تشكل الزراعة في لبنان ثالث أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد بعد قطاعي الخدمات والصناعة، وتُساهم تقريباً بـ 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وتؤمّن دخلاً لحوالى 15% من السكان. يواجه القطاع الزراعي اللبناني مأزقاً حقيقياً. ليس أقلّه غياب الدعم والحماية مع بروز الموجة العالمية لارتفاع الأسعار الغذائية في ظلّ العجز في الاكتفاء الذاتي الغذائي حيث يتعرّض الأمن الغذائي في لبنان إلى الانكشاف. ذلك أن الاعتماد على استيراد المنتجات الغذائية يكبح النمو الاقتصادي ويستنزف أرصدة العملات الأجنبية في ضوء التوقعات باستمرار ارتفاع الأسعار لسنوات مقبلة، إضافة إلى توسيع هوّة مشاكلنا الإجتماعية والإقتصادية.مجلة "رانيا" التقت مدير عام وزارة الزراعة لويس لحود الذي أشار الى بعض النقاط المهمة فقال: "ان الوزارة تواجه ككل الوزارات صعوبات جمّة، ومن أهمّها قلّة وجود العنصر البشري والشغور الكبير في القطاع الاداري على صعيد المحرّرين والأجراء وفي القطاع الفني مهندسين زراعيين واطباء بيطريين وحراس الأحراج، وهذا يعيق عمل الوزارة ويعطّله ايضاً. لذا يجب حلحلة المشكلة بفتح أبواب التوظيف من خلال مجلس الخدمة المدنية لضمان سير عمل الوزارة على اكمل وجه. علماً ان امكانية التوظيف اليوم محدودة جداً، نظراً للتكاليف المالية المترتبة على عملية التوظيف والموازنة المالية الموضوعة في تصرّف الوزارة".
ويتابع لحود قائلاً: "ان القطاع الزراعي تعترضه تحديات كبيرة، بدءاً من المرافئ الحدودية وإقفال المعابر البرية لتصدير الإنتاج الزراعي لدول الخليج والعراق وللدول العربية وصولاً الى ارتفاع سعر التكلفة، وكل هذه المشاكل تندرج تحت موازنة وزارة الزراعة، لذا من الضروري ان تكون الموازنة أكبر لمواجهة الصعوبات".
ويضيف:" رُفعت موازنة وزارة الزراعة في العام 2011 من 40 ملياراً الى 115 ملياراً، انما هذا الإرتفاع ليس كافياً كون عملنا يغطي كافة المناطق اللبنانية عبر المسار الإقليمي والمراكز الزراعية التي تقوم بدور صلة الوصل ما بين الوزارة والتعاونيات الزراعية، وهذا يحتاج الى كادر بشري وفنّي وامكانيات مالية وأبنية وأمور لوجستية، القطاع الزراعي بحاجة الى الدعم والتمويل من اجل تلبية الاحتياجات".
وعن أزمة التفاح الاخيرة التي عانى منها المزارعون يقول لحود: "زراعة التفاح بدأت في المناطق اللبنانية في الخمسينات من القرن الماضي، وانتشرت بشكل كبير لتصبح زراعة رئيسية خصوصاً في المناطق الجبلية، وقد اشتهرت في الأسواق العالمية بجودتها العالية، ولكن زراعة التفاح تراجعت لاحقاً لأسباب عدة منها: مشاكل النقل وإقفال المعابر الحدودية كما ذكرت سابقاً، قِدم الأصناف المزروعة وانخفاض إنتاجيتها، تشتّت الحيازات الزراعية وصغر حجمها خصوصاً في مناطق جبل لبنان، ما أدّى إلى إرتفاع كلفة الإنتاج وعوائق في التسويق والتصريف.
ويفيد لويس لحود: "من الناحية الإستراتيجية يجب تغيير الاصناف التقليدية للتفاح على المدى الطويل لأنّها اصبحت تشكّل عبئاً على المزارع وبالتالي نستطيع فرض انفسنا في السوقين المحلي والخارجي".
اما بالنسبة للأصناف الحالية فلدينا السوق المصري والليبي والأردني ويمكننا الاستفادة من هذه الاسواق لتصريف إنتاجنا، واليوم نسعى مع المصريين ومعالي وزير الزراعة بذل جهوداً من اجل تصريف الفائض من المحصول الزراعي للتفاح، لأنّ الاتفاق مع الحكومة المصرية يساهم بحل 60% من أزمة تصريف الموسم الحالي".
ويشير لحود الى "انّ مجلس الوزراء وبناء على اقتراح وزير الزراعة اتخذ قراراً بإنصاف مزارعي التفاح لهذا العام ودعم بـ 5000 لبنانية للصندوق الذي يحتوي على 20 كيلوغراماً، وكلّف الجيش اللبناني والهيئة العليا للإغاثة ووزارة الزراعة ان يقوموا بهذه المهمة، والجيش الآن يضع آلية لمساعدة المزارعين وفقاً لهذا القرار، فالوزارة تعمل على مساعدة المزارع ومعالجة مشاكله شرط أن يحترم المواصفات والنوعية وان تكون لدينا أصناف جديدة وأسواق لاستقبال محاصيلنا الزراعية".
وعن الزراعات الاخرى يقول لحود: "هناك سلاسل انتاج عدة في القطاع الزراعي مثلاً النبيذ حيث استطعنا خلال عملنا مع مصلحة الزراعات الصناعية بالتعاون مع منتجي النبيذ ان نصدّر انتاجنا الى الخارج وأثبتنا جدارة في ذلك، وأحيينا يوم النبيذ اللبناني في باريس في ايار عامي 2013 و2014. وهنا لا بدّ من الاشارة الى الدور الفعّال الذي تقوم به وزارة الخارجية لمساعدتنا، خصوصاً وزير الخارجية والقنصليات التابعة للخارج لتسويق النبيذ اللبناني، بتأمين اسواق زراعية للنبيذ وزيت الزيتون وغيرهما. كما وللجاليات اللبنانية دور مهم في تسويق الانتاج.
تعليقات الزوار