لنسترجع على مهل تاريخ هذا الوطن رويداًرويداً ونكتشف عن كثب دوره السياحي في المنطقة، نعلم بأنه كان بوابة الشرق نظراً لموقعه الجغرافي ودوره الحضاري وهمزة الوصل ما بين الغرب والشرق، لذا قوامه الأساسي السياحة التي أول ما تحتاجه لتفعيل دورها الأمن والإستقرار.
وطن صغير بمساحته حباه الخالق بمزايا النِعمْ من طبيعة خلابة إلى أرشفة بالآثار إلى منبع للعلم والثقافة ونحن مُقبلون على موسم سياحي نتساءل من أية بوابة يدخل السائح إلى وطننا وكل المنافذ مغلقة والأوضاع الإقتصادية خانقة ولقمة العيش ضائعة ما بين الإضرابات والإحتجاجات بينما ناسه وقادته ونوّابه غارقون في تجاذبات سياسية قرارها ضائع وسبُل حلولها معقّدة؟.
نستعيد الوطن بقراءة عابرة نستذكر المهرجانات العريقة التي نالت صبغة عالمية وتندرج إلى الذاكرة النهضة الفنية التي عاشها لبنان في مطلع الستينات والسبعينات من القرن الماضي، يوم سطّر على صفحات التاريخ المعاصر، إنجازات عملاقة عالمية مثل فوز جورجينا رزق ملكة جمال الكون أو وقوف السيدة فيروز على خشبة مسرح الأولمبياد، أو يوم أقيم إحتفال للشعر العربي كرّم فيه الأخطل الصغير و غيرها من الندوات والحركات الثقافية التي دعمت تفعيل الدور السياحي والسياحة في لبنان لها خصوصيتها، لأنّ أرض هذا الوطن أطلقت القداسة فباتت بيروت قبلة أنظار المؤمنين الوافدين من كل أنحاء العالم للحجّ إلى القديسين الذين رفعت هالاتهم فوق المذابح.
أيضاً كان للسياحة الجمالية دورها بفضل مهرجانات الجمال التي عملت على تصدير الجمال اللبناني إلى الخارج. لم يكن هذا الوطن الصغير يعتمد على ثرواته الدفينة بالأرض، بقدر ما اعتمد على ذهنية وفكر أبنائه وشعبه العريق ليشقّ عباب المجهول ممثّلاً أشرف وأسمى المراتب في الخارج. هل نحن خائفون اليوم على جمال وسحر طبيعة لبنان؟ نعم لأننا على مشارف الهاوية وقد تسرّب الاسمنت والعمران الى إغتيال عذرية الطبيعة فيه، فأفقد القرية مناخاتها القروية وبدأنا نتحوّل شيئاً فشيئاً الى آلة إحساسها ومشاعرها عصب المادة.
"لبنان يا قطعة سما" اللوحة الغنائية الباقية من إرث الخالد وديع الصافي، تأمرنا بإيقاظ حسّ المسؤولية حيال هذا القطاع المهم من قطاعات هذا الوطن و بالتالي توقظ فينا حسّ الإنتماء، لأننا فخورون بهذه المساحة الضئيلة التي أنجبت هذه الإبداعات. تعوّدنا على الأمل في كل الأزمات والمحن التي عصفت بنا، اعتدنا على الصبرمثل أيّوب ولكنّنا اليوم نرفع صرخة الإستغاثة مطلقين النداء، دعوا قطاع السياحة بأمان، إِفتحوا الأبواب المغلقة، أيقظوا الحسّ الفني لنستطيع أن ننعم هذا العام بموسم سياحي مشرق وحيوي يعيد إلى الوطن أنفاسه المسلوبة، ينعش رئته المريضة بالتجاذبات السياسية ويفتح سبُل الحياة لسدّ العجز في بقية القطاعاتالأخرى. دعوا الشمس تشرق من جديد ومدرج المطار متأهّب للإستقبال والتوديع، فويّلٌ لنا أن يتحوّل بلد حباه الخالق بِنـعمْ ِالجمال إلى صحراء جرداء تناشد الحياة بلا أمل.
رئيسة التحرير
رانيا ميال
تعليقات الزوار