استخراج النفط سيغيّر وجه لبنان الاقتصادي
نحرص دائماً عند تشكيل أيّ حكومة جديدة على متابعة العمل لضمان استمراريته
كثرت التوقعات بشأن انعكاسات اكتشاف النفط على القطاعات اللبنانية كافة، وبشأن تغييره واقع لبنان، ليتحوّل البلد من مستورد للطاقة إلى مصدّر لها، لذا التقينا مستشار وزارة الطاقة والمياه ميكل أنج مدلج الحاصل على شهادة جامعية في اختصاص هندسة الموارد وإدارةالأعمال، ليُطلعنا على أبرز خطط الوزارة، وعلى أهمية ملف النفط والوجهة الأفضل لاستغلال عائداته، فلفت إلى أنّ لبنان سيستفيد عينياً ومالياً من تلك العائدات، بما يُساعد على تخطّي العجز في مؤسساته، خصوصاً في مجال الكهرباء، مشيراً إلى أنّ الموارد النفطية ليست حكراً على الجيل الحالي، بل ملكاً للأجيال المقبلة.
بدايةً، متى بدأت العمل في الوزارة؟
بدأت العمل بصفة مستشار في وزارة الطاقة والمياه عام 2010، فكنت عضواً في الفريق الذي يعمل على تطوير مشاريع قطاع النفط منUpstream إلىDownstream . وحالياً، أعمل علىمشاريع الانتقال الطاقوي.
باعتقادك، هل سيُحدث النفط نقلة نوعية في واقع الاقتصاد اللبناني؟
يتمتّع لبنان باقتصاد حرّ يحترم حرية العمل وعملية الاستيراد والتصدير، ويُعدّ النفط من الموارد الاقتصادية التي لها أهمية كبيرة في إعادة بناء هيكلية جديدة للاقتصاد، لامتلاكه المقوّمات التي يمكن أن تساعد على التطوّر والنهوض بالبلد. لذلك أتوقّع أن يُغيّر النفط واقع لبنان من ناحية تأمين استهلاكه المحليللطاقة،وصولاًإلى مرحلة التصدير.
هل للبنان قدرة على تأمين يد عاملة خبيرة في هذا المجال؟
وفقاً للقانون، اشترطت الدولة اللبنانية في عقودها مع الشركات الأجنبية الخاصة بالتنقيب أن تستخدم نسبة 80% من العاملين لديها من اليد العاملة اللبنانية. من جانبها، تقوم الجامعات اللبنانية بمجهود كبير من خلال إعداد كوادر مهمّة من مهندسين متخصّصين في مجال النفط، فضلاً عن وجود عدد كبير من اللبنانيين المتخصّصين الذين يعملون منذ سنوات عدّة في دول الاغتراب ولديهم خبرات وكفاءات عالية، وهم في انتظار الفرصة المناسبة للعودة إلى وطنهم واستثمار خبراتهم في هذا المجال.
ما هي الوجهة الأفضل لاستغلال عائدات النفط في لبنان؟
يُقسم النفط والغاز بين أصحاب الحقوق والدولة أولاً بشكل إتاوات للدولة من الغاز أو من النفط المنتَج، وثانياً بتشاطر بين الدولة وأصحاب الحقوق لما يتبقى من النفط والغاز، وَفق نِسبٍ تحدّدها المزايدة.ووفقاً للقانون، ستنشئ الدولة اللبنانية صندوقاً سياديّاً لإيداع عائدات الأنشطة البترولية فيه بهدف استثمارها واستهلاكها بشكل مستدام. ويُمكن استخدام الموارد البتروليةلدعم الاقتصاد وسدّ عجز الدولة تدريجياًعبرحلّ الأزمات والمشاكل العالقة كأزمة الكهرباء، النقل والصناعة.
كيف سيتمّ تحييد الصندوق السيادي عن السياسة والمحاصصة؟
يجب الاعتماد على وطنية الأفرقاء السياسيين في الدولة، والمراهنة على الفكر الوطني لدى الجميع، ثمّ الالتزام بأقصى معايير الشفافية لحماية هذا الصندوق من التجاذبات السياسية والانقسامات الداخلية لبناء مستقبل واعد للأجيال المقبلة.
هل يمكن إنشاء معامل ذات مواصفات عالمية للاستفادة من النفط والغاز الطبيعي؟
نبحث عن طرق فعّالة لاستخدام الموارد النفطية بشكل أمثل، ومن المتوقّع أن نحصل على كميّات من الغاز الطبيعي لاستخدامها في تطوير مشاريع توليد الطاقة.لذلك نعمل على تجديد وتطوير معاملنا وفق مواصفات جيدة، وقد وضعنا الخطط اللازمة، وقمنا بدراسة التكاليف الخاصة بنقل الغاز واستخدامهكوقود لتشغيل محطات توليد الطاقة.
ما هي الصناعات التي يمكن أن تستفيد من الطاقة المستخرجة؟
هناك العديد من الصناعات التي يمكن تطويرها وخفض تكلفتها كالألومنيوم، الزجاج، الورق والباطون. بذلك ستستفيد المعامل اللبنانية كلّها من تخفيض سعر إنتاج الكهرباء. لذا قمنا بدراسة مبدئية بالتعاون معUNDPعبر مشروع Sodelلإمكانيةاستجرار الغازالطبيعي إلى المناطق الصناعية وانتقال هذه الصناعاتإلىاستعمالالغاز الطبيعي، كما نعوّل على أفكار الصناعيين اللبنانيين لإنشاء صناعات ومعامل تعتمد على الموارد النفطية بشكل مباشر وغيرمباشر، ما يدفعنا إلى ابتكار مجالات جديدة للاستفادة من هذه الطاقة.
هل لبنان مهيّأ لخوض تجربة النفط ولديه تصوّر أو استراتيجية لاستغلال هذا المورد؟
أصدرت الدولة اللبنانية قانوناً خاصاً بالأنشطة النفطية، كما تمّ إنشاء هيئة إدارة قطاع النفط التي تعمل مع الوزارة على وضع استراتيجية لاستغلال الموارد النفطية وتطوير وإدارة هذا القطاع.ونحن نواكب بجهوزيتنا التطوّر الحاصل في هذا الملف.
كيف سيتمّ استخدام الموارد البترولية، متى وأين؟
تمّ وضع خطة لإدارة قطاع الكهرباء ليتحوّل إلى قطاع منتج ومُربح ضمن الخطة التي أقرّها الوزير جبران باسيل في عام 2010. وتلحظ هذه الخطةاستخدام الغاز الطبيعي بحصة تبلغ الثلثين من مجموع استهلاك الطاقة لإنتاج الكهرباء، ما يعني أنّ ثلثي إنتاج الطاقة الكهربائية سيعتمد على الغاز الطبيعي. لذلك نعمل على وضع الخطط لنقل الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى معامل الكهرباء، ثمّ إلى المناطق الصناعية.
في انتظار استخراج الغاز الطبيعيمن المياه البحرية اللبنانية،نعمل حالياً على تنفيذ مناقصة لاستجرار الغاز المُسال وإعادة تغويزه (تحويله من سائل إلى غاز) على الشواطئ اللبنانية. تتطلّع وزارة الطاقة للانتقال من الوقود المستخدم حالياً، وهو الفيول، المازوت، إلى الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء وإدخاله ضمن الصناعاتاللبنانية.
كيف تصف لنا تجربتك في العمل مع الوزير سيزار أبي خليل، وماذا أضاف إليك التعامل معه؟
إنها تجرية مميّزة ومُجدية، حصلتُ من خلالها على المزيد من الخبرات والمعارف بفضل توجيهات الوزير سيزار أبي خليل، إذ كان مرشداً لي شخصياً طوال فترة عملي في الوزارة. إنّه رجل نظيف، يتميّز بالشفافية، الصدق والوطنية، ومُحب لعمله، وتعاطيه جيد في العمل، وأتشرّف بالتعامل معه. لذلك أتوقّع أن نحقّق المزيد من الإنجازات المهمّة في المستقبل بفضل وجوده في الوزارة.
مع تشكيل الحكومة الجديدة هل الاستمرارية في العمل مصانة؟
نحرص دائماً عند تشكيل أيّ حكومة جديدة على متابعة العمل لضمان استمراريته. فالخطط التي وضعت في عهد الوزير جبران باسيل عام 2010 ما زالت مستمرّة، ونعمل على تطويرها حالياً في عهد الوزير سيزار أبي خليل.
يجري التداول في الأوساط السياسية بمسألة الشفافية التي بادرتم إليها، فعلى ماذا تدلّ هذه الميزة؟
تلتزم الوزارة معايير الشفافية في تطبيق عملها، ممّا يدلّ على حُسن سير إدارتها وأمانتها في الكشف عن مشاريعها التي تقوم بها. وللمزيد من الأمانة المهنية، يتمّ التعامل مع المنظّمات الدولية التي ترعى الشفافية في قطاع النفط قبل البدء بالتنقيب، الأمر الذي يميّز وزارتنا من غيرها من الوزارات في دول العالم التي تبدأ عملها بمرحلة التنقيب، ثم تنتقل إلى مراعاة مسألة الشفافية. لذلك تعمل الوزارة على تطوير هذا القطاع وفقاً لهذه المعاييرلكي تتمكّن من بناء نموذج ناجحللبنان.
الشعب اللبناني يتساءل عن تقاسم الأرباح بين الشركات الأجنبية وجيوب المسؤولين اللبنانيين، فما هو تعليقك؟
عند تطبيق مبدأ الشفافية في إدارة قطاع النفط، لا يكون هناكداعٍ للخوف على الموارد النفطية من السرقة والهدر. ويُعتبر المواطن هو المستفيد الأكبر من هذه الثروة عند نموّ البلد وتطوّر مختلف قطاعاته.
ما الجديد ضمن خطتكم كوزارة؟
لدينا قطاع نفط فعّال، كما أننا نعمل حالياً على تطويرمشروع ضخم خاص لتخزين المشتقات النفطيةفي منطقة طرابلس. وتكمن أهمية هذا المشروع في تحوّل لبنان إلى صلة وصل للانتقال بالموارد النفطية في المنطقة وخارجها، كما نطمح إلى دعم مؤسسة كهرباء لبنان لكي تُصبح منتجة وتستطيع تحقيق الأرباح.
متى ستبصر النور هذه المشاريع؟
نأمل في أن يتمّ تحقيق هذه المشاريع في السنواتالقليلة المقبلة. وهناك العديد من المشاريع التي نعمل عليها، في الوقت الذي نسعى دائماً لتطوير قطاع النفط في لبنان قبل أن نصل إلى مرحلة الاستخراج.
تعليقات الزوار