حارب الفساد والزبائنية والبطالة المقنعة غير آبه بردود الفعل
في أعماق بيار بو عاصي أكثر من ثالوث مبني على منظومة قيم لا تتزعزع. فهو المدافع الصلب في زمن المقاومة العسكرية، والمحاور الدمث في عالم الديبلوماسية، ورجل الدولة والإنسانية في التجربة الوزارية. عرفه اللبنانيون كوزير للشؤون الاجتماعية في أول حكومة في عهد الرئيس ميشال عون. تعرفوا إلى قيمه الإنسانية وعدم تمييزه بين لبناني وآخر أو بين منطقة وأخرى. اعترف له الخصوم قبل الأصدقاء بشفافيته وتواضعه وحرصه على المال العام. سارع إلى محاربة الفساد والزبائنية والبطالة المقنعة غير آبه بردود الفعل الشعبوية. أقدم على إلغاء تعاقد الوزارة مع أكثر من 20 جمعية ومؤسسة لا تؤدّي المطلوب منها، كما وقف مدافعاً عن مؤسسات الرعاية الشريكة لوزارة الشؤون الاجتماعية متظاهراً إلى جانبها ومصرحاً: "أتحمّل المسؤولية الكاملة لكل ما يجري في وزارتي أمام الناس وأمام أجهزة البرلمان"، وأضاف: "لا تطلقوا النار على سيارات الإسعاف، لا ترموا الاتهامات جزافاً على الجمعيات والمؤسسات المتعاقدة مع وزارة الشؤون. إنها شريكنا الأساسي في الحفاظ على الأمن الاجتماعي. لقد بلغت مستوى من الاحتراف العالمي ولكن الأهم أنها فيض الحب ودفق العطاء وبحر من الإنسانية. زوروها قبل أن ترجموها".
هاجسه الحفاظ على المال العام، "مش رزق سايب إنه مال المواطنين، إنه ثمرة تعبهم، وكل قرش نهدره، نسرقه من أمام فقير ومحتاج"، يقول بو عاصي، ويقرن القول بالفعل، إذ برغم كل التدخلات والنصائح بالتراجع عن قراراته والتحذير من انعكاسها السلبي عليه كمرشح، وعلى فريقه السياسي، والقول له: "طنش، شو الدولة قايمة عكتافك؟"، أقدم على توقيف مشروع رصد النازحين السوريين في الوزارة الذي لم يعد مجدياَ وفق الآليات المعتمدة، بعد أن تمّت مضاعفة عدد العاملين فيه لتنفيعات سياسية. كذلك أعاد النظر ببرنامج "استهداف الأسر الأكثر فقراً"، حين خفّض عدد العاملين فيه بشكل كبير، وأدخل عليه مفهوم التخرّج لمساعدة الفقراء على إيجاد فرص عمل. كذلك خفّض بطاقات الفقر إلى 44 ألفاً، وفق ما حدّدت الدراسات العلمية، بعدما بلغ العدد 104 آلاف بطاقة، في تصرّفٍ يعكس مدى الفساد والزبائنية في لبنان. أنقذت تلك التدابير البرنامج المذكور لمصلحة المعوزين، فكان حيث لا يبالي الآخرون...عرفه الدبلوماسيون في بيروت وفي عواصم القرار رئيساً لجهاز العلاقات الخارجية في "القوات اللبنانية"، فكان دمث الأخلاق، محاوراً غير مساوم، ومسخّراً لعلاقات حزبه الواسعة في سبيل مصالح وطنه.
عرفه مجتمعه مناضلاً في صفوف المقاومة اللبنانية، وهو يعتز أنه معشر الشهداء، وأنه حمل السلاح دفاعاً عن منطق الدولة، يوم كانت مهدّدة بالانهيار، وعن مجتمعه يوم كان مهدداً بالزوال، حين انتقل من دراسة الحقوق في الجامعة اليسوعية إلى تأسيس معهد بشير الجميّل، وتخرّج فيه ضابطاً تبوأ مواقع متقدمة في سلاح المدرّعات وسلاح الجو في "القوات"... وهو عاش أوجهها الثلاثة: المقاومة العسكرية، المقاومة السلمية في زمن الاضطهاد في منفاه القسري في فرنسا، الذي امتدّ من عام 1991 حتى عام 2011، حين قاد المجموعة القواتية، وشارك في إحياء التيار السيادي، الذي ساهم في ثورة الأرز وإخراج سوريا من لبنان، وفي النضال الحزبي السياسي بعد عام 2005...
ولمنطقة بعبدا ثالوثية أيضاً في بيار بو عاصي المرشح عن أحد مقاعدها المارونية. هو ابن العبادية نموذج للعيش الواحد بين المكوّنين المسيحي والدرزي. تسأل بو عاصي عن برنامجه الانتخابي، فيقول: "بعبدا تحتاج الكثير، وأتعهّد بوضع كل طاقاتي في خدمتها، وبالسعي لرفع الغبن عنها. مشروعي الانتخابي هو مسيرتي النضالية والوزارية عبر التمسّك بصلابة بالسيادة وبحصرية السلاح بيد القوى الشرعية وبقرار الحرب والسلم ورسم علاقات لبنان الخارجية بيد الدولة وحدها، أو ببناء دولة القانون والمؤسسات والحرص على الشفافية وقدسية المال العام ومكافحة الهدر والزبائنية والبطالة المقنعة".ويستطرد: "همّي احترام كرامة الإنسان وحقه في العيش بشرف والسعي إلى السعادة، فلا يستجدي الطبابة أو التعليم أو فرصة عمل. وهاجسي صون هوية بعبدا التعدّدية واحترام خصوصية الآخر والحرية الشخصية". ويشدّد بو عاصي على ضرورة إنماء البشر والحجر معاً في بعبدا عبر وضع سياسات عامة تقارب الواقع عملياً، ووفق المعايير العلمية، وعبر الاعتماد أولاً على طاقات أبناء بعبدا وتنسيق الجهود في ما بينهم، والاستفادة من المساعدات والخدمات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية والدول المانحة. يشير إلى التمدّد العمراني العشوائي الذي يشوّه جمال منطقة بعبدا، ويشدّد على ضرورة تصنيف الأراضي حيث تدعو الحاجة لمنع ذلك، مع احترام التنظيم المدني. وكذلك يتوقف عند التناقض بين الاكتظاظ السكاني ساحلاً والتصحّر السكاني في قرى وبلدات الجبل، برغم قربها من العاصمة، معتبراً أن ارتفاع أسعار الشقق في الساحل قد يساعد على العودة إلى هذه القرى، إذا ما عادت الثقة وتأمّنت الطبابة والتعليم وفرص العمل وتمّ تشجيع الاستثمارات الصغيرة حيث يجب. يتناول واقع البنى التحتية من طرقات وشبكات مياه وصرف صحي، ويؤكّد أنّها لا تليق ببعبدا قلب جبل لبنان.وفي الختام نسأله ماذا توجه لأبناء بعبدا كي ينتخبوك، فيقول:"إذا اقتنعتم بأن تكون الدولة اللبنانية الوحيدة الحامية لأبنائها.إذا آمنتم بأن "ثورة الأرز" نفس سيادي حيوي للبنان.إذا اقتنعتم بأداء وزراء "القوات اللبنانية" الحكومي. إذا آمنتم بأنّ تطبيق القوانين واحترام عمل المؤسسات وحده الكفيل ببناء الأوطان.إذا اقتنعتم بأنّ الهدر والفساد أخطر ما يهدّد دولتنا ومجتمعنا.إذا آمنتم بأنّ النائب يجب أن يعمل بالتوازي على الشق التشريعي والإطار السياسي الوطني ومحاسبة الحكومة وعلى الواقع المجتمعي والإنمائي لمنطقته،فصوتكم التفضيلي يشرّفني".
تعليقات الزوار