خُلِق من رحم الأرض اللبنانية، فباتت معشوقته الأولى وملاذه الأخير، لذلك تخصّص في الهندسة الزراعية في الجامعة اليسوعية. اهتمامه بالزراعة والأرض أغنى خبرته وقاده إلى التميّز والنجاح، زرع معظم أنواع الخضار متسلّحاً بمواصفات ومعايير سلامة الغذاء التي تحمي المنتج والمستهلك اللبناني معاً. هو صاحب مجموعة "دُمّر" التي تتضمّن AGRIFRESH، المهندس الناجح والطموح جورج جوزف دُمّر، وعضو المجلس البلدي في زحلة. اجتمعت به مجلة "رانيا" في بلدية زحلة، وحاورته عن واقع الزراعة في البقاع والمشاكل والتحديات التي يواجهها، وعن شركته وأسباب نجاحها وتفوّقها في هذا المجال، وعن معايير سلامة الغذاء المُعتمدة من قبلهم، فكان الحوار التالي:
متى بدأتم العمل في مجال الزراعة؟
بدأنا عام 1930، واعتمدنا على زراعة الحبوب والخضار، وما زلنا حتى اليوم، ولكننا توسّعنا أكثر حتى أنشأنا مجموعة "دُمّر".
ما هي الشركات التي تنضوي تحت مجموعة "دُمّر"؟
تتضمّن مجموعة "دُمّر" العديد من الشركات، منها: "دُمّر الزراعية، "دُمّر" للاستثمارات السياحية، "دُمّر" للاستثمارات العقارية، شركة AGRIFRESHوشركة Papa Joeالمتخصّصة بألعاب الأطفال.
ما هي المعايير المعتمدة لسلامة المنتجات في AGRIFRESH؟
نتبع نظام (ISO, HACCP, GLOBAL GAP)، فإنّ جودة الغذاء ليست مسؤولية الصناعي وحده، بل هي نتاج توافر بنية تحتية متكاملة تتكوّن من أجهزة الرقابة، المختبرات، مراكز الأبحاث، المناطق الصناعية المتخصّصة، برامج التوعية والإرشاد للمستهلك والمصنع على حدّ سواء والكوادر البشرية الماهرة والمتخصّصة. ونحن نعمل بشكل صحيح، ونعطي قيمة مضافة لمنتجاتنا الزراعية في صناعة الخضار المقطعة والمعقمة والجاهزة للاستخدام، ولكلمنتج زراعي شهادة GAP، ومن دونها لا يدخل مرحلة التصنيع. هذه الشهادة تتمثل في ملاحقة المنتج منذ كونه بذرة، وحتى تحوله إلى نبتة، ويتمّ فحصه مخبرياً لضمان خلوّه من ترسبات الأدوية والأسمدة. كما نعتمد على أماكن مخصّصة لتنظيف خزانات الأدوية من دون التسبّب بتسرّب هذه المواد إلى التربة التي قد تشكل ترسبات في المياه الجوفية. ويقوم مختبرنا داخل المعمل بإجراء الفحوصات، ولضمان السلامة الغذائية أكثر، نجري أيضاً الفحوصات في مختبري الدولة وغرفة التجارة في زحلة. كما نقوم بتدريب وتأهيل الكوادر العاملة لدينا كل ثلاثة أشهر تقريباً في فرنسا أو ألمانيا.
كيف تصنّف عملكم على صعيد السوق اللبناني؟
AGRIFRESHالأولى في لبنان والشرق الأوسط على صعيدي الآلات الموجودة والمنتجات، ونعمل وفق نظام تعديل الغلاف الجوي داخل عبوّة المنتج. وقد زارنا مؤخراً السفير البريطاني، وأثنى على الجهود التي نبذلها لتحقيق الجودة والنوعية في عملنا، وجاءت هذه الزيارة إثر الدراسة التي أجرتها السفارة البريطانية لمعامل الصناعات الغذائية في لبنان، حيث كانت النتائج إيجابية.
ما هي أبرز المشاكل والتحدّيات التي تواجه هذا القطاع؟
يعاني قطاع الصناعات الغذائية اللبنانية، كغيره من القطاعات الإنتاجية في لبنان، من الأوضاع السياسية والأمنية المتردية التي يمرّ بها لبنان حالياً، فمنذ بداية الأزمة السورية، يمرّ القطاع الزراعي بأسوأ حالاته، ولا أرى حلاً في الأفق مع استمرار مشكلة توقف خط الشحن البري. وهناك فائض كبير في الإنتاج. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الشركات الزراعية قادرة على الصمود في وجه هذه الظروف، وتبقى "الحسرة" على المزارع الصغير، فهو كما يقال: يشكّل "فرق العملة". بالإضافة إلى تراجع الحركة الاقتصادية وبخاصة في القطاع السياحي، ما يؤدّي إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني، من دون نسيان التكلفة التشغيلية التي تصل إلى حدود غير منطقية في بعض الأحيان.ولا يخفى على أحد معاناتنا من ناحية المواصلات والمياه الملوّثة نتيجة تسرّب مياه الصرف الصحي إلى النهر، لذا نعتمد في عملية الري على آبار خاصة قمنا بإنشائها، وتخضع كل 15 يوماً إلى فحوصات احترازية.
ما هو عتبك على كل من الوزارات التالية:
وزارة الزراعة: ليس عتباً بمعنى الكلمة، وإنما تمنٍّ بدعم أكثر للمزارعين وبخاصة الصغار منهم، عبر خلق تعاونيات حقيقية، والوقوف إلى جانبها ودعمها بكافة الوسائل المتاحة.
وزارة الصناعة: أتمنّى منها تقديم المساعدة عبر البحث عن أسواق جديدة لنا، ودعمنا فيما يتعلّق بمسألة التصدير.
وزارة الماليّة: التخفيف من عبء الضرائب الذي أثقل كاهل الصناعيين.
وزارة الصحّة: أطلب من وزارة الصحّة أن تشدّد الرقابة على المنتجات الزراعية والمعامل والمصانع بشكل أفضل، وأن تتابع باستمرار كل من يعمل في لبنان، وكذلك مراقبة المطاعم وأسواق الخضار.
ماذا تطلب من الحكومة اللبنانية؟
أن تلتفت إلى القطاع الزراعي، وتناقش ما نعانيه من مشاكل، وتعمل على تطويره، لأنّه من القطاعات الأساسية التي ترتكز عليها معظم الصناعات الأولية.
هل تعتقد أنّ السبب في هذا الإهمال والتقصير، مردّه إلى إفلاس الدولة؟
لا أعتقد أنّ الدولة اللبنانية "مفلسة"، ولكن سوء الإنفاق والهدر أوصلا الدولة اللبنانية إلى ما هي عليه اليوم.
برأيك، هل سيحافظ لبنان على مساحة الأراضي الخضراء؟
لا أعتقد ذلك، ولا أرى مستقبلاً لجيل زراعي جديد. فالتلوّث الذي ينتشر في بيئتنا اليوم، بالإضافة إلى التمدّد السكاني الحاصل باتا يهدّدان هذه المساحات. لذا يجب على الدولة أن تأخذ خطوات فعلية في هذا الاتجاه، وأن تجعل نسبة الاستثمارات %5 بدلاً من %30.
ما هي استراتيجيتكم الجديدة لعام 2018 على صعيد AGRIFRESH؟
لدينا استراتيجية جديدة للعمل تتناسب مع احتياجات السوق، وسنتوجّه لإيجاد أصناف جديدة ذات كميات محدودة يتمّ تسويقها وبيعها وتصديرها بشكل أسهل.
بما أنّك عضو مجلس بلدي، كيف ترى زحلة اليوم، وما الذي أعادها إلى الخريطة السياحية في لبنان؟
زحلة "عروس البقاع"، وقد غابت في الماضي عن السياحة بسبب الحروب، ولكنّها تعود اليوم أقوى من ذي قبل بفضل جهود أبنائها، وبالتعاون مع البلدية التي تبذل جهداً كبيراً في سبيل إنجاح المهرجانات والنشاطات التي تشهدها البلدة، بالإضافة إلى وجود عنصر الشباب ضمن مجلسها. ففريق عملها متضامن، ويكنّ المحبة والاحترام بعضه بعضاً على الرغم من تعدّد واختلاف انتماءاتهم السياسية.
أين يصل طموح جورج دُمّر؟
أعتبر نفسي رجلاً ناجحاً في عملي، ولكن التحدّي يكمن في المحافظة على هذا الشعور. فالنجاح لا يرتبط بالمردود المادي، وإنّما في القدرة على الاستمرار بالمستوى نفسه من الجودة والنوعية في العمل. ويعتبر هذا تحدياً كبيراً بالنسبة لي، وأنا أعمل للمحافظة على مصداقيتي ونجاحي.
تعليقات الزوار