أضواءٌ ساطعة في الشوارع، وفي كلّ زاوية من زوايا المدينة. إزدحام سيارات، وعجقة ناس من طبقات المجتمع كلّه. حلّة جديدة وساحرة يرتديها لبنان، وهي مختلفة كلياً عن سابقاتها بفنّها وروعتها وجمالها...
لبنان كله لا بل العالم بأسره، يبتهج بقدسية هذا العيد، وما هو عليه من طهارة وبراءة وسلام...
إنّه عيد الميلاد المجيد..عيد السيّد المسيح!
ولكنّ معنى العيد اليوم، هل اختلف عمّا كان عليه في الأيام الخوالي؟ وهل البساطة التي امتاز بها أجدادنا في الاحتفال بهذا العيد هي نفسها اليوم؟!
نستطيع أن نقول: لا، لأنّ معظم الناس باتوا يربطونه ربطاً وثيقاً بالمظاهر السطحية والمادية بالتحديد.
العيد اليوم أصبح يُقاس، بالثياب الجديدة الباهظة الثمن، وبشجرة الميلاد، حيث يصرفون على زينتها أموالاً طائلة، وبشكل جنوني. عدا الهدايا التي تطلقها الشركات في السوق بإعلانات مغرية، يتم شراؤها. إلى ذلك الارتفاع الجنوني لأسعار المأكولات والمشروبات، والكثير من السلع بحيث بات الظنّ وكأنّ العيد، غدا سوقاً للتجارة، ومائدةً للتخمة والسكر...!
وعن التجار، فإنهم ينتظرون بفارغ الصبر، هذه الفرصة السنوية، وعيونهم على أموال الناس، أكانوا أغنياء أم فقراء، ليملأوا جيوبهم بالأرباح الطائلة...
وفي ظلّ وضع كهذا، يمكننا القول بالفم الملآن، إنّ الغنيّ يحتفل بالعيد فوق أريكةٍ من ذهب، والفقير بتعاسته وحسرته يتفرّج عليه ويتأوّه لو أنّ العيد لم يحلّ.
نعم، لقد نسي البشر جوهر العيد، وشقّه الإنساني والروحاني، وتناسوا أيضاً أنّ عيد الميلاد هو عيد الحبّ والرحمة والعطاء !
إلى ذلك، فهناك الأبراج والأفلاك، حيث يهبّ المتوقعون، وكأنهمّ قفير نحلٍ حُرّك بقوّة، ليطمئنوا الناس أو ليُرعبوهم من مستقبلٍ أيام قادمة عليهم، بما يكتنفها من تطورات غامضة وتحولات مجهولة!
وهكذا يغدو الكلّ بين متشائم من سنة خلت ومتفائل بسنة وافدة، وبين متفائل بالسنة التي انقضت ومتشائم من السنة الآتية، ويكون الضياع والارتباك والحيرة!
ربُّ الكون والبشر، ولد في مذود، ففرح به الرعاة، وزاره المجوس، وهلّلت لميلاده، البشرية جمعاء. ولد للحبّ والمسرّة وليكون نوراً يزيل الدجى عن وجه البشرية كلها، ولم يولد لفئة معينة من الناس من دون الأخرى.
كم رائعاً مشهد السيّد المسيح في المذود، وحوله أمّه العذراء، ويوسف البتول، والحيوانات تدفىء جسده، وعيناه تنظران بإلوهيّة إلى أعماق الكون والعالم!؟
هذا هو العيد بمعناه الحقيقي التجدّدي، مترافقاً مع عيد الرأس السنة، عيد الانتقال من مرحلة زمنية الى مرحلة زمنية أخرى.
ولكلّ المشاكل التي ترافق هذين العيدين الميلاد المجيد ورأس السنة، ربما يكون الحلّ الوحيد لفرح الجميع من دون استثناء، فتح قلوبنا وعقولنا وجيوبنا، لإعطاء الفقراء وإكسابهم البهجة والسرور، والإيمان المطلق بأنّ العيد للجميع...
كلّ عيد وأنتم بخير، وعاماً سعيداً.
تعليقات الزوار