عراقة النبيذ اللبناني تعود تاريخه الى 6000 سنة منذ عهد الفينيقيين، فالخمرة رافقت تاريخ كل الشعوب والحضارات التي تعاقبت على أرض هذا الوطن وهذه المنطقة. وكانت غالباً تعطي معنى دينياً اذ كانت تستعمل كمادة مقدّسة تقدّم الى الآلهة كذبيحة أو ترافق الاحتفالات الدينية والمناسبات الاجتماعية الكبرى فتضفي عليها البهجة والفرح. النبيذ اللبناني هو أحسن سفير للبنان الى الخارج وتصديره يعني تصدير صورة لبنان وهويته الأصلية.
أصبح لبنان من الدول المعروفة في إنتاج النبيذ عالمياً، ويشهد هذا القطاع نموّاً كبيراً عاماً بعد عام. تشكّل المنافسة المحليّة بين مصانع الخمور حافزاً مهمّاً لإنتاج مجموعة واسعة ومنوّعة من النبيذ، فلكل شخص رأيه ومذاقه والنوع المفضّل لديه. هذه المنافسة تتجلّى من خلال ما تقدّمه الشركات من عروض تُغري متذوّقي وعشّاق النبيذ بأفضل ما لديها، لذلك يقول صُنّاعه "بتحب لبنان إشرب نبيذه".
يحتوي النبيذ بشكل عام على أكثر من 600 مادة غذائية، مثل المعادن والفيتامينات وبعض أنواع مضادات الأكسدة والأنزيمات، وكل الدراسات أشارت إلى فوائد احتساء النبيذ وبشكلٍ يومي، فمن شرايين القلب مروراً بالأوعية الدمويّة ومعدّلات الكوليسترول في الدم والرئتين، وصولاً إلى دوره في مكافحة السرطان والسكري. يحمي النبيذ من فقر الدم بفضل احتوائه على الحديد، يساعد في عملية الهضم ويزيد من امتصاص الماغنيزيوم، الفوسفور، البوتاسيوم والزنك، يخفّف من نسبة الكوليسترول السيئLDL ويرفع من معدل الكوليسترول الجيدHDL ، يساعد في المحافظة على كثافة العظام، يخفّف من نسبة تشكّل الحصى في الكلى، يُعزّز قوة الذاكرة ويحسّن الحالة المزاجية.يشتهر مشروب النبيذ بلونين هما الأحمر والأبيض ومنذ فترة وجيزة أصبح متاحاً باللون الأزرق، بسبب نجاج فريق طلاب من جامعة "غيك" الإسبانية بترويج هذا النوع من النبيذ، وأصبح متوفراً في لبنان بصبغة لبنانية من "شاتو وديع".
النبيذ الأحمر: أكّدت الدراسات أن النبيذ الأحمر يتمتع بفوائد صحية واسعة لاحتوائه على نسبة مرتفعة من البوليفينول Polyphenols، وعلى مادة الريسفيراترول Resveratrolالغنية بمضادات الأكسدة Antioxydants، التي تقوم بمحاربة الجذور الحرّة ومنع تدميرها للخلايا، ما يؤدّي إلى خفض خطر نسبة الإصابة بأمراض القلب من خلال دوره المهم في تنشيط الأوعية الدموية وشرايين القلب. بالإضافة إلى دوره في تخفيض ضغط الدم وتالياً التقليل من معدل الوفيات بأمراض القلب. يحتوي على بعض المواد التي تحمي من الجلطات وترفع الـHDL ومن حيث النسبة المئوية للأكسدة، فإنّ كوباً من النبيذ الأحمر يحتوي على ما يُعادل 20 كوباً من عصير التفاح و7 من البرتقال. أما بالنسبة إلى الوحدات الحرارية، فإنّ كوباً من النبيذ يساوي حوالى 100 وحدة حرارية. وهنا لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ هذه المواد المضادة للأكسدة تحارب التجاعيد وتمنع الشيخوخة المُبكرة. كذلك تبيّن أنّ الأشخاص الذين يشربون النبيذ الأحمر بإعتدال، لديهم 34 في المئة نسبة أقلّ من الوفيات مقارنة بالذين لا يستهلكونه.
النبيذ الأبيض: يُصنّع من العنب الأسود الذي يخمّر من دون قشرته وهو مفيد للقلب بقدر فوائد النبيذ الأحمر، وذلك بفضل احتوائه على مادتي التيروزول والإيدروكسي تيروزول. أظهرت الدراسات أنّه يمنع انسداد الشرايين، لأنّه يتمتع بالقدرة على رفع الـHDL وخفض الـLDL وضغط الدم. لكن لا تحتوي كل أنواع النبيذ الأبيض على كميّات عالية من مضادات الأكسدة. يذكر أنّ النبيذ الأبيض يعزّز قدرة الجسم على امتصاص مضادات الأكسدة بشكل أفضل من تلك الموجودة في النبيذ الأحمر.
النبيذ الزهري: هو خليط من النبيذ الأبيض مع الأحمر، أو من استخدام قشر العنب الأسود في الفترة الأولى من التخمير ومن ثم إزالته.يأخذ لونه من النبيذ الأحمر ويتراوح بين اللونين البرتقالي والأرجواني. يُستخدم كفاتح للشهية، ويتناول مع اللحوم البيضاء بعكس النبيذ الأحمر. يحتوي على مضادات الأكسدة والبوليفينول التي تساعد في خفض الـ LDL، بالإضافة إلى البوتاسيوم الذي يعمل على خفض ضغط الدم، ويتميز بخصائص مضادة للالتهابات تفيد في خفض خطر الإصابة بالتهاب المفاصل. بالاضافة الى انه يحتوي على كمية وحدات حرارية أقلّ (82 وحدة حرارية(مُقارنة بالأنواع الأخرى من النبيذ.
النبيذ الأزرق: لم يكن هذا النبيذ رائجاً في لبنان قبل أن يبدأ الطبيب الجراح والمختص في صناعة الخمر بيتر أبي يونس في "شاتو وديع" بتصنيعه في العام الفائت. على علو 1300 متر في العاقورة - قضاء جبيل، تنتشر أجود وأفخر كروم العنب التي يمتلكها أبي يونس والتي ينتج منها نبيذه الأزرق. يشرح هذا الطبيب تركيبته الفريدة، بأنّ هناك مادة تدعى "الأنثوسيانين" موجودة في قشر العنب الأسود، وعند وضعها بالنبيذ الأبيض يتحوّل لونه إلى اللون الأزرق، وحول ابتكاره للنبيذ يشير الدكتور الى نوعين من النبيذ الأزرق:Dry Wine خالٍ من السكر ومذاقه مرّ، وآخر لديه طعم النبيذ المعتاد. بالرغم من أنه لم ينته البحث حول فوائده الصحية، لكننا نقدّم البعض منها: بما أنه من صنع العنب، نجد في هذه الفاكهة مادة الريسفيراترولResveratrol التي تحمي من أمراض القلب وتساعد في محاربة الـ LDL أو الكوليسترول السيئ في الجسم وترفع نسبة الـHDL أو الكوليسترول الجيد.مادة "الانتوسيانين" تلعب دوراً مضاداً للأكسدة وللالتهاب. يُضاف إلى النبيذ الأزرق نوع من المحلى الاصطناعي بكمية معتدلة، ممّا يجعل طعمه حلواً مقارنةً مع غيره، ومادة التلوين التي تستعمل في انتاجه طبيعية، لهذا لا تؤثر سلبياً على الصحة وعلى طبيعة النبيذ.
تعليقات الزوار