لا يقبل وزير الزراعة أكرم شهيب إلاّ العمل كخلية نحل في الملفات كافة التي تقع على كاهله. بالرغم من حيازته على شهادة بكالوريوس في التاريخ من جامعة بيروت العربية وعلى ماجستير في مادة التاريخ المعاصر من جامعة القاهرة، لا تزال نظرته نحو المستقبل أبعد من الحدود وتاريخه الشخصي يشهد على ذلك. كل ما في جعبته من ملفات زراعية وأسئلة تجول في خاطر كل مواطن، أجاب عنها في هذا الحوار وكشف بعض الأمور عن التهريب المتفشي في الجمارك:
مقارنة بالعام الماضي كيف هي حال الزراعة اليوم بالأرقام؟
لدينا اليوم ثلاث مشاكل: الاولى هي التفاح، كوننا نعاني ما نعانيه على كل المستويات أولاً نتيجة تغيّر المناخ الذي يمرّ به لبنان ما أثّر على موسم التفاح.اما بالنسبة لتصدير السنة الماضية فكانافضل حالاً حيث صدّرنا 56000 طن تفاح اما اليوم فصدّرنا حوالى 12800 طن على أمل أن تكون محاولة فتح الاسواق مع روسيا، العراق والاردن والخليج مساعدة على زيادة الإنتاج والتصدير وسط مشاكل عديدة من قضية اقفال المعابر البرية، النقل البحري واليد العاملة. أما بالنسبة للبطاطا فهي أفضل حالاً من التفاح كون الملف المعني بها منظّماً اكثر مع معرفة حاجة السوق.ثانياً نواجه صعوبة مع قضية تهريب البضائع من سوريا المؤثرة على الاسعار والتصريف في لبنان الى جانب العوامل التي سبق وذكرتها.أما المشكلة الثالثة فهي الكلفة مثل غلاء الادوية حيث تزداد حاجة استعمالها مع تغير المناخ اضافة الى التأثير على عوامل المعالجة في الرش، ما يؤثر على نوعية الانتاج في لبنان.المشاكل في هذا الملف عديدة دون ان ننسى الازمة الاوروبية - الروسية على اوكرانيا التي أثرت على عملية اغراق الاسواق اللبنانية بالبضائع الاوروبية خصوصاً أنّ الزراعة في أوروبا محميّة من جهة ومن جهة اخرى مدعومة من الدولة. ويبقى العامل الاساس نوعية الانتاج اللبناني التي لا تزال مميزة مع دخول هذا الإنتاج الى السوق العربي.
ماذا عن شروط التصدير الى أوروبا؟
نحن نصدّر الى اوروبا بشروط الاتحاد الاوروبي التي تعتبر عالية وصعبة لكن بالرغم من ذلك نحاول تطوير مراكز توضيب الفاكهة، الى جانبمراقبةالتتبع من القطاف الى التعليبالى التصديرالتي في حال ضبطها نجد اسواقاً عربية وتجاراً لبنانيين فتحوا خطوطاً واسعة مع العالمين العربي والاوروبي.
بالنسبة لإقفال المعابر وتقلص فرص التصدير نحو البحر والمنافسة في التهريب ماذا تقول؟
كان النقل البري لدينا ناشطاً جداً عبر الحدود السورية نحو الاردن ومنها الى الخليج العربي ككل، وبعد اقفال المعابر بين الاردن وسوريا تأثر التصدير اللبناني سلباً، مع الأخذ في الاعتبار التكلفة المرتفعة للنقل الجوي والبحري. الى جانب ذلك، أثرت الاحداث السورية على التصدير اللبنانيمع ارتفاع كلفة الحركة. على سبيل المثال لا الحصر، التصدير نحو العراق توقف لوجوب سير الشاحنات في سوريا حيث التشديد على امكانية المرور. الأمر نفسه، من تركيا الى كوردستان ومن كوردستان الى العراق حيث الحركة مكلفة فالـ "كونتاينر" الواحد في كوردستان تبلغ تكلفته 5000 دولار ما يزيد التكلفة على حساب الانتاج اللبناني.
لماذا لم يوضع حدّ للتهريب في لبنان حتى الآن؟
حاولنا كثيراً وأصدرت قراراً بإجازة مسبقة للاستيراد من سوريا لكنها لم تنفع. لجأنا نحو وقف الاستيراد من سوريا في قطاع الزراعة الى ان يتم ضبط الحدود من جهة سوريا أو من جهة لبنان من خلال اتفاقنا مع الجمارك. ولا يمكن غض النظر عن تأثيرالحرب الدائرة بين البلدين والواقع العسكري في المنطقة ما فتح فرصة للتهريب من خلال أكثر من 50 معبراً في المنطقة. الى جانب ذلك، التهريب من جهتنا من خلال منطقة عكار مثلاً مفتوح والشاحنات تمرّ دخولاً وخروجاً بسهولة تامة لذلك قمنا بتنبيه الجمارك والقوى الامنية لكن المهربين اقوى من الدولة في بعض الاماكن.
هل تحمّل المسؤولية للجمارك؟
بعض العناصر في الجمارك يرتشون ويتلاعبون ونبّهنا اكثر من مرة بخصوص هذا الموضوع، وتكلّمت مع المسؤولين وفي هذا الصدد أتعاون وأتواصل مع مدير عام الجمارك شفيق مرعي بشكل دائم انما الوضع على الارض يختلف فالتهريب يتم كالتالي: يُمنع دخول "كونتاينر" من الفستق الحلبي ويسمح بالبندورة، فيتم وضع 20 صندوق بندورة على سطح البضاعة وينغمس تحته الفستق الحلبي.من هنا اعترف أن الرقابة ضعيفة وهناك بعض موظفي الوزارة ايضاً غير سالمين.ومن هنا الرقابة الصارمة تقع على عاتق الجمارك التي يجب ان تكون العين الساهرة، على الأقل في محاولة ضبط البضاعة المهربة على مداخل المدن ان لم يتم التمكن بذلك على الحدود. اما نحن كوزارة فنحاول مراقبة الاسواق الكبيرة ومتابعة مصدر التهريب.
الانتاج الزراعي المحلي يتأثر دائماً بالروزنامة الزراعية المعتمدة في بعض الدول العربية كمصر فكيف يمكن حل هذا الأمر؟
مع مصر هناك Gentlemen's agreementيطبق والمصريون ملتزمون كما نحن ايضاً. هذه السنة دخل نحو 10 آلاف طن زيادة من البطاطا ونتمنى اليوم معاملتنا بالمثل بالنسبة للتفاح وادخال كمية اكبر ونحن موعودون بهذا الأمر. يذكر أنّ في الاردن روزنامة ايضاً محترمة كما هناك لجان مشتركة لمعالجة الخطأ وحل المشاكل في مصر والاردن. أما بالنسبة للعراق وليبيا فالاتفاقيات كانت موجودة لكن نتيجة الأحداث في البلدين وظروف المنطقة انعكست سلباً بشكل كبير.وللتكلم عن الدول العربية بشكل عام هناك اتفاقيات وأسواق مفتوحة مع الخليج لكن يبقى الخيار للتاجر خصوصاً مع ارتفاع التكلفة التي سبق وتحدثنا عنها جراء الازمات.اما بالنسبة للدول الاوروبية فهناك معايير يجب الالتزام بها التي ننجح بتطبيقها في الكثير من الأحيان خصوصاً مع "الاورغانيك" الذي نصدره بطريقة جيدة. وفي حال لم ننجح في تطبيق هذه المعايير فذلك ليس ضعفاً في الجودة اللبنانية، إنّما المشكلة في الشكل والحجم اللذين يؤثران أو في عوامل أخرى كالتربة وكيفية الرش والمعالجة.
القطاع الزراعي لا يزال يعاني من قلة التشريعات التي تحميه لماذا؟ ومن يتحمل هذه المسؤولية؟
التشريعات موجودة لكن تطبيقها مع الاسف غائب في بعض الاوقات. ويبقى الأهم كما سبق وذكرت تعزيز الاتفاقات الثنائية وضبط الحدود ومنع التهريب وبذلك القوانين اللبنانية ستحمي انتاجنا والمزارع اللبناني.
في ظل تراجع التصدير لماذا لا تزال الاسعار مرتفعة في السوق المحلي؟
أولاً، هذه مسؤولية كبيرة على وزارة الاقتصاد وحماية المستهلك.ثانياً، الرقابة يجب ان تكون اكبر من خلال متابعة مراقبي حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد.من هنا نذكر أنه رغم مرور شهر رمضان ووسط منعنا الاستيراد من سوريا بقيت الاسعار مقبولة والانتاج اللبناني بيع بالكامل.
من الملاحظ ان المؤسسات الدولية هي التي ترعى بعض المشاريع الزراعية مباشرة فأين دور الوزارة في ذلك؟
نتعاون بشكل كبير مع الاتحاد الاوروبي الذي يقدم مساعدات واليوم في ظل النزوح السوري لم تبق مؤسسة عالمية إلاّ وقدمت للبنان مساعدات ومشاريع نحاول كوزارة الاستفادة منها.
اضيف أن المؤتمرات التي انعقدت لدعم لبنان لمواجهة النزوح نحاول الاستفادة منها من خلال المياه والبرك والآبار وبالطاقة الشمسية للتخفيف عن كاهل الفلاح. اليوم نحن بصدد مشروع زراعي كبير مموّل من الاتحاد الاوروبي في التصنيع الزراعي على أمل خلق فرص عمل وعدم تكدس الانتاج الزراعي في البرادات.
هل سيتخلى المزارعون عن الزراعة كمورد اساسي؟
لا أعتقد ذلك كون الزراعة عاملاً اساسياً في الاقتصاد اللبناني، والانسان متشبث في أرضه. لدينا واجب كبير تجاه الزيتون وتحسين نوعية الزيت لتصديره كما قطاع النحل حيث لدينا 6000 مربي نحل في لبنان والانتاج الى تصاعد، وقطاع الزهور الذي نحاول ايجاد سوق له والحد من الاستيراد المفتوح. الأمر نفسه بالنسبة لموضوع الخضار أما النبيذ فهناك حوالى 40 شركة منتجة لنحو 10 ملايين زجاجة بالسنة ونصدّر حوالى ثلاثة ملايين وهذا قطاع واعد في لبنان ما يدخل بطريقة ايجابية نحو مشروع التصنيع ويمكن الاستفادة منه.
كوزارة هل هناك مراقبة على المزارعين؟
نعم هناك مراقبون في كل المناطق.
هل هناك مخاوف من نوعية مياه الري؟
لكي أكون دقيقاً وصريحاً في بعض المناطق الرقابة موجودة وفي البعض الآخر معدومة لكن يبقى للفلاح الذي يريد بيع انتاجه الدور الأكبر في وجوب تحسين والتزام الشروط والمعايير ليتمكن من بيع انتاجه بشكل مناسب.وبالعودة الى مشكلة مياه الري فأعترف بوجود مشاكل من بينها تلوّث مياه نهر الليطاني وبحيرة القرعون.
ما هو الملف الاكثر اهتماماً من معاليك؟
موضوع تصدير التفاح يقع على كاهلي اليوم وقطاع الزيت على الطريق.ويبقى ذلك أسهل من مشكلة النفايات التي نحاول ايجاد حل لها في الشوف وقرى عاليه ونؤكّد الحل المستدام بعد اربع سنوات.
تعليقات الزوار