرق الأوسط التي تخضع إدارتها بشكل مباشر للمصرف وتحقق ربحاً سنوياً يوازي الـ 30 مليون دولار أميركي. فما الضير بأن يقوم المصرف أيضاً بتأسيس شركة تطوير عقاري "عامة" وأشدد على كلمة عامة لإدارة الأراضي الشاسعة التي تملكها الدولة اللبنانية على امتداد الوطن. بهذا ينخفض الدين العام الذي يشكل أكثر من 150 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود الـ 70 بالمائة من خلال إلغاء المصرف المركزي دينه لصالح الدولة اللبنانية، ما سيقدّم تصنيفنا الائتماني العالمي حيث لا ينفك الخبراء الماليون والمصرفيون يوفرون مناسبة لذكر أنّ لبنان هو الدولة ما قبل الأخيرة في العالم لجهة نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي، ونكون بذلك أمام "سواب" من نوع آخر وهو سواب عقاري. إن الشركة الجديدة التي من الممكن أن تنبثق من جناح مصرف لبنان ستكون عامة أي أنها تحت إدارة مباشرة من المصرف وتتبع له، ولن تكون بأي شكل من الأشكال شركة خاصة أو مساهمة عامة، وقد تعمل الشركة الجديدة بوصفها المطوّر العام على استقطاب شركات تطوير عقاري فرعية لتطوير مشاريع منتقاة منها، وبالتالي جذب الاستثمارات الخارجية على الأمد الطويل ما سيعزز من ميزان المدفوعات. هذا الأمر سوف يجعل من المودعين اللبنانيين أكثر تحفيزاً لمقايضة أموالهم المودعة باستملاك عقارات يتم بيعها لهم ضمن معيار موحد للتسعير وبدون استنسابية وبكل شفافية. ولطمأنة اللبنانيين المودعين، من الممكن أن تخضع الشركة الجديدة لتدقيق محاسبي شفّاف من شركة دولية محايدة لضمان الشفافية والنزاهة في إدارتها. وتستطيع شركة التطوير العقاري المنبثقة من الدولة والتي تملك الأرض أن تطوّر كافة أنواع المنازل والشقق السكنية على اختلاف فئاتها ومقايضتها بأموال المودعين بشكل اختياري وليس إجبارياً. هذا الأمر سوف يعزز من الناتج المحلي الإجمالي ومن الممكن أن يصبح في المستقبل نموذجاً لاستقطاب رؤوس أموال خارجية من المغتربين اللبنانيين، ما سيخفض عجز ميزان المدفوعات السالب منذ العام 2011. كما أنه على المدى الطويل، سيخفّض من نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي إلى حدود دنيا لقدرة قطاع العقارات على تشغيل العجلة الاقتصادية للبلاد وبالتالي رفع الناتج المحلي الإجمالي. بذلك، يكون مصرف لبنان قد حرّك العجلة الاقتصادية وأعطى المودعين خيار "السواب" العقاري الذي بإعتقادي لن يكون هناك لبنانيون ممانعون له لرغبة اللبناني الدائمة بشراء عقار في الوطن الأم". 

 
الأربعاء، 26 شباط 2020
|| المصدر: مجلة رانيا

أضف تعليقاً

الأسم *
البريد الإلكتروني *
التعليق *
كود السرّيّة *
(*) كود السرّيّة يهدف لحماية الزائر/العضو والموقع في نفس الوقت

تعليقات الزوار

    إن موقع مجلة "رانيا" لا يتحمل مسؤولية التعليقات وهو غير مسؤول عنها.

موضة

New Arrivals

صحة وتجميل

احمي بشرتك في الصيف مع عبجي
احمي بشرتك في الصيف مع عبجي

تقرير

العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035
العجز المائي سيصل إلى 610 ملايين متر مكعب عام 2035 ...
 
 
 
 
 
 
 
  • Facebook
  • Twitter
  • Insatgram
  • Linkedin
 
CONTACT US
 
Address:
Beirut, Dekwaneh, Fouad Shehab Road, GGF Center, Block A, 3rd Floor
 
Phone: +961 1 484 084
Fax: +961 1 484 284
 
Email:
[email protected]
 
 
RANIA MAGAZINE
 
RANIA MAGAZINE was first issued at the beginning of year 2002 as a monthly magazine.


RANIA MAGAZINE is concerned with economic, development, social and health affairs, news of municipalities, ministries and banks…
 
 
 
 
جميع الحقوق محفوظة @2024 لِمجلّة رانيا | برمجة وتصميم Asmar Pro