من منّا لا يعي التركيبة الغريبة والعجيبة التي جُبِل منها لبنان والقائمة على الطائفية المستشرية في كل مكان وزمان، سواء من حيث التقسيمات الجغرافية ضمن المناطق وفي وسائل الإعلام والحصص الوزارية والمقاعد الانتخابية. بالرغم من هذا كله، يستمرّ اللبنانيون بحياتهم في مجتمع تحكمه تركيبة سحرية غير آبهين بالخلافات السياسية وجلّ ما يتمنّونه حياة كريمة عنوانها الاستقرار الأمني والتعافي الاقتصادي. بخلاف السياسة التي يتميّز طريق سالكيها بالضبابية المفرطة والغايات المُبهمة والقنوات المخفية، يظهر النقيض الذي استطاع أن يلمّ شمل ما فرّقته السياسة، وهو عالم المستديرة الصغيرة التي تحمل في داخلها ثوابت معنوية وقانونية وأدبية فهي الوحيدة التي كسرت التركيبة التقليدية فجمعت ما استحال على المسؤولين جمعه. الرياضة هي فن القبول والإصرار والإرادة، كذلك هي الرغبة والطموح ومنها نتعلّم دروب الرجاء في تنظيم النفوس باتجاه التعامل الكريم مع الآخرين. هي الوحيدة التي من شأنها أن تجعلك واقفاً في ميدان واقعي والكل يراك على حقيقتك في قدراتك وموهبتك فليس بها خداع أو تزييف أو تشويه أو كذب، أنت ومهارتك في الساحة وأمام أعين الناظرين.وفق هذه القواعد يشارك المئات في صناعة الفرح، ويتابع الآلاف حول العالم أين ستستقرّ هذه المستديرة في نهاية المطاف دون حقد أو غلّ وإنما بروح رياضية جميلة.
أصبحنا في القرن الواحد والعشرين وإلى اليوم لم نستطع كلبنانيين تجاوز هذه الاختلافات في تركيبة مجتمعنا ولا حتى فهمها في صياغة قوانين تنظّم مسيرة الحياة السياسية في هذا البلد الصغير جغرافياً، فعلى سبيل المثال ما زلنا نتخبّط عند تشكيل حكومة جديدة وكأنها المرّة الأولى في تاريخ لبنان. لكن كلنا أمل أن يتمثّل أصحاب القرار في بلد الأرز بالروح الرياضية وأن يتقبلوا الآخر في الهزيمة أو الربح، ولنكن دقيقين أكثر فلا خسارة أو هزيمة لفريق أو حزب ما مقابل الصالح العام للبنان ولشعبه. لذا، أرى من واجب الجميع أن يرفعوا المصلحة الوطنية على المنافع الشخصية ولنعش للبنان وازدهاره أولاً فبذلك تزدهر حياتنا ويشرق مستقبل أطفالنا.
تعليقات الزوار