الثقة رمز من رموز النجاح وسبيل لتحقيق الأهداف
تشكّل المصارف عصب الإستثمار الأميركي
يحتاج لبنان إلى 10 سنوات لينهض من كبوته الإقتصادية
عدم الإستقرار الإقتصادي في لبنان يحجب ثقة المستثمرين
رافقه منذ صغره حلمٌ واحدٌ وهو أن يكون رجل أعمال ناجحاً ومعروفاً، فاجتهد وثابر في مسيرته الأكاديمية ونال شهادة جامعية في مجال إدارة الأعمال من جامعة "تكساس" في مدينة "الباسو". بدأ مشواره المهني وهو في بداية العشرينيات حيث عمل كسائق سيارة أجرة بهدف دفع تكاليف الجامعة. ولأنّه رجل عصاميّ ومغامر ادّخر بعض الأموال ووظّفها في مشروعه الأول الذي تمثّل بشراء 15 سيارة أجرة مُحقّقاً بذلك ربحاً وفيراً. وبعد تخرّجه من الجامعة، دخل عالم تجارة السيارات وتوسّعت أعماله بشراء أول محطة للوقود تقدّم خدمة غسيل السيارات تلقائياً من دون الحاجة إلى عمّال، ثم عمد إلى شراء محطات الواحدة تلو الأخرى حتى بلغ عددها 17 محطة. لم يقف طموحه عند هذا الحدّ، بل دخل عالم البناء والمقاولات بذكائه ومصداقيته العالية التي كانت رأسماله الوحيد في تعزيز ثقة المستثمرين والمصارف بقدراته، فذاع صيته في القطاع العقاري وأصبح مالكاً لعدد كبير من المجمّعات السكنية التي يبلغ عددها حوالى 500 مجمّع، إلى جانب نادٍ رياضي وعدد من مراكز التسوّق وشركة لتوزيع الوقود وغيرها من المنشآت السكنية والتجارية. قصّة النجاح هذه مثال يحتذى به لأنّها نتيجة كفاح ونضال لرجلٍ بنى جسر نجاحه بسنّ مُبكرة ولا يزال يتألّق في عالم الأعمال والاستثمار حتى اليوم، ممّا دفعنا لإجراء هذه المقابلة مع رجل الأعمال المُغترب أسامة عزّام وكان الحوار التالي:
لماذا توجّهت إلى أميركا دون سواها؟
أنا مواطن فلسطيني من مخيّم عين الحلوة في لبنان، هاجرت إلى أميركا بعمر 16 عاماً هرباً من الأوضاع الصعبة التي كانت سائدة في لبنان آنذاك. قرّرت متابعة دراستي في هذا البلد وتخرّجت من جامعة "تكساس" ودخلت عالم الأعمال في مختلف المجالات، إلى أن اكتسبت مهارات وخبرات جمّة خصوصاً في قطاع البناء والمقاولات.
بصفتك رجلاً عصاميّاً، ما هي مقوّمات النجاح الأساسية التي كانت سبيلاً لتحقيق أهدافك؟
يسعى عدد كبير من الأشخاص حول العالم إلى التألّق والتميّز في حياتهم العملية، إلاّ أنّ قليلاً منهم ينجحون في الوصول إلى أهدافهم، وذلك لأنّهم تقيّدوا والتزموا بمجموعة من المقوّمات الأساسية التي ساعدتهم على تحقيق النجاح وهي: الإلتزام، الصدق، الأمانة، الثقة، السمعة الحسنة، المصداقية، الشفافية، الجديّة في العمل، المثابرة وتحدّي الصعاب. ولأنّني أؤمن بهذه المقوّمات حقّقت أسمى الأهداف واكتسبت ثقة المستثمرين ورجال الأعمال والمصارف التي ساهمت في نجاح مسيرتي المهنية المشرّفة.
ما هي أبرز المشاريع التي تتحضّرون لإطلاقها تباعاً؟ وما هي إستراتيجيتكم لعامي 2020-2021؟
أسعى بالتعاون مع شريكي في أميركا إلى تنفيذ مشروع ضخم يتمثّل ببناء عدد كبير من المحلات ليتمّ تأجيرها أو بيعها فيما بعد، ونعمل أيضاً على تشييد مجموعة من الفلل يبلغ عددها حوالى 60 تقريباً، لكن مع الأسف يحتاج مشروع الفلل إلى فترة زمنية طويلة ليصبح نافذاً، نظراً إلى تراجع حجم الطلب على شراء الوحدات السكنية وضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين نتيجة الأزمة الحالية وركود وجمود القطاع العقاري. أما بالنسبة إلى استراتيجيتنا لعامي 2020- 2021، فقد بدأنا منذ حوالى 5 أو 6 أشهر بتشييد نحو 400 مستودع بمواصفات عالمية على مساحة أرض كبيرة جداً مخصّصة للبناء والاستثمار، لتكون بمثابة مدينة صناعية تضمّ مخازن ومستودعات كبيرة الحجم يتمّ تأجيرها لتخزين مختلف البضائع من مفروشات وسيارات وغيرها. وسيتمّ الانتهاء من هذا المشروع بعد حوالى 9 أشهر. أمّا فيما يخصّ الاستثمار في دول الخارج، فليس لديّ طموح بالإستثمار وتوسعة أعمال شركة المقاولات في القارة الأوروبية أو الافريقية أو غيرها... لأنني أجهل سياسة دولها وأنظمتها الداخلية، لذا تتركّز مُجمل مشاريعي في الولايات المتحدة الأميركية لأنني على إطلاع دائم بسياستها المالية والإقتصادية الشفّافة.
ما هي الحوافز التي تقدّمها الحكومة الأميركية للمستثمرين الأجانب؟
مع الأسف، لا تقدّم الحكومة الأميركية أيّ حوافز إستثمارية إلى رجال الأعمال الأجانب لحثّهم على الإستثمار في البلد، بل يقتصر عملها على تسيير الأعمال الإدارية الروتينية ومراقبة عملية سحب القروض من المصارف وكيفية تشغيلها، ليتمّ فرض حزمة من الضرائب على نسبة الأرباح المحقّقة من المشاريع المنفّذة في البلد. بينما تشكّل المصارف حافزاً قوياً لرجال الأعمال لتنفيذ مشاريع إستثمارية واعدة في البلد من شأنها أن تحقّق منفعة مشتركة وتسهم في تطوير المجتمع الأميركي.
يُعاني لبنان اليوم من أزمة إقتصادية حادّة، برأيك ما هي أهمّ التوصيات أو المقترحات لتحريك عجلة الإقتصاد من جديد؟
يجب أن تعمد الحكومة الحالية إلى وقف مزاريب الهدر والفساد ومحاربة الفاسدين في السلطة الذين أقدموا على سرقة أموال الشعب ونهب مخصّصات المؤسسات العامة والوزارات وفتح اعتمادات لها في المصارف الأجنبية. أمّا بالنسبة إلى المعنيين والخبراء الاقتصاديين فيتوجّب عليهم اليوم وضع سياسة مالية إنقاذية تسهم في إعادة إنعاش الإقتصاد من جديد ومعالجة الأزمات الناتجة عن سوء إدارة مالية الدولة، ويجب التركيز على اعتماد العملة الوطنية في عملية التداول والاستثمار بدلاً من الدولار، فلبنان اليوم منهار وعدم إتخاذ إجراءات سريعة سيؤدّي إلى انهيار منظومته السياسية والمالية والاقتصادية بالكامل وسيخسر أحد أهمّ أعمدته ومرافقه الحيوية المتمثّلة بالمصارف. وللأسف الشديد، يحتاج لبنان من 5 إلى 10 سنوات على الأقلّ للنهوض من كبوته الإقتصادية وتحقيق مؤشرات نموّ حقيقية تساعد على تحريك عجلة الإقتصاد وتفعيل دور القطاعات الإنتاجية.
هل اهتزّت ثقتكم بلبنان وبات الحلقة الأضعف للتوجّه الإستثماري في السنوات المقبلة؟
لم تهتزّ ثقتنا بلبنان لكن بسبب الأوضاع الراهنة بات اليوم الحلقة الأضعف للإستثمار لتجنّب المجازفة والخسارة المالية المتوقّعة، لكن في حال تحقّق الاستقرار السياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة سأعمد إلى توسيع نطاق عملي بإنشاء شركة إنتاج ضخمة للمسلسلات تضمّ كبار الممثلين اللبنانيين والسوريين لوضع الدراما على الطريق الصحيح.
كلمة أخيرة...
أتوجّه بالشكر إلى مجلّتكم على هذه المقابلة المميّزة، وأنصح كل من يريد السير في طريق النجاح أن يتّبع مقولة "من جدّ وجد ومن زرع حصد"، فمن كانت لديه النيّة في تحقيق النجاح سيعثر لا محال على الطريق الصحيح الذي يخوّله بلوغ أسمى الأهداف.
تعليقات الزوار