ليس غريباً على نهاد المشنوق ان يقود وزارة الداخلية، منذ تعيينه وزيراً في حكومة الرئيس تمام سلام الأخيرة، فهو ابن العائلة البيروتية العريقة، والصحافي العتيق والناقد، منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي، والسياسيالمواكب منذ نشوء الحرب الأهلية في لبنان، والمتخصّص في قضايا الصراع العربي- الإسرائيلي والناشط في "اللقاء الإسلامي" وأحد مؤسّسيه منذ العام 1983، ناهيك عن كونه المستشار السياسي والإعلامي للرئيس الشهيد رفيق الحريري في أهمّ حقبة سياسية، تنموية ونهضوية في تاريخ لبنان الحديث، حيث عمل مع الراحل على إقرار القانون التأسيسي لشركة "سوليدير" وتحضير المخطّطات لتنفيذ المشروع.
تمايز المشنوق بمواقفه المتقدّمة إزاء ما يشهده لبنان من تطوّرات، عن زملائه في تيار "المستقبل" وكتلته النيابية، منذ ان انتخب نائباً عن بيروت في العام 2009، و لا يزال يحاكي الملفات الشائكة بحنكة وذكاء، ويجاهر بمواقفه العلنية حيث يضمرها الآخرون، ويقود فيها جولات النقاش. فقناعة "الرجل الستيني" وخطابه في الإقناع كنز لا يفنى، يحاذر العوم عكس تياره، لكن ذراعاه تقويان على مجاذيف الكثيرين ممّن يستهويهم الخطاب "الشعبوي"، حتى أضحى ركناً أساسياً من أركان الحوار الداخلي.
في عهد نهاد المشنوق في وزارة الداخلية، تمكّنت الحكومة من إرساء وإنجاح الخطة الأمنية في طرابلس، التي شهدت لسنوات عدّة جولات من العنف والإقتتال ورسم المحاور. فالوزير العنيد يبسط قرارات حازمة لا لُبس فيها ولا غموض ولا تهاون، ويستطيع ان يكسب منها تأييد خصومه السياسيين قبل المقرّبين من فريقه، إيماناً منه بالحفاظ على السلم الأهلي بين اللبنانيين، متجنّباً أيّ سجال خلافي داخل الحكومة.
أثبت وزير الداخلية اللبناني مكانته في المحافل العربية والدولية، من خلال اجتماعات وزراء الداخلية العرب، وجولاته التي طالت العديد من الملفات الإقليمية، وهو المناضل العتيق من أجل القضية الفلسطينية، والساعي لتقريب وجهات النظر العربية - العربية، في زمن تطفو على أزماته الخلافات السياسية الإقليمية، كما حمل لواء محاربة الإرهاب وجاهر بالخيارات الصعبة والقرارات الحازمة في مواجهة موجة التكفيريين، وبسط سلطة الدولة على جميع اراضيها ونزع السلاح غير الشرعي.
يدرك المشنوق، كالكثيرين غيره، أنّ لبنان لا يمكن تحييده عمّا يجري من أحداث في المنطقة وآخرها العراق، مؤمناً بأنّ عماد النجاح في إرساء الأمن والإستقرار يكمن أولاً وأخيراً في شعور كل المواطنين بالمساواة أمام سلطان القانون وحده، مؤكّداً عدم تواضعه في الإصرار على حقّ كل اللبنانيين بالأمن والكرامة في مواجهة كل الأخطار التي تتحالف على الوطن، من ثقافة السلاح والمسلّحين الى ثقافة الإنتحار والإنتحاريين.
وقد أكّد نهاد المشنوق منذ توليه مهام وزارة الداخلية رهانه على السعي لإنتاج أوسع شبكة تلاقٍ سياسي تحت سقف القانون والدولة وقيم السيادة والإستقلال من أجل جعل وزارة الداخلية وزارة المواطن اللبناني الذي يستحقّ افضل الجهود وأخلص المساعي لتجديد إيمانه بلبنان.
تعليقات الزوار