علينا إيجاد حلّ لمشكلة النفايات
مع انتشار النفايات في كافة المناطق اللبنانية، لَمَس المواطنون ازدياداً بنِسَب الإصابة بالأمراض لا سيما السرطانية منها والتي بحسب إحصاءات وزارة الصحة ارتفعت في السنوات الأخيرة. هل النفايات هي السبب الوحيد لتفشّي هذه الأمراض أم هناك أسباب أُخرى كانت كفيلة بانتشارها بشكل كبير؟ رئيس قسم الدم والأورام في مستشفى أوتيل ديو الجامعي وجامعة القديس يوسف في بيروت البروفسور جوزيف قطان أجاب على أسئلتنا وأطلعنا على أنواع هذا المرض الخبيث.
لماذا اخترت هذا الاختصاص بالتحديد؟
منذ دخولي عالم الطب وحتى يومنا هذا، لا يزال السرطان من أخطر الأمراض وأصعبها، وتُعدّ مواجهته ومحاولة التخلّص منه أرقى الرسائل التي يمكن أن يقدّمها الطبيب. فمنذ ذلك الحين، نشهد معارك دائمة بين مرض السرطان والطب، لكن مع التطوّر الكبير الذي طرأ في هذا المجال أصبحت حوالي %70 من حالات السرطان تُشفى بأنواع العلاجات المتعدّدة والمتوفرة لدينا، إذ بات بحوزتنا أكثر من سلاح لمجابهة هذا المرض الخبيث والقضاء عليه.
ما هي أنواع السرطان الأكثر شيوعاً في لبنان؟
أنواع السرطان كثيرة ومختلفة عن بعضها بالأسماء والدرجات، فهي تتفاوت وفقاً للخلايا والعضو المسؤول عن انتشار المرض، ليصبح لدينا حوالي 200 إلى 300 نوع جميعها تعتمد على عمر الإنسان وقوّة مناعته، لذا من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار كافة العوارض والمؤشرات والتفاصيل عند تشخيص حالة المريض وقبل البدء بالعلاج. يتجه الطب هذه الأيام إلى "العلاج الشخصي" أي دراسة المرض بحسب كل شخص، فيجب أن ندرس "الكروموسوم" الذي أوكِلت إليه مهمّة تحويل الخلايا السليمة إلى سرطانية، والمناعة التي اشتركت في انتشار هذا المرض إذ إن طرق العلاج تختلف بين نوع وآخر، فليست جميع طرق العلاج مجدية لكل المصابين بمرض السرطان.
ما هي أهم أسباب السرطان، وكيف تؤثّر الحروب على ازدياد نِسَب الإصابة بهذا المرض؟
عوامل عديدة قد تكون سبباً للإصابة بهذا المرض، منها مرتبط بطريقة حياتنا، غذائنا، البيئة المحيطة بنا والظروف التي قد تُفرض علينا، ومن ضمن هذه الأمور تأخذ الحروب حيّزاً كبيراً إذ لوحظ ازدياد في نِسَب الإصابة بأمراض السرطان بعد اندلاع الحروب، إلاّ أننا لم نكن نعلم ما هو السبب الأساسي خلف ذلك، وبحسب ما بيّنت الدراسات لاحقاً أن الأسلحة المُستخدَمة تحتوي على مواد ومعادن وإشعاعات مُسرطنة قادرة على إصابة بعض أعضاء الجسم كالغدّة والجلد فتؤدّي إلى السرطان الذي من الممكن أن تتضاعف نسبته وفقاً لكمية المواد المشعّة التي قد يتعرّض لها الإنسان.
ما مدى تأثير وجود النفايات على ازدياد حالات السرطان؟
بحسب إحصاءات وزارة الصحة منذ عام 2003 وحتى 2016، تبيّن أنّ نسبة الإصابة بمرض السرطان في لبنان مرتفعة مقارنة مع الدول العربية المحيطة، فهناك حوالي 200 إلى 300 حالة جديدة على 100.000 شخص كل سنة. من هنا، نبدأ بدراسة العوامل المتوفرة في لبنان على عكس البلدان المجاورة التي قد تكون سبباً بانتشار الأمراض السرطانية بنسبة كبيرة، أول العوامل التي تتوارد إلى أذهاننا هي الشمس والتعرّض الكبير لأشعتها خاصة في فصل الصيف ما يؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، ولكن طبيعة ولون الجلد في لبنان يمنعان الخلايا السرطانية من الظهور أو التكاثر، وإلى جانب سرطان الجلد يوجد سرطان الأمعاء، الدم، الرئة، الثدي وجميعها في ازدياد، هذه الأنواع يُرجّح أن تكون ناتجة عن تفاقم أزمة النفايات ومشاكل التلوث بشتّى أنواعه، ورغم هذه المؤشرات إلّا أننا لا يمكننا أن نجزم بأن النفايات هي السبب الوحيد في انتشار مرض السرطان بكثرة، إذ لا توجد دراسات تؤكد هذه الفرضية، فهناك دول أوروبية نِسبة التلوّث فيها قليلة جداً وتعتمد أساليب متطوّرة للحفاظ على البيئة السليمة ومنع التلوّث ومع ذلك نجد أن أكثر حالات السرطان في العالم موجودة فيها. ولكن يمكن اعتبار التلوث مسؤولاً عن نشر الأمراض السرطانية نظراً للوقائع التي نراها ونلمسها ولأننا على يقين أن الطرق العشوائية المُعتمدة للتخلص من النفايات كحرقها بالهواء الطلق تؤثّر بشكل كبير على صحة الإنسان، رئته، شرايينه والأوكسيجين الذي يتنشّقه. وسواء ثبُت أم لم يثبت أن النفايات هي سبب انتشار وازدياد نسب السرطان في لبنان، يجب اعتبارها مسؤولة وعلينا إيجاد حلول مناسبة وفعّالة للتخلّص منها، فما نعانيه من أمراض بالتنفّس، الربو، سرطان الرئة، قصور في دقات القلب وتصلّب الشرايين وغيرها كاف للتحرّك وإيجاد حلّ مناسب.
هل ما زال هناك خوف من ذكر مرض السرطان واستبداله بعبارة "ذاك المرض"؟
من الطبيعي أن يشكّل السرطان نوعاً من الخوف لدى الأشخاص، لكن يجب أن لا يؤدي الخوف إلى عدم مواجهة المرض وتسميته، علماً أن هذه الظاهرة قلّت بعدما بات هذا الموضوع متداولاً بشكل كبير في الإعلام وفي ظلّ ازدياد حملات التوعية بهذا الخصوص، كما أنه مع تطوّر الطب تكون فرص الشفاء من السرطان أعلى.
ما هي صحّة مقولة إنّ العلاج الكيميائي يسرّع بموت المريض؟
لا صحّة لهذه المقولة، لكنّنا الآن في عصر التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يمكن لأيّ شخص أن يكتب ما يريد ويقنع الناس به دون حسيب أو رقيب، لكن هذه الشائعات لا يجب أن تؤثّر على العلم والطب. من جهتي، لا يمكنني أن أنصح باعتماد أيّ نوع من العلاجات إلّا بعد دراسة ملفّ المريض وتشخيص المرض بطريقة صحيحة كما ذكرت سابقاً، عندها أستطيع تحديد طريقة العلاج المناسبة فبعض أنواع السرطان لا تتجاوب مع علاجات معيّنة.
تعليقات الزوار