بعد قراءة قصة " و تستمر الحياة " للكاتب الشاب المحامي ملحم مارون كرم، لا يمكنك الاّ ان تستبشر خيراً بمستقبل هذا الشاب الذي يشق طريقه في عالم الثقافة و التأليف و القانون. انه من شباب هذا الجيل، يعكف على التفكير و التأليف ليطبّق الفكر الواعي على واقع الحياة لدى اجيالنا الصاعدة و في مجتمعاتنا، هدفه ان يعيش مشكلات الناس و يعالجها، فغالبيتها ناتجة، في رأيه عن غياب القيم و الاخلاق التي تكاد ان تغيبها العولمة، و قد اعتمد الشباب سلبياتها اكثر من الايجابيات، بخاصة لدى من لم يكتمل نضجهم بعد، لكي يحسنوا الاختيار و يفرّقوا بين المفيد و المؤذي في طريقة التعامل بين الناس. لذلك وجد الكاتب نفسه متحمساً لسرد قصّة واقعية لأشخاص اهملوا هذه القيم و سواها ممّّن يعيشونها، و كيف ان الثقافة و التربية العائليتين ساعدتا هؤلاء على تخطي الصعاب و استمرارية الحياة، مع ما فيها من الحلو و المر، الحزن و الفرح، اليأس و الامل. هذه القصّة مشوقة و مريحة في آن، في عصر انقلبت فيه القيم و الاخلاق رأساً على عقب، اذ اصبحت شيخوخة الوالدين عبئاً على البنين، و التضحية ازاءهم سذاجة، و الصدق مع الآخرين غباء... في عصر تفوقت فيه السرعة على التأني و الانترنت على الكتاب، و المادية على الاخلاق، و الحرب على السلم، و الباطل على الحق، و القوي على الضعيف.
تأخذ هذه القصة بكل ما هو ايجابي لتطوّر الانسان و المجتمعات، تماماً كالنحلة التي تجني عسلها من لب الازهار، لا من قشورها. فقد صيغت بكثير من التفكير المتعلق بطرائق عيش سليمة تؤمّن السعادة للإنسان، و تساعده في مسيرة تطوره فرداً و مجتمعاً.
لم تكن هذه القصة اول كتاب للمحامي الشاب، فقد سبق له ان نشر بالعربية مؤلفات في القانون منها: "الجريمة الاقتصادية"، و "شوائب القانون في لبنان"، نال عليه جائزة سعيد عقل، و تلقى كتابي تقدير من مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية، ومن نقابة المحامين في بيروت، و اخيراً كتاب "الجرم المدني". لذلك ندعوه الى مزيد من التألي و العطاء، في مجالي الادب و القانون.
تعليقات الزوار