تبلغ مساحة الأراضي المستغلّة للزراعة 25% من مساحة لبنان الإجمالية، أي ربع مساحته مناطق زراعية. ويمتلك هذا القطاع موقعاً مميزاً في المنطقة العربية، ويعود السبب إلى الظروف المناخية، وكمية المياه المتوافرة، ما يسمح بتنوع كبير في منتجاته الزراعية. للتوسع اكثر في موضوع المشاكل التي يعاني منها القطاع الزراعي في لبنان كانت لنا مقابلة مع مدير الثروة الزراعية محمد أبو زيد الذي اوضح بعض الامور التالية:
يقول أبو زيد: "إن لبنان يتمتع بأراضٍ صالحة للزراعة، ومناخ ملائم ومتنوع كخصوبة التربة، ومناخ البحر الأبيض المتوسط مناسب لإنتاج الفاكهة والخضار، بالإضافة الى 200 كيلومتر من الخط الساحلي ووفرة نسبية من المياه، اضافة الى موقع البلاد الاستراتيجي بين أوروبا ودول الخليج". ويوضح ابو زيد: "إن المساحة الاجمالية للأراضي الصالحة للزراعة هي 332 ألف هكتار، يزرع منها 231 ألف هكتار (حوالى نصفها 113 ألف هكتار مرويّ) بمتوسط 1.36 هكتار للحيازة الزراعية (1.23 للحيازة المروية). انتقل استغلال هذه الأراضي تدريجياً من محصول الحبوب الى محاصيل ذات قيمة مضافة مرتفعة (في المقام الأول مثل الفاكهة والخضراوات)، ما أدى الى نسبة انتاج مرتفعة في كل كيلومتر مربع في لبنان مقارنة مع دول الجوار.
ومع كل ذلك يعاني لبنان من مشاكل جمّة تواجه الثروة الزراعية، مرتبطة بكلفة الانتاج المرتفعة مقارنة مع البلدان المجاورة نسبة الى غلاء سعر الطاقة والمواد الزراعية، اضافة الى مشاكل النقل والمنافسة واستغلال التجار المزارعين وأخيراً الهجوم العمراني الذي يعتبر أحد أهم المعوقات التي تهدد الأراضي الزراعية في لبنان، على حد قول ابو زيد.
ويتابع موضحاً: "إن الزحف العمراني يقلص المساحات الزراعية القليلة المتبقية ويؤدي إلى تدنّي إنتاجية المحاصيل الزراعية. فالتطور الذي شمل النواحي العمرانية والصناعية والتجارية، إضافة إلى عدم وجود قوانين لحماية الأراضي الزراعية، أسهما في فقدان مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية المنتجة، داعياً الى استحداث قوانين جديدة للحد من هذه الظاهرة، وتوعية المواطن من خلال نشر الوعي البيئي للحفاظ على الأراضي الزراعية، وخصوصاً توعية مالكيها بضرورة إيقاف المشكلة باعتبارها ستؤدّي إلى تقليص كميات الانتاج من المحاصيل الزراعية".
وأشار الى أنّ حجم الإنتاج الزراعي والحيواني في لبنان، يصل إلى 1.5 بليون دولار سنوياً، مؤكداً أن قرابة 250 ألف عائلة، تعتمد بشكل رئيسي على هذا القطاع لتأمين قوتها اليومي.
وعن الحلول والطرق الملائمة التي من شأنها أن تحمي الثروة الزراعية في لبنان يقول أبو زيد بأنه لا بدّ من ضرورة إحداث ثورة كاملة في تركيبة انتاجنا الزراعي من خلال إدارة حديثة للأراضي الزراعية، وتغيير الاصناف المزروعة، وتحسين النوعية وتخفيض الكلفة، ليتمكّن هذا الانتاج من مواجهة المستجدات الحالية والمتوقّعة، سواء في علاقته مع الاسواق العالمية او مع المعطيات الاقليمية الناتجة عن الحلول الشرق اوسطية التي قد تُفرض على لبنان أو عن المعاهدات المتوسطية والعربية.
ودعا جميع المزارعين الى اعتماد تجديد الاصناف، قائلاً: "قمنا منذ حوالى 3 سنوات تقريباً بشراء 100 ألف شتلة من الحمضيات المرغوبة في العالم لتوزيعها على المزارعين كي يبادروا الى تغيير بساتينهم وتجديد أصنافهم".
وأضاف: "إن زيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية للمنتجات الزراعية اللبنانية تكون من خلال تعزيز سلاسل الإنتاج ورفع القيمة المضافة للمنتجات الزراعية النباتية والحيوانية، تعزيز إجراءات الصحة النباتية والحيوانية، تحقيق نموّ في الصادرات الزراعية، تحسين التسويق الداخلي، وضع خطة وطنية للمحافظة على الأراضي الزراعية والمروية وتوسيعها، تنظيم الوضع القانوني للمزارعين والنقابات الزراعية، من خلال دعم صغار المزارعين والمربين والمنتجين واستقطاب الشباب والمرأة للعمل والاستثمار في الزراعة".
وتابع: "إضافة الى تعزيز الإدارة الرشيدة والاستثمار المستدام للغابات والمراعي، وتعزيز إدارة قطاع النباتات الطبية والعطرية والأشجار البرّية المثمرة، دعم الاستثمار وتعزيز الإدارة المستدامة للمصائد السمكية ولتربية الأحياء المائية، وتحديث نظام الري في لبنان وتحفيز استعمال مصادر مياه وطاقة بديلة".
وأضاف: "تعزيز الإرشاد والتعليم الزراعي من خلال تطوير نظام ارشادي تعددي ذي رؤية مشتركة ونهج متكامل في التعليم والبحث والإرشاد الزراعي الذي من شأنه أن يستجيب للاحتياجات الفنية والمعلوماتية للمزارعين ويفعّل الشراكة ما بين القطاع العام والجامعات ومراكز البحوث والجمعيات الأهلية المقدمة لخدمات الارشاد، ومن خلال تفعيل التعليم الزراعي الفني الرسمي المستند الى متطلبات سوق العمل".
تعليقات الزوار