نادى على مدار 8 أعوام بفصل الاقتصاد عن السياسة، وبإعطائه الأولوية في مراحل عدّة، لأنه عصب الحياة، ولا يمكن لأي بلد الاستمرار من دونه. رئيس غرفة التجارة الدولية وجيه البزري يرفع الصوت عالياً لإنقاذ اقتصاد لبنان الذي بات انهياره وشيكاً. وهو يطالب بوضع خطة اقتصادية عمادها تحفيز الاستثمارات، ولجم العجز في الموازنة، بالإضافة إلى لجم الدين العام ووقف الفساد. ويبقى الأمل قوياً في أن يشهد لبنان مرحلة جديدة، وفق ما وعد به الرئيس سعد الحريري، حين قال: "بعد الانتهاء من قانون الانتخاب، سيكون هناك أولوية للاقتصاد".مجلة "مشاريع الخليج" حاورت وجيه البزري وكان هذا اللقاء.
في ظلّ الوضع الذي يعيشه لبنان اليوم، هل تمكّنت برأيكم الهيئات الاقتصادية من وقف انحدار المؤسسات نحو الهاوية؟
ليس بإمكان الهيئات الاقتصادية وقف الانحدار. جلّ ما باستطاعتها فعله هو إيصال صوتها وتسليط الضوء على المشاكل، في حين تقع المسؤولية على الحكومة. والمعالجة باتت ضرورة ملحّة، وعلى زعماء الحكومة اتخاذ خطوات فعلية في هذا الصدد، في سياق النظر إلى الشقّ الاقتصادي.
هل تعتقدون أنّنا نمرّ في أسوأ مرحلة اقتصادية، وبأي قدرة لا يزال الوضع متماسكاً؟
وضعنا الاقتصادي ليس في أسوأ حالاته، ولكن بقاء أعضاء الحكومة في سجال مستمرّ سيأخذنا إلى نتائج لا تحمد عقباها. تماسك الاقتصاد حالياً لا يعني دوام حاله مستقبلاً. فكلّ يوم يحمل في جعبته الأسوأ للبنان. اليوم نشهد إفلاس بعض الشركات الكبيرة، وما تبقى منها لا يزال يصارع، في الوقت الذي لا يدري أحدٌ متى تحين ساعة السقوط.
كيف أثّرت العلاقة مع دول الخليج في مجمل الوضع الاقتصادي؟
يُعتبر الخليج العربي شريان الدم الرديف الذي يغذّي لبنان. وبانقطاعه اليوم، لم يبق لنا مصدر آخر. فأي معضلة اقتصادية نتعرّض لها، لا نجد أيّ خطة بديلة تنقذ الوضع. لذا يجب على الحكومة التحرّك بشكل سريع لوضع سياسة اقتصادية طارئة، لأنّ الوضع أصبح مُحرجاً ولم يعد يحتمل التسويف.
هل حجم المدخول لدى المستهلك يمكّنه من تحريك العجلة الاقتصادية؟
أصبحت الإمكانيات المادية ضئيلة جداً، خصوصاً في ظلّ انعدام السياحة الخليجية وانقطاع المواصلات البرية بين لبنان والخليج العربي، ممّا أثّر في كلّ الجوانب، سواء أكانت زراعية أم صناعية وتجارية. الخطوة الأهمّ الواجب القيام بها، من دون تردّد، هي وضع برنامج والعمل على إيقاف الهدر.
ما رأيكم في موضوع الضرائب؟
إنّها مصيبة المصائب. فلم يعد بمقدور المواطن اللبناني تحمّل أعباء معيشية إضافية. وإذا تمّ إقرارها فسينهار اقتصاد لبنان.
بحثتم عن سبل تعزيز الشراكة والتعاون في التجارة والاستثمارات بين لبنان وأفريقيا، فماذا نتج من ذلك؟
تمّت مناقشة أبعاد المؤتمر الذي نظّمه وزير الخارجية والمغتربين للّبنانيين المنتشرين في أفريقيا، بمشاركة وفد لبناني على مستوى الهيئات الاقتصادية. وقد أوجد المؤتمر انطباعاً إيجابياً لدى الجميع، إذ شكّل نقطة تواصل بين رجال الأعمال اللبنانيين في الداخل والخارج، خصوصاً الموجودين منهم في أفريقيا. لذا نعود للقول إنّ هناك أملاً أساسياً في المغتربين، ضمن القارة السمراء تحديداً. فهم ما زالوا يشكّلون مصدر رزق للبنان عبر تحويلاتهم المالية المتكرّرة.
كيف سنقوم بحماية الصناعات اللبنانية من المنافسة؟
جميع القطاعات اللبنانية تأثرت سلباً وتضرّرت نتيجة الصناعات السورية الرديفة، هذا واقع مفروض سواء أحببناه أم لا. لكن من المهمّ خلال هذه المرحلة التكيّف مع هذا الواقع بأفضل الطرق. ويجب على الحكومة وضع الضرائب كتلك التي يتمّ جمعها من المصانع اللبنانية، وأن تُخضع السوريين للقوانين المرعية الإجراء، كما في موضوع مستحقات الضمان الاجتماعي وضريبة الـTVA. بهذا تتوقف الفوضى، ونحمي الصناعة اللبنانية واليد العاملة، وتصبح المنافسة شرعية.
بصفتكم رئيساً لغرفة التجارة الدولية، ما هو الدور الذي تقومون به لدعم التجارة اللبنانية؟
تقوم غرفة التجارة الدولية بدورها، من خلال مجالس رجال الأعمال، كالمجلس اللبناني ـ التركي، وعدّة مجالس أخرى، فتشجّع التواصل بين رجال الأعمال اللبنانيين وآخرين في دول العالم. ولربّما يخلق ذلك فرصاً جديدة لاستثمارات واعدة. لكن نتيجة تأزّم الأوضاع في الخليج العربي، نحاول البحث عن أسواق بديلة كالأفريقية والروسية. والمبادرة التي تولاها الرئيس عدنان القصار، في ما يخصّ المشاريع الاستثمارية على طريق الحرير، ستكون نقلة مهمّة للبنان، عند قيام الصين بالاستثمارات التي تحدثت عنها، خصوصاً في مجال مشاريع البنى التحتية، فيما يبقى على الدولة تسهيل الأمور.
ما هو سبب صمود القطاع المصرفي في ظلّ ما يعانيه لبنان حالياً؟
أشاد الجميع بسياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي استطاع برغم جميع العواصف التي مرّت على البلد أن يحافظ على الوضع الاقتصادي في حدّه الأدنى النقدي بطريقة سليمة، ممّا جنّب لبنان خضّات كبيرة. جميع الهيئات الاقتصادية كانت في انتظار قرار التجديد، ليس لعدم وجود بديل له، بل لأننا اليوم في منتصف العاصفة، ولا وقت للتغيير. وعلى العكس تماماً، يجب علينا توجيه الشكر للحاكم لقبوله تجديد حمله الثقيل. فهذا التجديد ليس بتشريفٍ، وإنّما هو تكليف ثقيل الوزن. أعتقد أن البنك المركزي وجمعية المصارف هما الجناحان اللذان يحفظان الوضع الاقتصادي في البلد.
تعليقات الزوار