أتطلّع إلى استقدام تقنيات حديثة لاستئصال المرارة عبر الفم والمعدة
الأطباء اللبنانيون هم الأبرع عالمياً
أثمرت جهوده في عالم الطب إنجازات كبيرة كان أوّلها استئصال المرارة من السرّة والمهبل، بالإضافة إلى إنجازاته في مجال العمليات الجراحية لمعالجة السمنة. إنّه الدكتور اللبناني أنطوان كاشي الأشهر في اختصاصه والذي لا يتوانى عن المشاركة في أي مؤتمر دولي من أجل الاطلاع على أحدث التقنيات الطبية واستخدامها في بلده لتحقيق نجاحاتٍ طبية أكبر على المستوى الوطني. أجرينا مقابلة مع الدكتور كاشي في المركز الجديد للمستشفى اللبناني الجعيتاوي الجامعي المتخصّص في جراحة البدانة ليطلعنا على آخر المستجدات في الجراحة العامة التنظيرية.
كيف تعرّف عن السمنة وما تأثيرها على صحة الإنسان؟
السمنة هي مرض مُزمن يجتاح العالم كلّه ويؤدّي إلى الإصابة بعدّة أمراض وهي:السكري، ارتفاع ضغط الدمّ، ارتفاع الكولسترول، توقف التنفّس خلال النوم، أمراض القلب والسكتة القلبية، أمراض سرطانية عدّة مثل: أورام القولون، الثدي، المبيض، البروستات والمعدة، أمراض المفاصل وتأخّر الإنجاب عند النساء واضطرابات الدورة الشهرية. هذا وقد أثبتت الدراسات أنّ السمنة تؤثر على عمر الإنسان حيث تؤدّي إلى الوفاة المُبكرة.
كيف تشخّص سمنة كل شخص ومتى تنصح بإجراء العملية؟
أفضل السبل لقياس السمنة هي عبر مقارنة وزن المريض مع طول قامته باستخدام ما يُعرف بإسم مؤشر كتلة الجسم (Body Mass Index: BMI)وهو عبارة عن قسمة الوزن بالكيلو غرام على مربّع الطول بالمتر، إذا كان المعدل:أقلّ من 18.5 يكون الوزن تحت المعدل الطبيعي، وإذا كان ما بين 18.5 و 25 يكون الوزن مثالياً، لكن في حال كان ما بين 25 و 30 يكون الوزن زائداً، وبين 30 و 35 تكون السمنة من الدرجة الأولى وبين 35 و 40 تكون من الدرجة الثانية، أما أكثر من 40 فتكون السمنة من الدرجة الثالثة. ننصح بإجراء العمليات الجراحية في حالتين فقط، إذا كان معدل كتلة الجسم أكثر من 40 أو إذا كان أكثر من 35 مترافقاً مع وجود أحد الأمراض المصاحبة للسمنة (داء السكري، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع معدل الكولسترول...). قبل اللجوء إلى العلاجات الجراحية يجب التأكّد من أنّ السمنة ليست ناتجة من قصور في عمل الغدد الصمّاء، ففي هذه الحالة يجب معالجة المرض الرئيسي.
ما هي أسباب السمنة؟
تحدث السمنة عندما يتناول الشخص سُعرات حرارية أكثر ممّا يستطيع أن يحرق، وتشير الدراسات إلى أنّ هناك أكثر من سبب لحدوث السمنة ومنها: العامل الوراثي وهناك عائلات تعاني بكامل أفرادها من السمنة، العامل البيئي، العامل النفسي مثل الاكتئاب، الملل والحزن، العامل الهرموني مثل مرض الغدة الدرقية، عدم ممارسة النشاط الرياضي وأحياناً الأدوية لأنّ البعض منها قد يؤدّي لزيادة الوزن مثل المواد التي تساعد على بناء العضلات والأدوية المضادة الاكتئاب ومشتقات الكورتيزون.
هل معدّلات السمنة في لبنان مرتفعة؟
هناك ارتفاع ملحوظ في معدلات السمنة في المجتمع اللبناني، ففي العام 1997 صدرت عن الجامعة الأميركية في بيروت دراسة حول نسب البدانة لدى اللبنانيين، وأظهرت الدراسة أنّ 17% من الشباب اللبناني يعاني من أزمة البدانة، وقد تكرّر إجراء هذه الدراسة في العام 2009 حيث أظهرت النتائج أن نسبة البدانة ارتفعت إلى 26%. بالرغم من ارتفاع النسب بين الأعوام 1997 و 2009، إلاّ أن نسبة البدانة في لبنان لا تزال الأدنى ما بين الدول العربية التي تسجل أوّلها الكويت بنسبة (42.8%)، الإمارات (33.7%)، الأردن (34%)، السعودية (35.2%) ومصر (35%).
هناك عدة عمليات لإنقاص الوزن منها Gastric Banding ،Sleeve ، وGastric By Pass ، ما الفرق بينها؟ وأي تقنية هي الأصعب طبياً؟
أكثر العمليات إنتشاراً في العالم وخاصة في لبنان هي الـ Sleeve ، كوننا نتّبع التطورات العالمية.
- عملية تدبيس أو تكميم المعدة بالمنظار (Laparoscopic Sleeve Gastrectomy)وهي عملية سهلة وسريعة بحيث تستغرق حوالي الأربعين دقيقة، ويُستخدم فيها المنظار. بعد إجراء عملية الـ Sleeveلن يحتاج المريض إلى مكمّلات غذائية كالفيتامينات، الإبر والحبوب، وذلك على عكس العمليات الأخرى.
- تحويل مجرى المعدة بالمنظار (Laparoscopic Gastric By Pass)وهي عملية أكثر تعقيداً من الـ Sleeve Gastrectomyبحيث تستغرق حوالي الثلاث ساعات، يتم قطع جزء من المعدة من ثم توصيلها وتحويلها إلى مجرى المصران ممّا يجعل نسبة إمتصاص الفيتامينات من الأكل أقل، فيصبح المريض مُجبراً على تناول الفيتامينات ليعوّض عن النقص الحاصل.
- عملية ربط المعدة بالمنظار(Laparoscopic Gastric Band) وهي عملية تستغرق حوالي النصف ساعة ولكنها أصبحت عملية نادرة جداً، تقوم بها فقط نسبة 2% من الجرّاحين في العالم.
أيّ من هذه العمليات تعدّ الأفضل على المدى الطويل؟
تعتبر عملية تكميم المعدة أو(Sleeve Gastrectomy)من أحدث وأنجح العمليات الجراحية للتخلّص من السمنة المفرطة. حالياً، إنّها أكثر العمليات شيوعاً في معظم أنحاء العالم وذلك بعد مرور 18 عاماً على إجراء أول عملية في الولايات المتحدة عام 2000. فبعد أن أثبتت العملية فاعليتها وقدرتها على التخلّص من الوزن الزائد، زادت نسبة إجرائها أضعافاً خلال السنوات العشر الماضية.
ما هو سبب هذا الإنتشار السريع لعملية التكميم أو(Sleeve Gastrectomy)؟
تُعتبر عملية تكميم المعدة آمنة إذا تمّ إجراؤها في مراكز متخصّصة وعلى أيدي جرّاحين مهرة، لذلك فهي تجذب إهتمام الراغبين في التخلّص من الوزن الزائد. هذه العملية تحصد نتائج باهرة، حيث تؤدي إلى تقليل كمية الأكل من خلال تقليل الشهية. ومن أهم ميزاتها إمكان إجرائها خلال وقت قصير، ما ينعكس إيجاباً على تقليل مضاعفات التخدير، والبقاء في المستشفى لفترة قصيرة تتراوح بين اليوم واليومين.
كيف تجري عملية تكميم المعدة؟
إجراء العملية يتمّ بواسطة المنظار الجراحي عن طريق خمسة ثقوب لا تتعدى السنتيمتر الواحد ويتمّ إغلاقها بشكل تجميلي. وبعد استئصال الجزء الأكبر من المعدة، أي حوالي 75 إلى 85% منها، يتمّ إزالة الجزء المنفصل من المعدة إلى خارج الجسم ما يساعد المريض على الحدّ من كمية الطعام التي يستطيع تناولها، كما تُستأصل الخلايا التي تفرز هرمون Ghrelin المسؤول عن زيادة الشهية.
ما هي نوعية الدباسات المُستخدمة في عملية تكميم المعدة بالمنظار؟
هذه الدباسات مصنوعة من معدن التيتانوم الذي لا يسبّب أي عوارض جانبية أو أي تأثير سلبي على جسم المريض، وهي أميركية المنشأ وتستخدم في أميركا وأوروبا على حدّ سواء. وجود هذه الدباسات لا يتعارض مع التصوير بالرنين المغناطيسي ولا يشكّل أي عائق في دخول المطارات.تجيز هذه الجراحة خسارة 60 إلى 70 % من الوزن الزائد خلال مدة تتراوح بين 6 و 8 أشهر.
هل اختيار نوع العملية يعود للمريض أم للطبيب؟
إن المريض ليس على إطلاع بالعمليات الجراحية لذلك يجب على الطبيب أن يقوم بشرحٍ مفصّل للتقنيات المتعددة لجراحة البدانة، فيقوم بإرشاد المريض حول العملية التي يجب إجراؤها، بناءً على الحمية الغذائية التي يتّبعها، فبالنسبة للأشخاص الذين يتّبعون حمية غنية بالسكريات ننصح بإجراء عملية الـ Gastric By Pass، بينما ننصح الأشخاص الذين يتناولون طعاماً غنيّاً بالنشويات والملح إجراء عملية Sleeve Gastrectomy. إن إختيار التقنية الأنسب يعتمد أيضاً على السن، فكلما كان المريض أكثر شباباً يُنصح بإجراء عملية الـ.Sleeve أما المعيار العالمي المُتّبع في إختيار العملية الجراحية، فيتم اللجوء بالدرجة الأولىإلى إجراء عملية الـ GastrectomySleeve، وفي حال حدوث فشل للعملية الجراحية لسبب ما، فنخيّر المريض ما بين إعادة إجراء عملية الـ Sleeve أو الـ Gastric By Pass.تم إجراء دراسات لمقارنة العمليات، وتبيّن أن الـ Sleeve Gastrectomyأفضل من الـGastric Banding، فنسبة 65% من الناس الذين يخضعون لعملية الـ Gastric Bandingسيضطرون في مرحلة معينة لإعادة إجراء عملية أخرى، ذلك لأنّ الحلقة Bandالتي تُستخدم في العملية تسبّب مشاكل في المعدة، مثل خرق، نزيف، خنق المعدة، تغيّر مكان الحلقة، أو لأن المريض يعود فيستعيد وزناً إضافياً.
هل عملية استئصال جزء من المعدة من الممكن أن تسبّب أية عوارض جانبية، وما هي؟
إنّ العملية بحدّ ذاتها لا تسبّب أي عوارض، خاصة إذا كانت التقنيات المستخدمة أثناء العملية الجراحية جيدة. أظهرت كل الدراسات أن استئصال جزء من المعدة لا يسبّب أي انهيار في الجسم أو انخفاض حادّ في نسبة الفيتامينات، بالعكس فإنّ العملية تستأصل الجزء الذي يؤدّي إلى ازدياد سعة المعدة، كما أن عملية الـ Sleeve Gastrectomyتستأصل الخلايا التي تفرز هرمون Ghrelinالمسؤول عن زيادة الشهية.
هل من الممكن أن يستعيد الشخص وزنه بعد فترة من إجراء العملية؟ وما هو الحدّ الأقصى لاستعادته الوزن الزائد؟
بالتأكيد، مهما كان نوع التقنية المُستخدمة يمكن للمريض أن يستعيد وزناً. 60% من الأشخاص يحافظون على الوزن الذي خسروه، في حين أن 20 و 30% من الأشخاص يستعيدون الوزن، ذلك يعود إلى خبرة الجرّاح، ومستوى انضباط المريض في كمية السعرات الحرارية التي يتناولها، ونوعيّة الغذاء الذي يتبعه. إنّ التزام المريض بالتمارين الرياضية والابتعاد عن تناول النشويات بحسب طلب الطبيب، يسهمان في الحفاظ على الوزن الذي أوصله إليه الجرّاح، أما في حال استعادة الوزن فتُعالج المشكلة إمّا مع أخصائي تغذيةDietician أو يتم إجراء عملية جراحية أخرى. أما في ما يخصّ عدد الكيلوغرامات التي قد يعاود المريض استرجاعها بعد العملية، فما من سقف محدّد للأرقام لكننا لا نقوم بإجراء عملية أخرى إلاّ بعد احتساب مؤشر كتلة الجسم (BMI)الذي يجب أن يكون فوق الـ 35.
في حال أجريت عملية الـ Sleeve Gastrectomyواستعاد الشخص وزناً زائداً، هل بإمكانكم إجراء العملية مجدداً؟
في هذه الحالة، نقيّم مدى تمدّد حجم المعدة فإمّا نقوم بإجراء عمليةGastrectomy Re- Sleeveأي إعادة قطع جزء من المعدة، أو نجري عملية Gastric Bypassأو Mini Gastric By passوإعادة تحويل مجرى المعدة.
كنت أول من أجرى عملية لاستئصال المرارة بالمنظار عبر ثقب بالسرّة ومن ثم عبر المهبل، ماذا ستقدّم من جديد وتكون السبّاق في مجالك؟
في العام 2009، أجرينا أول عملية لاستئصال المرارة عبر السرّة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وفي عام 2010 استأصلنا المرارة عبر المهبل في مستشفى الـ Belle Vue Medical Center(BMC)، فإنّ الجرّاح يسعى دائماً إلى التطوّر. أتطلّع اليوم إلى استقدام تقنية الـ Trans- Gastric Cholecystectomyالتي يعملون على تطويرها في أوروبا وتحديداً في فرنسا منذ حوالي السنتين. هذه التقنية الحديثة هي عبارة عن استئصال المرارة عبر الفم والمعدة، بحيث يدخل المنظار من الفم إلى المعدة ويخرج إلى جوف البطن ليتم إجراء العملية الجراحية في المرارة. تتطلّب هذه العملية فريقاً طبياً ذا مهارات عالية مؤلفاً من جرّاح وطبيب جهاز هضمي. سنأتي بهذه التقنية إلى لبنان فور التأكّد من أنّها أصبحت جيدة جداً، إذ أنّ التأكّد منها لا يزال طور البحث.
تشارك في عدة مؤتمرات طبية خارج لبنان، برأيك هل الأطباء اللبنانيون تخطّوا كفاءة الأطباء في الخارج؟
نحن كأطبّاء نلتزم بما تفرضه علينا نقابة الأطباء، ومن الأمور التي تشترطها النقابة علينا حيازة أرقام عالية في الـ Continuous Medical Education (CME)الذي هو عبارة عن نقاط نحصدها بعد حضورنا للعديد من المؤتمرات والمحاضرات. إنّ الأطباء اللبنانيين بارعون لأنّهم يحضرون مؤتمرات في أوروبا، الولايات المتحدة الأميركية وفي الدول العربية، كما أن الأطباء اللبنانيين الذين يعملون في دول الاغتراب بارعون جداً، فهم أساتذة في الجامعات ويقومون بمساعدة الجامعات في لبنان وخاصة الجامعة اللبنانية عبر قيامهم بمؤتمرات في الجمعية اللبنانية للجراحة العامة.
تعليقات الزوار