منذ انتخابه رئيساً لمجلس بلدية بيروت قبل 4 سنوات، انكبّ هو وأعضاء المجلس، على وضع خطط واتخاذ قرارات تعود لمصلحة وإنماء مدينة بيروت وتسهيل متطلبات وشؤون أبناء العاصمة وسكانها، إلا أنّه اصطدم بالخلفية التي كانت مسيطرة على أداء المحافظ السابق والتي أدّت إلى عرقلة تنفيذ عدد هام من المشاريع وأخَّرت إنجازها.
ومع تعيين محافظ جديد لمدينة بيروت فإن المجلس البلدي ورئيسه على كامل الإستعداد لإرساء علاقات التعاون والتنسيق المستمرين بين السلطتين التقريرية والتنفيذية في البلدية لإطلاق المشاريع الإنمائية التي تهم العاصمة والتي طال انتظارها في أدراج المحافظ السابق.
مجلة "رانيا" التقت رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت، الدكتور المهندس بلال حمد، الذي تحدّث بمرارة عن المرحلة العصيبة السابقة، والمرحلة الحالية وإنجازات ومشاريع البلدية.
يجري التداول عن محاولات لإلغاء دور المجلس البلدي لمدينة بيروت والسعي لإنشاء مجلس موسّع لبيروت وضواحيها، ما صِحة ذلك وما هو موقفكم؟
في الحقيقة، لقد شكّل الرئيس ميشال سليمان لجنة برئاسة الوزير السابق زياد بارود لتحضير مشروع اللامركزية الإدارية، وقد استبشرنا خيراً بذلك، ككلّ البلديات، لأنّ نظامنا يعتمد حالياً على المركزية. البلديات حالياً ليس لديها السلطة للعمل الإنمائي من دون أجهزة الرقابة المختلفة والعودة إلى وزارة الداخلية والروتين الإداري والتدخل في أدقّ التفاصيل وأصغرها، ما يزيد من هذا الروتين ويؤخر تنفيذ المشاريع المقرّرة.
وينص قانون البلديات الذي يعود إلى السبعينيات من القرن الماضي ضمن المرسوم 118 على أن السلطة التنفيذية تعود إلى رئيس المجلس البلدي، وقد ميّز بلدية بيروت، وأناط رئاسة السلطة التنفيذية بالمُحافِظ المُعيّن وأخضع كامل المصالح والموظفين لسلطة المحافظ، وليس لرئيس البلدية المُنتخب.
كما أنّ القانون يوجب على المحافظ تنفيذ قرارات المجلس البلدي، وقد خضنا تجربة مريرة مع المحافظ السابق ناصيف قالوش الذي اعتمد سياسة الكيدية ومنع وعرقلَ الكثير من المشاريع وتدخّل في الكثير من التفاصيل التي تُسهّل التواصل بين الدوائر ورؤساء المصالح والموظفين مع رئيس المجلس البلدي لا بل فرض عقوبات على أيّ موظف ينسق مع رئيس البلدية أو حتى يزوره دون موافقته، الأمر الذي أدى إلى إشكاليات دائمة بين رئاسة المجلس البلدي والمُحافظ.
أمّا اليوم، وبعد تعيين القاضي زياد شبيب مُحافظاً جديداً فإن الأمل يحدونا لترسيخ التعاون والتنسيق بين السلطتين. ومن البديهي القول إنّ مصلحة أبناء بيروت وقاطنيها هي الهدف الأول والأخير والمجلس البلدي للمدينة ورئيسه مستعدان للقيام بكل ما من شأنه أن يحقق الهدف الإنمائي لبيروت من خلال الإجتماعات المتواصلة والتنسيق المستمرّ لكي تعود بيروت فعلاً درّة المتوسط. مع الإشارة إلى ان تحقيق هذا الهدف مرهون بمدى تجاوب محافظ المدينة مع هذا التوجّه.
ما هي الإنجازات التي حقَّقها المجلس البلدي خلال السنوات الأربع الماضية؟
بالمبدأ، لا بُدّ من الإشارة أولاً إلى أنّ مُعظم الملفات التي أقرّها المجلس البلدي خلال الفترة المذكورة وعرقلها المُحافِظ السّابق، كان بالإمكان تنفيذها ومضاعفتها فيما لو توفّر لنا التعاون الإيجابي حينها، ورغم ذلك فإنّي أفتخر بالإنجازات المُحققة، فمنذُ تسلّمنا المجلس البلدي وضعنا رؤية لمختلف الحقول تناولت البُنى التحتية، الحدائق والمساحات الخضراء، المواقف والسير، بالإضافة إلى تنظيم البلدية التي كانت بحاجة إلى تسهيل شؤون المكلفين وذلك من خلال تحديث الموقع الإلكتروني الذي يلحظ دفع الرسوم عبر المصارف وتبليغ المكلفين بقرارات المجلس البلدي ونشره بكلّ شفافية، وهذا ما منع إنجازه أيضاً المُحافِظ السابق. إلا أنّنا اليوم وقد تبدّلت الأمور ونحنُ في طور اعتماد هذه الرؤية بالإضافة إلى تعديل بعض الهيكليات في مصالح البلدية، وجمع مصالح البلدية الموزعة بين 33 مركزاً تابعاً للبلدية، وحصر بعضها في مبنى المالية المركزي الذي يجمع مصالح التفتيش والمؤسسات المُصنفة في مبنى مساحته المبينة حوالى 5000 متر مربع، وتأمين مواقف للسيارات يُسهِّل معاملات المُكلفين والمُراجعين.
وكان من أولويات مطالبنا للمحافظ الجديد تنفيذ هذه القرارات المُجمَّدة، ونشير في هذا المجال إلى أننا بانتظار إشارة الإنطلاق كما نشير إلى أننا نعمل حالياً على ترميم المبنى التاريخي للمالية، فيما بات الموقع الإلكتروني في طور الإنجاز والذي سيظهر قريباً بشكل مُبسَّط ومُفعّل يتضمَّن جميع القرارات الصادرة عن البلدية ويُسمَح بتلقّي الشكاوى والتواصل مع المواطنين.
كيف يُمكِن الاستفادة للمراجعين من هذا التطوّر، وما هي التسهيلات المُدرجة؟
لقد اعتمدنا في مشروع الخريطة الموحّدة للمخططات في مدينة بيروت على نظام GISالذي يُسهِّل حاجات المواطنين من استخراج أيّ خريطة مطلوبة خلال دقائق معدودة، وبعد أن أصبحت مُخزّنة وتعتمد على نظام GIS، ولا تحتاج سوى استخراج الخريطة المطلوبة برقم العقار والمنطقة وبالتالي ختمها وتوقيعها مع الطابع المطلوب. وهذا المشروع سيتُمّ تلزيمه للتنفيذ ويحتاج تنفيذه إلى مُدّة سنة تقريباً.
وما هي الإنجازات على صعيد البنى التحتية في المدينة؟
على صعيد البنى التحتية، فإنّنا نفتخر بما تمّ إنجازه على هذا الصعيد وقد تعهّدنا بأن تصبح شوارع مدينة بيروت عصية على أي فيضان لمياه الأمطار، ويمكنني القول إنّه في منتصف العام 2015 القادم، ستكون البنى التحتية على أتمّ الاستعداد لمواجهة تصريف مياه الأمطار، علماً أنّ السنوات الثلاث الماضية كانت واضحة المعالم لمدى المتغيّرات التي أُنجِزت على هذا الصعيد. علماً أنّ أعمالنا تمّت بالتوازي مع إنجاز خطوط تصريف المياه الآسنة.
وماذا عن انجازات البنى الفوقية للمدينة؟
في ما يخُصّ البنى الفوقية من تجميل وتحديث وصيانة الشوارع والأرصفة، لقد عمّمنا ما تمّ انجازه في وسط بيروت التجاري إلى عدد كبير من شوارع العاصمة، فقد تمّ انجاز العديد بل معظم الشوارع الرئيسية في بيروت وأرصفتها وأعمدة الإنارة فيها، وقد جرى تلزيم العديد من الشوارع بما فيها المنسية منها والمهملة تاريخياً.
أمّا في ما يتعلّق بالمساحات الخضراء والحدائق، فمن المعلوم أنّ المجلس البلدي يضمّ عدداً من المهندسين الأكفّاء الذين يحملون أفكاراً تعتمِد الحداثة لأيّ مشروع، وقد تمّ التعاون مع القطاع الخاص وأنجزنا إعادة تجميل حديقة الصنائع، كذلك حدائق حوض الولاية والوردية وقريباً بدء الأعمال في حديقة مار نقولا، كما سيتُمّ قريباً تلزيم حدائق السيوفي والكرنتينا وحديقة المفتي حسن خالد التي سيتم تحديثها وإنشاء مواقف سيارات تحتها بمواصفات حديثة من خلال شركة مُختصّة.
أمّا حرش بيروت، فقد انتهينا من دراسته، ونحن في طور تحضير دفتر الشروط لتلزيم إستكمال إنشاءاته وصيانته وإدارته ومن المتوقّع أن يفتح أبوابه للعموم خلال العام المقبل 2015.
تعاني المدينة من أزمة تأمين المياه منذ عام تقريباً، ما هي إجراءات بلدية بيروت في هذا المجال؟
إنّ المجلس البلدي لمدينة بيروت حريص على دراسة البدائل لتأمين النقص الحاصل في المياه، وقد اقترحت لجنة الجفاف في مجلس الوزراء التي يرأسها الوزير سمير مقبل وتضُمّ ثلاثة وزراء من بيروت هم ميشال فرعون ومحمد المشنوق وأرتور ناظريان، على بلدية بيروت طلب تغطية تكاليف مشروع بالتعاون مع وزارة الطاقة لتأمين 80 ألف متر مكعب من خلال حفر آبار لحلّ مشكلة النقص في المياه، وقد اتخذنا قراراً بتنفيذه على نفقة البلدية.
كان لبلدية بيروت مساهمة هامّة في مركز مستقلّ للأمن العام لمحافظة بيروت، كم بلغت قيمة المساهمة؟
إنّ مشروع مركز الأمن العام لمدينة بيروت، تمّ بمباركة الرئيس سعد الحريري وبالتعاون مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وقد تبنّت بلدية بيروت إعادة ترميم المبنى الذي تمّ إنجازه، وقد ساهمت البلدية بمبلغ 500 ألف دولار.
تعاني أنفاق بيروت من إهمال مُزمن وحاجتها إلى الصيانة الدورية، ما هي الإجراءات المُتخذة لا سيّما مع تنفيذ مشاريع أنفاق جديدة؟
لا شكّ أن صيانة الأنفاق كان من صلب اهتماماتنا، وهذا الملف أصبح جاهزاً للتلزيم، لا سيّما مع استلام نفق بشارة الخوري خلال شهر أيلول مع الإشارة إلى أنّنا أنجزنا تأهيل عدد من الجسور كجسور الكولا و حوض الولاية و"الفيات" وسليم سلام عند "الكولا".
يبقى أن أؤكد أن بيروت وإنماءها ومصلحة أبنائها وقاطنيها يجب أن تعلو على أية مصالح أخرى وبالتالي فإن إزدهار العاصمة على الصعد الإنمائية والثقافية والأمنية والإقتصادية والبيئية يحتل المقام الأول ويشغل الأولوية المطلقة في استراتيجية العمل البلدي المنتخب لتحقيق أماني وطموحات أهل بيروت والمؤتمن على مصالحهم.
تعليقات الزوار